نهاية الاعوام السبع ...عبدالله الكباريتي
الليلة
لَمْ تَعُدْ مَعْرِفَةَ التَّارِيخَ لَهَا أَهَمِّيَّةً لَدَينَا جَمِيعَاً فَالأَرْقَامَ أَصْبَحَتْ مُؤَخَّرَاً مُرْتَبِطَةً بِالأَرْوَاحِ السَّاقِطَةِ مَعْ سُقُُوطِ قَذَائِفِ المَوتِ عَلَى الأَحْيَاءِ القَرِيبَةِ مِنْ أَحْيَاءٍ كَادَتْ أَنْ تَمْتَدُّ لِتُصْبِحَ أَقْرَبُ إِلَينَا مِنْ النَّهَارِ القَادِمْ ، أَرْهَقَنِي البَحْثُ عَنْ تَفَاصِيلَ أُخْرَى قَدْ تُشْغِلْ تَفْكِيرِي عَنْ مُتَابَعَةِ المِذْيَاعِ الكَاذِبِ وحَدِيثِ أُمِّي لِصَغِيرَتِهَا التِّي تَبْكِي حَسْرَةً عَلَى ضَيَاعِ عِيدِ مَوْلِدِهَا القَادِمْ ، أُحَاوِلُ النُّهُوضَ مُجَدَّدَاً مِنْ حَالَةِ الخُمُولِ التِّي وَضَعَتْنِي فِيهَا تَفَاصِيلَ الحَرْبِ البَارِدَةِ جِدَّاً التِّي يُمَارِسُهَا الاحْتِلالِ عَلَينَا مُنْذُ بِدَايَةِ مَطْلَعْ هَذَا الشَّهْر .
أَتَوَحَّدُ مَعْ الأنَا بِدَاخِلِي لِأبْحَثَ عَنْ مُدُنٍ فِيهَا الحَيَاةَ أَكْثَرَ اتِّسَاعَاً للحُبِّ والأحْلامِ أُحَاوِلُ المُرُورَ مِن خِلالِ التَّفَاصِيلِ المُتَبَقِّيَةَ إلى عَوَالِمٍ تَأخُذُنِي بَعِيدَاً عَنْ أصْوَاتِ الطَّلَقَاتِ السَّاقِطَةَ سُقُوطُ القَذَائِفِ فَوقَ رُءوسِ المُصَلِّينَ لَيْلاً والثَّورِيينَ نَهَاراً ، أَعْبَثُ قَلِيلاً فِي مَلَكُوتِ الرَّبِّ أرْفعُ مِن شَأنِهِ تَارةً وأَرْفُضُ فِكْرةَ حُضُورِه ألفَ مَرَّةً.
أمْشِي مُنْكَبَّاً عَلَى وَجْهِي وَحِيدَاً وَسْطَ طَرِيقٍ يَمْتَلِئ بَآخَرِينَ يَحْتَفِلونَ أَمامَ بَابِ مَخْبَزٍ مَا بِمُرُورِ الوَقْتِ واقْتِرَابِ دَوْرَهُمْ ، كَمْ هَذِهِ الحَيَاةَ بَائِسَةً يَا صَدِيقِي لَقَدْ أَصْبَحَ شُغْلَ الآخَرِينَ الشَّاغِلَ هُوَ رَغِيفِ الخُبْزِ أو قُوتَهُمِ اليَومِي ، لَقَدْ نَجَحَ الاحْتِلالُ فِعْلاً فِي ضَرْبِ المُجْتَمَعِ فِي عُمْقِ القَاعِدَة ، لَم يَكُنْ صَدِيقِي الذِّي أَتَحَدَّثُ إلِيهِ صُورةً لِجِسدٍ يَتْبَعُنِي أو لِرُوحٍ تَمُرُّ مِن جَانِبِي ولَكِنْ كَانَ الهَاجِسَ الوَحِيدُ الذِّي شَارَكَنِي لَيَالِي الحَرْبَ الطَّويلةَ كَانَ لَهُ اسمٌ أَقْرَبُ إلى بَاتْرِيسَ صَدِيقَ بَالُو كُولُو فَي رِوَايَتِهِ الشَّهِيرةَ والجَمِيلةَ تِلْكَ ، لَقَدْ صَنَعْتُ صَدِيقِي الآخَرَ بِكُلِّ التَّنَاقُضَاتِ التِّي أعْرِفُهَا أنَا والتِّي هِيَ مِنْ صَمِيمِي فِعْلاً وَمَنَحْتُهُ صِفَةَ الضِّدِ فِي كُلِّ شَيءٍ ، لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُتَّسَعٌ لِمُشَارَكَةِ الآخَرِينَ تِلْكَ الأفْكَارَ الدَّائِرةَ فِي ذِهْنِي كَوْنَ بَعْضِهِمْ أَصْبَحَ مَشْغُولاً فِي تَقَصِّي الحَقَائِقَ والآخَرْ فِي مُتَابَعَةِ الأخْبَارَ وآخَرونَ أعْرِفُهُمْ أَصْبَحَ ظِلَّهُمِ اللّيْلَ ونَهَارُهُم ثَبَاتٌ عَمِيقٌ ، لَم تَعُدْ الحَياةُ كَمَا عَرِفْتَها يَائِسةً ومُفَكَّكَةً ومُتْفَرِّدةً فِي إتْمَامِ يَومِكَ بِسَيلٍ مِنْ التَّسَاؤلاتِ القَاسِيةِ بَلْ أصْبَحَتْ أكْثَرَ بَشَاعَةً ومَرَارةً لَقَدْ تَمَادَتْ كَثِيراً هَذِهِ المَرَّة وَوَصَلَ بِهَا الحَالَ إلى أَبْعَادٍ قَدْ لا تَؤولُ الأحْوَالَ فِيمَا بَعْدَهَا إلى خَيْرٍ .
مَعْ مُرُورِ اليَومِينِ الأوَّلَ والأخِيرَ عَلَى بِدَايَةِ الحَرْبِ وَمَا تَوَسَّطَهُمْ مِنْ مَوْتٍ مُفْتَعَلٍ وِإسْقَاطٍ خَارِجٍ عَنْ مَبَادِئِ الإنْسَانِيَّةِ السَّامِيَةِ تَحَوَّلَ الأَمْرُ إلَى مَا خَلْفَ الحُدُودِ الأخِيرَةِ وَأَصْبَحْنَا نَحْنُ الثَّائِرُونَ فِي الدَّاخِلِ مَحَلَّ دُعَاءِ كُلَّ الشُّعُوبِ السَّاخِطَةِ عَلَى حُكُومَاتِهَا السَّاقِطَة فِي وَحْلِ التَّخَاذُلِ والعَارِ ، لَقَدْ تَعَرَّى اللَّيلُ مِنْ لِبَاسِهِ أخِيرَاً وَسَجَدَ للطُّرُقَاتِ المُمْتَلِئةِ بِالدِّمَاءِ والأشْلاءِ ومَارَسَ النَّهَارُ حَقَّهُ فِي نَقْلِ الحَقَائِقِ وَزَجِّ الأرْوَاحُ المُتَنَاثِرَةَ فَوقَ الأَزِقَّةِ وتَحْتَ الأبْوَابِ وإلى جَوَانِبِ النَّوَافِذِ المُحَطَّمَةِ فِي قُبُورِهَا الجَمَاعِيَّة ، لَمْ يَعُدْ هُنَاكَ مُتَّسَعُ للبَحْثِ عَن يَدِكَ يَا صَدِيقِي أخْبَرتُ أَحَدَهُم حِينَمَا تَمَرَّدْتُ أخِيرَاً عَلى خَوفِ أمِّي وقَلَقِ أخِي وارْتِباكِ أخْتِي وَخَرَجْتُ للحَربِ عَارِي اليَدَيْنِ والجَسَد أحْمِلُ فِي جَيبِي بَعْضَ سَجَائرِي وحُبُوباً اعْتَدْتُ مُؤَخَّرَاً عَلَيْهَا ، أَخْبَرْتُه أنَّنِي لَم اسْتَطِع الوُصُولَ إلى كَوْمَةِ الأشْلاءِ تِلْكَ كَي أَجْلِبَ لَه يَدَهُ المَقْطُوعةَ إرْبَاً كَونَهُم حَمَلُوا كُلَّ الأشْيَاءَ مِن هُنَاكَ إلى مَثْواهَا الأخِيرِ ، وأَخْبَرْتُهُ أنَّه بِإمْكانِ المَلائكةَ البَحْثَ كَمَا تَشَاءَ بَينَ الأرْواحِ عَنْ يَدِكَ التِّي كَانَتْ لَكَ قَبْلَ نُزُولِ الصَّارُوخِ الأخِيرِ فَوقَ أطْفَالِكَ الصِّغَارِ وهُمْ نَائمُونَ .
لَقَدْ تَعَدَّتْ كُلَّ الخُطُوطَ الحَمْرَاءَ يَا صَدِيقِي إنَّها عَذْراءَ مُتَمَرِّدة كَمَا عَرِفْتَهَا دَومَاً تِلكَ هِي التِّي خَرَجْتَ بِهَا مِن كَومةِ الخَطَايَا فِي السَّنواتِ السَّبعِ الأخِيرَة ، هِي ومَقْطَع مُوسِيقَي لِفَنانٍ أجْهلُ لَونَ عُيونِه كَونَ الألوانَ التِّي فَرَضَهَا النَّهارُ لَها مَذَاقُ الفُسفُورَ الذِّي سَقَطَ فَوقَ المَدينةِ مَع سُقُوطِ قَذَائِفِ المَوتِ الأولَى ، لَمْ تَعُدْ لَهَا مَذَاقَ القَهْوةِ تِلكَ التِّي أرْتَشِفَها الآنَ تُشْبِه إلَى حَدٍ مَا شَرَابَ الشَّعيرَ الذِّي تَعَوَّدْنَا عَلَى كَسْرِه بِبَعضِ الكُحُولِيَّاتِ ونَحْنُ فِي جَبْهَةِ الَعَملِ العَسْكَري فِي عَامٍ مِنَ الأعْوامِ المَاضِيَةِ مَضَى النُّورُ فِي عَبَاءةِ يُوسُفَ ، إنَّها قَهوةٌ بِلَونِ الحَربِ ومَذَاقِ المَوتِ لَم تَعُدْ تَفَاصِيلَ الحَيَاةَ القَاسِيةَ التِّي لَطَالَمَا شَكَونَا مِنْهَا مُتَاحةً لَقَدْ أَصْبَحَ الأمْرُ مُخْتَلِفَاً تَمَامَاً ، لَقَدْ اشْتَقْتُ للأرَقِ والقَلَقِ والارْتِباكِ والمَلَلِ السَّابِقِ إنَّنِي أفْتَقِدُ بِشِدَّةٍ إلَى تَذَمُّرِي المُتَواصِلِ مِن التِّكْرَارِ الذِّي اعْتَادَ عَلِيهِ أحَدَ الأصْدِقَاءَ وإلْحَاحَ الصَّدِيقِ الآخَر ، يَا صَدِيقِي هَذِهِ الحَيَاةَ أشْبَه بِخُفَّي حُنَينٍ لا أعْرِفَ تَفَاصِيلَ الحِكَايةِ ولكِنِّي مُؤمِنٌ تَمَامَاً أنَّنَا نُشْبِه خُفَّي حُنَين .
عدل سابقا من قبل الاداره في الإثنين أبريل 20, 2009 2:29 pm عدل 1 مرات
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري