هلوسات ضياع الصحوات
د. عماد الدين الجبوري
نقلت صحيفة لوس أنجلز الأمريكية تحذيرات لبعض ما يسمون بقادة الصحوات من اندلاع حرب في بغداد إذا خرجت القوات الأمريكية من المدن العراقية ولم توفر لهم الحماية الواجبة تجاه ما ترتكبه حكومة الاحتلال ضدهم من قتل واعتقال ومطاردة الخ. وأكدوا قائلين: "خلال ست ساعات سنقوم بإنشاء جماعات من أجل مواجهة الحكومة الفاسدة".
وذكرت الصحيفة أيضاً قول هؤلاء القادة الذين كانوا ضباطاً في الجيش العراقي السابق، أنه في حالة فشل جهودهم للدخول في قوات الجيش الحكومي ودفع الحكومة التي يسيطر عليها طائفيون للاعتراف بهم، فإنهم سيعيدون تشكيل وحداتهم وقواتهم. وأضافوا أنهم سيبدأون معركتهم ضد الحكومة أما حالاً بعد خروج القوات الأمريكية المحتلة أو بعد الانتخابات العامة أو بداية العام القادم لكن الحرب قادمة لا محال.
وكذلك أشارت الصحيفة نقلاً عنهم أنهم يراقبون الحكومة وهي تقتل وتعتقل عناصرهم في الوقت الذي وافقوا فيه على حبس النار في بنادقهم، بينما يلاحظون عجز القوات الأمريكية عن توفير الحماية لهم ومنع حملة الاعتقالات ضد قيادات الصحوات. وتخشى الصحيفة من فشل هذه التجربة أن ينعكس سلباً على خطط القوات الأمريكية في نقلها إلى أفغانستان لتجنيد جماعات مسلحة ضد حركة طالبان. وفي هذا الصدد عرضت رأيين الأول يخص خبير في الشؤون الدفاعية يرى أنه في حالة فشل أمريكا بحماية أصدقائها العراقيين فمقاتلو طالبان الراغبون بالتعاون مع أمريكا سيفكرون مرتين. والثاني مسؤول أمريكي يعترف أنه هناك حالة من الإحباط بين قادة الجيش الأمريكي ومسؤولي السفارة من فشل جهودهم بالتوفيق بين الحكومة وقادة الصحوة. ويرون أن عودة العنف ما هو إلا مسألة وقت.
الواقع أن حالة الهلوسة التي وصلت إليها مجالس الصحوة هي نتيجة طبيعية لنهاية طريق هم الذين اختاروا بدايته. فلوا كانوا ذو بصيرة ثاقبة وفكرٍ واعٍ وإيمان حقيقي بعملية الجهاد القتالي ضد العدو المحتل، لِما اصطفوا بين صفوفه بحجة طرد المتشددين من مجاميع القاعدة، والتي انتهت بمجابهة فصائل المقاومة الوطنية المسلحة. أن الساعات الست التي يتحدثون عنها إنما تنم عن هلوسة حقيقية يعانيها هؤلاء الأشخاص الذين ضيعوا بوصلة الرشاد. إذ لا هم بقوا مستمرين في خندق المقاومة العراقية ليخلدهم التاريخ في أبهى صوره. ولا هم ضمن تركيبة القوات الحكومية ليقبضوا كما يقبض بقية اللصوص في السلطة. ولا حتى الأمريكان حافظوا عليهم، بل رموهم كما يُرمى منديل المخاط لوساخته.
ثم أن مطالبة قادة الصحوة من الأمريكيين بضمان الحماية لهم من تحرشات الحكومة وحملات الاعتقال، فإن ذلك يدل على ضعف الموقف وتراجع القوة. كونهم وحدهم الآن بالساحة بعد أن خدموا الدور المطلوب منهم وفق المرحلة المرسومة التي لم يحسنوا التفكير في عواقب نتائجها. ويكفي اللوعة التي يعنيها هؤلاء الأشخاص بسبب أن القادة الأمريكيون لم يقدموا أي إجابة واضحة لمطالبهم.
وعندما تنقل صحيفة لوس أنجلز رأي قيادي تحت أمرته 12 ألف مقاتل بأن الخيار الأخير هو العودة للسلاح وما يمنعه الآن هو أمله في تحرك الأمريكيين للتوسط في حل سلمي. وقال أيضاً أنه في حالة خروج الأمريكيين فالشوارع ستعود إلى المقاومة، فهناك غليان خاصة أن الجميع يعرفون أن الحكومة الحالية هي ممثلة لإيران.
أن هذا القول فيه حشو وإدغام لجوانب متعددة من جهة، وتخبط في تشخيص وتقييم الواقع من جهة أخرى. ولتوضيح ذلك نقول:
1- أن العودة لحمل السلاح هنا ليس الهدف منه تحرير الوطن من براثن قوات الاحتلال الأمريكي ومخالب حكومته التي راحت تنهش حتى بالصحوات. وإنما من أجل مصلحة قادة الصحوة في الحفاظ على مكاسبهم المادية من جاه ومال وسلطة. وبالتالي شتان بين الهدفين في حمل السلاح.
2- أن الحديث عن غليان الشارع العراقي، فالغليان ليس صكاً يقبض ثمنه قادة الصحوة بمجابهة حكومة الاحتلال. بل هو فعل من الأفعال الشعبية المرتبطة بالمقاومة الوطنية وقواها المناهضة للاحتلال. فهذا الغليان هو الامتداد الطبيعي لتلك القوى التي تمثل نبض الشارع العراقي منذ دخول قوات الاحتلال الأمريكي إلى بغداد في التاسع من نيسان/أبريل عام 2003 ولحين تحقيق النصر بتحرير البلاد.
3- بالنسبة إلى أن: الجميع يعرفون أن الحكومة الحالية هي ممثلة لإيران. فهذه اللغة تنطق بنصف الحقيقة، ولا تشير إلى النصف الآخر المتعلق بالجانب الأمريكي. وهذه هي إحدى أهم الأحابيل الأمريكية التي سقط في شراكها مجالس الصحوة، وما زالوا عالقين فيها. وكأن قتل الاحتلال الأمريكي إلى مليون عراقي وتشريد أكثر من خمسة ملايين لم توقظهم بعد!!
4- أما مسألة الانتظار لحين خروج قوات الاحتلال الأمريكي من المدن لتتصادم عناصر الصحوة مع حكومة الاحتلال. فهذا ضرب آخر من الهلوسة وضياع الطريق من أقدام مجالس الصحوات. لأن هكذا مجابهة تتطلب جماهير شعبية تحتضن مقاتلين صادقين ومخلصين لأهدافهم التحررية، وليس المقاتلين الضعفاء أمام الدولار الأخضر والمنحنين تجاه أطماع دنيوية من مناصب سياسية وصفقات عملية أو تجارية أو غيرها. هذا إن لم نشير إلى كيفية نزولهم للميدان وهم مكشوفون أصلاً لدى المحتل الذي فرط بهم ولم يفرط بالحكومة. هذه الحكومة الطائفية التي وافقت على انخراط مجالس إسناد العشائر الجنوبية في قوات الحكومة، بينما ترفض هذا الأمر مع مجالس الصحوة.
ومع كل ذلك نكرر ما قاله بعض قادة المقاومة والقوى المناهضة للاحتلال وكل مخلص وشريف، أن الطريق القويم التي تستعيد فيه عناصر مجالس الصحوة كامل ثقلها وحيويتها هو الإسراع بترك هذه المجالس والالتحاق بصفوف المقاومة بعد التوبة إلى الله والاستغفار عما فعلوه تجاه أبناء جلدتهم. وربة ضارة نافعة، فالاحتلال الأمريكي قد تخلى عنكم أو باعكم إلى حكومته التي تطاردكم وفقاً لمخططات صفوية تعلمونها جيداً. ولقد سقط منكم الكثير الواحد تلو الآخر. فماذا تنتظرون؟
د. عماد الدين الجبوري
نقلت صحيفة لوس أنجلز الأمريكية تحذيرات لبعض ما يسمون بقادة الصحوات من اندلاع حرب في بغداد إذا خرجت القوات الأمريكية من المدن العراقية ولم توفر لهم الحماية الواجبة تجاه ما ترتكبه حكومة الاحتلال ضدهم من قتل واعتقال ومطاردة الخ. وأكدوا قائلين: "خلال ست ساعات سنقوم بإنشاء جماعات من أجل مواجهة الحكومة الفاسدة".
وذكرت الصحيفة أيضاً قول هؤلاء القادة الذين كانوا ضباطاً في الجيش العراقي السابق، أنه في حالة فشل جهودهم للدخول في قوات الجيش الحكومي ودفع الحكومة التي يسيطر عليها طائفيون للاعتراف بهم، فإنهم سيعيدون تشكيل وحداتهم وقواتهم. وأضافوا أنهم سيبدأون معركتهم ضد الحكومة أما حالاً بعد خروج القوات الأمريكية المحتلة أو بعد الانتخابات العامة أو بداية العام القادم لكن الحرب قادمة لا محال.
وكذلك أشارت الصحيفة نقلاً عنهم أنهم يراقبون الحكومة وهي تقتل وتعتقل عناصرهم في الوقت الذي وافقوا فيه على حبس النار في بنادقهم، بينما يلاحظون عجز القوات الأمريكية عن توفير الحماية لهم ومنع حملة الاعتقالات ضد قيادات الصحوات. وتخشى الصحيفة من فشل هذه التجربة أن ينعكس سلباً على خطط القوات الأمريكية في نقلها إلى أفغانستان لتجنيد جماعات مسلحة ضد حركة طالبان. وفي هذا الصدد عرضت رأيين الأول يخص خبير في الشؤون الدفاعية يرى أنه في حالة فشل أمريكا بحماية أصدقائها العراقيين فمقاتلو طالبان الراغبون بالتعاون مع أمريكا سيفكرون مرتين. والثاني مسؤول أمريكي يعترف أنه هناك حالة من الإحباط بين قادة الجيش الأمريكي ومسؤولي السفارة من فشل جهودهم بالتوفيق بين الحكومة وقادة الصحوة. ويرون أن عودة العنف ما هو إلا مسألة وقت.
الواقع أن حالة الهلوسة التي وصلت إليها مجالس الصحوة هي نتيجة طبيعية لنهاية طريق هم الذين اختاروا بدايته. فلوا كانوا ذو بصيرة ثاقبة وفكرٍ واعٍ وإيمان حقيقي بعملية الجهاد القتالي ضد العدو المحتل، لِما اصطفوا بين صفوفه بحجة طرد المتشددين من مجاميع القاعدة، والتي انتهت بمجابهة فصائل المقاومة الوطنية المسلحة. أن الساعات الست التي يتحدثون عنها إنما تنم عن هلوسة حقيقية يعانيها هؤلاء الأشخاص الذين ضيعوا بوصلة الرشاد. إذ لا هم بقوا مستمرين في خندق المقاومة العراقية ليخلدهم التاريخ في أبهى صوره. ولا هم ضمن تركيبة القوات الحكومية ليقبضوا كما يقبض بقية اللصوص في السلطة. ولا حتى الأمريكان حافظوا عليهم، بل رموهم كما يُرمى منديل المخاط لوساخته.
ثم أن مطالبة قادة الصحوة من الأمريكيين بضمان الحماية لهم من تحرشات الحكومة وحملات الاعتقال، فإن ذلك يدل على ضعف الموقف وتراجع القوة. كونهم وحدهم الآن بالساحة بعد أن خدموا الدور المطلوب منهم وفق المرحلة المرسومة التي لم يحسنوا التفكير في عواقب نتائجها. ويكفي اللوعة التي يعنيها هؤلاء الأشخاص بسبب أن القادة الأمريكيون لم يقدموا أي إجابة واضحة لمطالبهم.
وعندما تنقل صحيفة لوس أنجلز رأي قيادي تحت أمرته 12 ألف مقاتل بأن الخيار الأخير هو العودة للسلاح وما يمنعه الآن هو أمله في تحرك الأمريكيين للتوسط في حل سلمي. وقال أيضاً أنه في حالة خروج الأمريكيين فالشوارع ستعود إلى المقاومة، فهناك غليان خاصة أن الجميع يعرفون أن الحكومة الحالية هي ممثلة لإيران.
أن هذا القول فيه حشو وإدغام لجوانب متعددة من جهة، وتخبط في تشخيص وتقييم الواقع من جهة أخرى. ولتوضيح ذلك نقول:
1- أن العودة لحمل السلاح هنا ليس الهدف منه تحرير الوطن من براثن قوات الاحتلال الأمريكي ومخالب حكومته التي راحت تنهش حتى بالصحوات. وإنما من أجل مصلحة قادة الصحوة في الحفاظ على مكاسبهم المادية من جاه ومال وسلطة. وبالتالي شتان بين الهدفين في حمل السلاح.
2- أن الحديث عن غليان الشارع العراقي، فالغليان ليس صكاً يقبض ثمنه قادة الصحوة بمجابهة حكومة الاحتلال. بل هو فعل من الأفعال الشعبية المرتبطة بالمقاومة الوطنية وقواها المناهضة للاحتلال. فهذا الغليان هو الامتداد الطبيعي لتلك القوى التي تمثل نبض الشارع العراقي منذ دخول قوات الاحتلال الأمريكي إلى بغداد في التاسع من نيسان/أبريل عام 2003 ولحين تحقيق النصر بتحرير البلاد.
3- بالنسبة إلى أن: الجميع يعرفون أن الحكومة الحالية هي ممثلة لإيران. فهذه اللغة تنطق بنصف الحقيقة، ولا تشير إلى النصف الآخر المتعلق بالجانب الأمريكي. وهذه هي إحدى أهم الأحابيل الأمريكية التي سقط في شراكها مجالس الصحوة، وما زالوا عالقين فيها. وكأن قتل الاحتلال الأمريكي إلى مليون عراقي وتشريد أكثر من خمسة ملايين لم توقظهم بعد!!
4- أما مسألة الانتظار لحين خروج قوات الاحتلال الأمريكي من المدن لتتصادم عناصر الصحوة مع حكومة الاحتلال. فهذا ضرب آخر من الهلوسة وضياع الطريق من أقدام مجالس الصحوات. لأن هكذا مجابهة تتطلب جماهير شعبية تحتضن مقاتلين صادقين ومخلصين لأهدافهم التحررية، وليس المقاتلين الضعفاء أمام الدولار الأخضر والمنحنين تجاه أطماع دنيوية من مناصب سياسية وصفقات عملية أو تجارية أو غيرها. هذا إن لم نشير إلى كيفية نزولهم للميدان وهم مكشوفون أصلاً لدى المحتل الذي فرط بهم ولم يفرط بالحكومة. هذه الحكومة الطائفية التي وافقت على انخراط مجالس إسناد العشائر الجنوبية في قوات الحكومة، بينما ترفض هذا الأمر مع مجالس الصحوة.
ومع كل ذلك نكرر ما قاله بعض قادة المقاومة والقوى المناهضة للاحتلال وكل مخلص وشريف، أن الطريق القويم التي تستعيد فيه عناصر مجالس الصحوة كامل ثقلها وحيويتها هو الإسراع بترك هذه المجالس والالتحاق بصفوف المقاومة بعد التوبة إلى الله والاستغفار عما فعلوه تجاه أبناء جلدتهم. وربة ضارة نافعة، فالاحتلال الأمريكي قد تخلى عنكم أو باعكم إلى حكومته التي تطاردكم وفقاً لمخططات صفوية تعلمونها جيداً. ولقد سقط منكم الكثير الواحد تلو الآخر. فماذا تنتظرون؟
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري