بناء الديمقراطية في دولة فاسدة
محمد عبدالجبار الشبوط
لماذا ترفض هيئة النزاهة الكشف عن الذمم المالية لكبار المسؤولين، خصوصاً الذين تضخمت اموالهم بعد توليهم المسؤولية؟
تساءل السياسي والمفكر الايطالي الشهير ميكافيللي (1469-1532) صاحب كتاب «الامير» The Prince الاكثر شهرة، في كتابه الاخر «المطارحات» Discourses on Livy إنْ كان بالامكان اقامة حكومة جمهورية، او شعبية، في مدينة فاسدة.
ويقترب هذا السؤال من آخر يدور في ذهني يقول: هل يمكن بناء ديمقراطية في مدينة فاسدة؟
لا يستحسن الاستعجال في الاجابة عن مثل هذه الاسئلة، لكن ما يمكن قوله ان الديمقراطية تتطلب قدرا معقولا من النزاهة والشفافية والمساواة والعدالة وحقوق الانسان ووضوح العلاقة بين الفرد-المواطن والدولة، وعدم التباس هذه العلاقة بعوامل اخرى، مثل الوساطة والرشوة والمحسوبية، واستخدام وسائل غير سياسية، كالمال وعناصر التأثير الاخرى، في الشأن السياسي، بما في ذلك التأثير في خيارات المواطنين، او طريقة حصولهم على المزايا التي توفرها الدولة. وهذه امور تؤثر كلها سلبيا على مفهوم الولاء للدولة والوطن، و تلونه بانماط اخرى من الولاء لا تمت الى السياسة المدنية بشيء، ولا تمت الى الديمقراطية بشيء، من باب اولى.
الفساد هو المصادرة العملية لكل المفاهيم والقيم المتعلقة ببناء الديمقراطية وتضخيم كل ما ينافيها من ممارسات وافعال. انه يعني ادارة الدولة وتوزيع مواردها (السياسة والمال والجاه والسلطة والنفوذ والعقود والمناقصات والامتيازات والخدمات) على الافراد والجماعات، مهما كانت ضآلة عددهم، بناء لمعايير ومواصفات تنطلق من المصلحة الذاتية و العلاقات الشخصية واستخدام الوظيفة العامة لتحقيق منافع خاصة.
يكون الفساد بهذا المعنى أكبر عقبة في طريق بناء الديمقراطية، فهو يتسلل الى ادق الممارسات السياسية الديمقراطية، واعني بها الانتخابات، ويحولها الى سوق للبيع والتجارة والتضليل والخداع؛ بيع وشراء الاصوات، او سرقتها، او تزويرها و التلاعب بها.
بعد ذلك هو يجهض خطط الدولة في التنمية والامن والاستقرار وتحسين معيشة الناس. فالاموال تُسرق والجهود تضيع في دهاليز العلاقات القائمة على اساس المصالح الفئوية والذاتية، وتُهدر الطاقات والكفاءات التي لا يمكنها السير في طريق مزروع باشواك الفساد وعلاقاتها واساليبه المريبة.
وعلى هذا، فليس من المبالغة القول ان اولى خطوات بناء الديمقراطية في أي بلد لا بد ان تتمثل في مكافحة الفساد ومحاربته والعمل على تخليص الدولة والمجتمع منه. ويدرك الكثيرون هذه الحقيقة البسيطة ومن بينهم الحكومة العراقية نفسها، التي اصابها الفساد بالعوق في مجالات عدة. وفي هذا الاطار طالبت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في 25 اذار (مارس) الماضي «الوزارات و المؤسسات الرسمية كافة بعدم التمييز في إنجاز معاملات المواطنين و أصحاب الأعمال من المقاولين بالواسطة أو الرشوة على حساب المعاملات الأخرى حيث يمثل ذلك انتهاكا لحقوق المواطن و سياقات العمل و أصوله».
في 21 نيسان (ابريل) الماضي اكد المجلس المشترك لمكافحة الفساد على اهمية برنامج عمل لمحاربة الفساد تتم مناقشته مع وسائل الإعلام لتوعية المواطنين وتسليط الضوء على هذه المشكلة لتحقيق النتائج الإيجابية المطلوبة.
وهذا توجه طيب، ولا مانع من التذكير معه بأهمية ان تبدأ حملة مكافحة الفساد من اروقة الحكومة نفسها، بوصفها الجهاز الاكثر قدرة على الافساد في كل المجتمعات. ولا بأس التذكير بخطورة المادة 136 من قانون العقوبات الرقم 23 لعام 1971 مع ضرورة الكشف عن الذمم المالية لكبار المسؤولين، خصوصاً وان هيئة النزاهة كشفت عن وجود «تضخم» في اموال بعضهم، وانها ترفض اطلاع الرأي العام عليها
محمد عبدالجبار الشبوط
لماذا ترفض هيئة النزاهة الكشف عن الذمم المالية لكبار المسؤولين، خصوصاً الذين تضخمت اموالهم بعد توليهم المسؤولية؟
تساءل السياسي والمفكر الايطالي الشهير ميكافيللي (1469-1532) صاحب كتاب «الامير» The Prince الاكثر شهرة، في كتابه الاخر «المطارحات» Discourses on Livy إنْ كان بالامكان اقامة حكومة جمهورية، او شعبية، في مدينة فاسدة.
ويقترب هذا السؤال من آخر يدور في ذهني يقول: هل يمكن بناء ديمقراطية في مدينة فاسدة؟
لا يستحسن الاستعجال في الاجابة عن مثل هذه الاسئلة، لكن ما يمكن قوله ان الديمقراطية تتطلب قدرا معقولا من النزاهة والشفافية والمساواة والعدالة وحقوق الانسان ووضوح العلاقة بين الفرد-المواطن والدولة، وعدم التباس هذه العلاقة بعوامل اخرى، مثل الوساطة والرشوة والمحسوبية، واستخدام وسائل غير سياسية، كالمال وعناصر التأثير الاخرى، في الشأن السياسي، بما في ذلك التأثير في خيارات المواطنين، او طريقة حصولهم على المزايا التي توفرها الدولة. وهذه امور تؤثر كلها سلبيا على مفهوم الولاء للدولة والوطن، و تلونه بانماط اخرى من الولاء لا تمت الى السياسة المدنية بشيء، ولا تمت الى الديمقراطية بشيء، من باب اولى.
الفساد هو المصادرة العملية لكل المفاهيم والقيم المتعلقة ببناء الديمقراطية وتضخيم كل ما ينافيها من ممارسات وافعال. انه يعني ادارة الدولة وتوزيع مواردها (السياسة والمال والجاه والسلطة والنفوذ والعقود والمناقصات والامتيازات والخدمات) على الافراد والجماعات، مهما كانت ضآلة عددهم، بناء لمعايير ومواصفات تنطلق من المصلحة الذاتية و العلاقات الشخصية واستخدام الوظيفة العامة لتحقيق منافع خاصة.
يكون الفساد بهذا المعنى أكبر عقبة في طريق بناء الديمقراطية، فهو يتسلل الى ادق الممارسات السياسية الديمقراطية، واعني بها الانتخابات، ويحولها الى سوق للبيع والتجارة والتضليل والخداع؛ بيع وشراء الاصوات، او سرقتها، او تزويرها و التلاعب بها.
بعد ذلك هو يجهض خطط الدولة في التنمية والامن والاستقرار وتحسين معيشة الناس. فالاموال تُسرق والجهود تضيع في دهاليز العلاقات القائمة على اساس المصالح الفئوية والذاتية، وتُهدر الطاقات والكفاءات التي لا يمكنها السير في طريق مزروع باشواك الفساد وعلاقاتها واساليبه المريبة.
وعلى هذا، فليس من المبالغة القول ان اولى خطوات بناء الديمقراطية في أي بلد لا بد ان تتمثل في مكافحة الفساد ومحاربته والعمل على تخليص الدولة والمجتمع منه. ويدرك الكثيرون هذه الحقيقة البسيطة ومن بينهم الحكومة العراقية نفسها، التي اصابها الفساد بالعوق في مجالات عدة. وفي هذا الاطار طالبت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في 25 اذار (مارس) الماضي «الوزارات و المؤسسات الرسمية كافة بعدم التمييز في إنجاز معاملات المواطنين و أصحاب الأعمال من المقاولين بالواسطة أو الرشوة على حساب المعاملات الأخرى حيث يمثل ذلك انتهاكا لحقوق المواطن و سياقات العمل و أصوله».
في 21 نيسان (ابريل) الماضي اكد المجلس المشترك لمكافحة الفساد على اهمية برنامج عمل لمحاربة الفساد تتم مناقشته مع وسائل الإعلام لتوعية المواطنين وتسليط الضوء على هذه المشكلة لتحقيق النتائج الإيجابية المطلوبة.
وهذا توجه طيب، ولا مانع من التذكير معه بأهمية ان تبدأ حملة مكافحة الفساد من اروقة الحكومة نفسها، بوصفها الجهاز الاكثر قدرة على الافساد في كل المجتمعات. ولا بأس التذكير بخطورة المادة 136 من قانون العقوبات الرقم 23 لعام 1971 مع ضرورة الكشف عن الذمم المالية لكبار المسؤولين، خصوصاً وان هيئة النزاهة كشفت عن وجود «تضخم» في اموال بعضهم، وانها ترفض اطلاع الرأي العام عليها
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري