المقالة الثانية
محمد عبد الجبار الشبوط
المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا
هذه سلسلة مقالات، نشرتها في البداية في موقع الوسط باسم مستعار هو "ايكاروس" وقد قررت الان ان اكشف عن حقيقة ان ايكاروس هو انا، واعيد نشرها في مدونتي باسمي الصريح!
1. مقدمة
تقوم الحركات السياسية والقيادات الفاعلة في مختلف مجالات الحياة باجراء مراجعات مستمرة لعملها وافكارها وتصوراتها وانجازاتها وسقطاتها، من اجل التأكد من صحتها وسلامتها وقدرتها على الاداء والانجاز والمواكبة، ومن اجل تصحيح الاخطاء وملء الثغرات وتسديد المسيرة
وهذا هو احد اوجه مبدأ المحاسبة والرقابة الذي تنادي به النصوص التأسيسية للاسلام، حتى قبل ان تجعله النظم الديمقراطية واحدا من اهم مبادئها واسسها.
ومازال الناس يذكرون المراجعة الشاملة التي اجراها الزعيم السوفياتي الراحل نيكيتا خروتشوف 18941971. ففي الخامس من اذار من عام 1953 توفي الزعيم السوفياتي الجورجي جوزيف ستالين، المولود في 18 كانون الاول من عام 1878. وكان تولى الزعامة و السلطة والحكم في الاتحاد السوفياتي بعد وفاة مؤسسه فلاديمير لينين في عام 1924.
قرر أعضاء اللجنة المركزية السبعة المجتمعون أن يتولى السلطة ثلاثة منهم هم :
مولوتوف ومالينكوف وبيريا، إلا أن بيريا طمع في الإنفراد بالحكم فأعُتقل وأعُدم، ثم تمت ازاحة مالينكوف واحلال بولغانين مكانه. ليخلو الجو تدريجيا لنكيتا خروتشوف، الذي كان يعد لأطلاق قنبلته المدوية لا في الاتحاد السوفياتي وحدة، انما في المنظومة العالمية الشيوعية كلها انذاك، في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعى السوفييتى الذى عقد في شهر شباط من عام 1956 وهو اول مؤتمر للحزب الشيوعي ينعقد بعد وفاة ستالين.
افتتح خروتشوف المؤتمر وتلا فيه على مدى ثمانى ساعات تقريره الذى يقع في مائة صفحة، وأقر المؤتمر الخطوط الكبرى للتقرير قبل ان يدعُى المندوبون إلى جلسة خاصة مفاجئة يوم 24 شباط حيث استمعوا إلى تقرير خروتشوف عن عبادة الفرد ونتائجها ومساوئها مع بحث حول القيادة الجماعية وفوائدها، وندد بجرائم ستالين وغروره وبمساوئ بوليسه السرى وبأخطائه يوم شن الألمان هجومهم على الإتحاد السوفييتى وديكتاتوريته بعد الحرب العالمية الثانية في الداخل والخارج، وقد أحدث التقرير ضجة في العالم الشيوعى. وادت مراجعات خروتشوف الى ولادة مفاهيم جديدة مثل التعايش السلمي والانفراج الدولي، والتخلي عن الستالينية وعبادة الفرد.
ومن بعد خروشوف نذكر المراجعة الشاملة التي اجراها الزعيم السوفياتي الاخير، غورباتشوف والتي عبر عنها بكتابه الشهير "بيروسترويكا".
تولت الاحزاب السياسية الاسلامية العراقية، من سنية وشيعية، السلطة بعد سقوط نظام صدام، من خلال مجلس الحكم الذي شكله بول بريمر، الحاكم المدني الاميركي للعراق، ومن ثم من خلال الانتخابات العامة التي جاءت بمجلس النواب، الذي يرأسه اسلامي هو محمود المشهداني، فضلا عن اغلبية كبيرة لنواب اسلاميين، والحكومة التي يرأسها زعيم حزب الدعوة، نوري المالكي.
كان حزب الدعوة، على سبيل المثال، يطرح مقولات واهدافا سياسية شكلت ما يسمى بخط الدعوة على مدى اكثر من ثلاثين عاما.
ومن هذه المقولات:
ـ بناء الدولة الاسلامية واستئناف الحياة الاسلامية.
ـ الدعوة الى الاسلام واقامة المجتمع الاسلامي.
ـ محاربة الاستعمار والاستكبار، بشتى انواعه الفكري والسياسي والاقتصادي.
ـ رفض الافكار الغربية الدخيلة، ومن ضمنها الديمقراطية، بوصفها مذهبا فكريا مخالفا للاسلام لفظا ومضمونا.
ـ ولاية الفقيه.
ـ اعتبار الدعوة ذراعا من اذرع الدولة الاسلامية في ايران.
بعد سقوط صدام ومشاركة الدعوة في الحكم، ومعها المجلس الاعلى، لم يعد لهذه المقولات مجال للترويج والتطبيق. فلم تعد الدعوة تتحدث وتعمل من اجل الدولة الاسلامية والمجتمع الاسلامي، انما اكتفت بما نص عليه الدستور الدائم من جوانب اسلامية للدولة، ولم يعد "الاستعمار" و"الاستكبار" وخاصة في صيغته الاميركية عدوا، ولم تعد الديمقراطية مخالفة للاسلام، وتم اسدال ستار كثيف على ولاية الفقيه، مع الرجوع الدائم الى فقيه لا يراها لنفسه، اصلا، كما اسدل ستار كثيف على ارتباط الدعوة بايران.
وهذه كلها، تطورات ايجابية من وجهة النظر الديمقراطية المدنية، لكنها تطورات فرضتها الظروف، ولم تنشأ على خلفية مراجعة فكرية وسياسية للمسيرة، ما اوجد فاصلة كبيرة من فكر الدعوة المكتوب قبل عام 2003 وبين الممارسة السياسية العملية للدعوة بعد ذلك.
ليست هذه الملاحظة من باب الطعن بالدعوة، ولا بتحولاتها العملية، فليس كاتب هذه السطور مع الدعوة ولا ضدها، لكنها اشارة من مراقب محايد الى امر كان ينبغي ان يتم بعد فترة وجيزة من سقوط صدام، حيث كان يتوقع ان تعقد الدعوة اول مؤتمر شامل لها في العراق بعد العودة، وعلى رأس جدول اعماله اجراء مراجعة شاملة للفكرالسياسي والتنظيمي والممارسة العملية للدعوة، بشكل يجعل الممارسات الجديدة تستند الى اساس موثق من فكر الدعوة. ومع ان الامين العام للدعوة نوري المالكي، لا يبدو متحمسا لمثل هذه الفكرة، فليس هناك ما يمنعه من التفكير بالاقتراح، وتشكيل لجنة دعوتية رفيعة المستوى لأجراء المراجعة الشاملة، ثم تقديم توصياتها الى مؤتمر عام يعقد لهذا الغرض تحديدا.
عدل سابقا من قبل الاداره في الأربعاء مارس 18, 2009 1:18 am عدل 1 مرات
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري