المقالة الثالثة
محمد عبد الجبار الشبوط
مشروع استراتيجية شاملة للخروج من الازمة:
العمل من اجل بناء الدولة الديمقراطية الحديثة
ملاحظات اولية:العمل من اجل بناء الدولة الديمقراطية الحديثة
اولا، يمر العراق بازمة شاملة، وليس فقط بمشكلة امنية او مشكلة اقتصادية، او ما شابه. والازمة الشاملة تتعلق اساسا باربع قضايا محورية هي: شكل الدولة، وشراكة السلطة، وتقاسم الثروة، والارض، فضلا عن تحلل الوحدة الوطنية وتراجع الثقافة المشتركة الجامعة، وبروز الولاءات الفرعية.
ثانيا، التطورات المتتالية في العراق افرزت قوتين متصارعتين، هما اطراف العملية السياسية القائمة على اساس المحاصصة، والجماعات المسلحة ذات الخطاب القومي/الديني المتطرف، وقد تداخل البعد الطائفي مع هذين الطرفين لتتحول الازمة الى صراع طائفي يخفي تحت عباءته هذه الحقيقة. ليس القتال ضد القوات الاميركية جزء من هذه المشكلة الا بمقدار ما يذكي الصراع بين الطرفين المذكورين. مع ملاحظة ان الكرد يكادون يكونون بعيدين عن هذه المشكلة، وهذا امر جيد حيث سيتيح لهم ممارسة دور ايجابي في الحل. فما داموا ليسوا جزءاً من المشكلة فان هناك فرصة مهمة في ان يكونوا جزءاً من الحل.
ثالثا، لا يوجد حل سحري، كما ان ادوات الحل ليست متوافرة كلها، وبالتالي فنحن بصدد محاولة لايجاد حل صعب، ليس اصعب منه سوى الحرب الاهلية، بمعنى ان عدم القبول به يعني انزلاق العراق الى الحرب الاهلية و التقسيم الدموي للارض والثروة والسلطة، وفي هذه الحالة يعود الحديث عن الدولة غير ذي موضوع.
رابعا، وحين نستبعد الحل السحري، فاننا نستبعد الحل السريع، فلا يوجد حل سريع لازمة تعود في جذورها الى اكثر من ثمانين سنة، هي عمر الدولة العراقية الراهنة. لا بد من زمن لحل الازمة، الزمن بوصفه احد ادوات الحل، ولذا فان الحل الذي سوف نقترحه سوف يمر بثلاث مراحل زمنية: راهنة، ووسيطة، وبعيدة المدى كما سوف يتضح لاحقا. وسوف نعبر عن هذا الحل بكلمة "المشروع" فيما يلي.
خامسا، لا يتضمن "المشروع" مبدأ القبول والتسليم بكل نتائج العملية السياسية، لأن هذه العملية بكل ما حققته من انجازات مهمة، تشكل جزءاً من المشكلة في بعض حلقاتها، كالدستور وكنظام المحاصصة التي اتبعته في بناء اجهزة السلطة والحكم، اضافة الى ان شرائح مهمة في المجتمع، ترفض هذه العملية السياسية، وهو موقف لا يمكن تجاهله في أي حل واقعي. في نفس الوقت، لا يتضمن "المشروع" رفض العملية السياسية بالكامل، والغاء كل نتائجها، على الاقل لأن شرائح اخرى في المجتمع تؤمن بها وتتخذها منطلقا، ولا يمكن تجاهل موقفها. سوف ينطلق "المشروع" من موقف وسط بين الالغاء والتسليم، وهو الانطلاق من الموقف الراهن، لتعديله باستخدام ادواته، اضافة الى ادوات اخرى خارج نطاقه. لا يعتبر "المشروع" ان العملية السياسية الراهنة هي افضل ما كان يمكن القيام به، بل بالعكس فانه يحمل الكثير من الملاحظات على العملية السياسية؛ في نفس الوقت، يرى "المشروع" ان الغاء العملية السياسية بالكامل يعيد الوضع العراقي الى المربع الاول، وهذا مغامرة لا يمكن حساب نتائجها. يرى "المشروع" انه بالامكان البناء على تم تحقيقه حتى هذه اللحظة مع ضرورة تغيير الفاسد من عناصر الوضع الراهن.
سادسا، يشدد "المشروع" على ضرورة تعويم الخلاف بين الجماعات العراقية حول مسالة الاحتلال، لسببين على الاقل: اولهما ان الخلاف عميق ومعقد، والثاني: ان تفعيله يعرقل كل مقترح او حل. بينما يساعد تعويمه على الانتقال الى خطوات اخرى تساعد على تقريب الحل. مقابل تعويم الخلاف يقترح "المشروع" اعتماد القرارات الدولية ذات العلاقة في التعامل مع هذه المسألة.
في تفصيل هذه المسألة يجب ملاحظة ما يلي:
1. ان تسمية الاحتلال لتوصيف الوجود العسكري الاميركي والبريطاني اطلقت من قبل مجلس الامن في قراره المرقم 1483 والصادر في 22 ايار 2003 والذي يشير الى الولايات المتحدة وبريطانية "بوصفهما دولتين قائمتين بالاحتلال".
2. ان القرار 1546 الصادر في حزيران 2004 يلغي هذا التوصيف ويطلق اسما اخر على القوات الاجنبية الموجودة في العراق، ويسميها القوة المتعددة الجنسيات، ويعلن انه "سيتم بحلول 30 حزيران انتهاء الاحتلال وانتهاء وجود سلطة الائتلاف المؤقتة وبان العراق سيؤكد من جديد سيادته الكاملة." ويمنح القوة المتعددة الجنسيات "سلطة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لصون الامن والاستقرار في العراق." وفق تفاصيل يشرحها القرار.
3. ان الحكومة العراقية ، وبالتالي الاطراف المشاركة فيها، تعتبر من الناحية الرسمية وجود هذه القوات شرعيا، وبالتالي فهي لا تعتبرها قوة احتلال. بل ان القوات الاميركية تسير جنبا الى جنب مع القوات الحكومية العراقية. وعليه، لا يمكن اعتبار هذه الاطراف السياسية، ومنها الحزبان الكرديان والاحزاب الاسلامية الشيعية والاحزاب الاسلامية السنية، قوى عميلة للاحتلال او تابعة للمشروع الاميركي.
4. يختلف الموقف المذكور اعلاه كما هو معروف مع قوى سياسية واسلامية اخرى تعتبر القوات الاجنبية قوى احتلال وتقول بوجوب او على الاقل شرعية محاربتها عسكريا.
5. ومما زاد في تعقيد المسألة ان فعل "المقاومة" تداخل مع فعل عسكري اخر بالامكان وصفه بالارهاب، لكونه يستهدف مدنيين عراقيين، كما تداخل مع فعل عسكري اخر هو الاقتتال الطائفي. وغني عن البيان ان عدد ضحايا الارهاب والقتال الطائفي اكبر بكثير من عدد الجنود الاميركيين الذين يفترض انهم قتلوا برصاص "المقاومة".
6. والنتيجة ان فعل المقاومة اصبح من العوامل التي ادت الى تهيئة المسرح العراقي لأندلاع العنف الطائفي او الحرب الاهلية.
سابعا، سوف يتدرج "المشروع" في تطبيق الديمقراطية انطلاقا من نظام المحاصصة المعمول به حاليا، والذي يستهدف "المشروع" الغاءه في نهاية المطاف، وصولا الى تطبيق الديمقراطية العددية. وذلك وفق التفصيل المرحلي التالي:
في المرحلة الاولى الحالية، طُبِّق نظام المحاصصة الذي يعتبره البعض تجسيدا للديمقراطية التوافقية، وما هو كذلك. ويستهدف "المشروع" تخفيف نظام المحاصصة جهد الامكان خلال السنوات الثلاث الاولى على افتراض ان التطورات الراهنة لم تؤد الى انهيار نظام الحكم نفسه.
عدل سابقا من قبل الاداره في الأربعاء مارس 18, 2009 1:16 am عدل 1 مرات
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري