almamory

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
almamory

شبكة نبراس الثقافية..شبكة حرة مستقله

شعار الشبكه

المواضيع الأخيرة

» قصه ومحاوره ابوذيات
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالسبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري

» قصيده بعنوان كافي
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري

» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري

» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري

» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري

» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري

» يا احبيب / صاحب الضويري
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالسبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري

» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين

» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين

» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين

» دعوة للمشاركة
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري

» قصص قصيرة جدا
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري

» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري

» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري

» زعلتك صدك
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري

» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري

» أكميله للشاعر عارف مأمون
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري

» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري

» قراءة الواقع الثقافي في العراق
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالسبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري

» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Emptyالثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 11 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 11 زائر

لا أحد


[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 277 بتاريخ الخميس نوفمبر 21, 2024 10:19 am

شبكه نبراس الثقافيه

جميع المواضيع المطروحة في أقسام الشبكه تعبر عن وجهة نظر أصحابها.

صور الشبكه اليوم

فائق حسن

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط

    الاداره
    الاداره
    Admin


    عدد الرسائل : 418
    تاريخ التسجيل : 02/02/2009

    المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Empty المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط

    مُساهمة  الاداره الثلاثاء مارس 17, 2009 4:08 pm

    المقالة الثانية

    المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط 11110
    محمد عبد الجبار الشبوط



    المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا

    هذه سلسلة مقالات، نشرتها في البداية في موقع الوسط باسم مستعار هو "ايكاروس" وقد قررت الان ان اكشف عن حقيقة ان ايكاروس هو انا، واعيد نشرها في مدونتي باسمي الصريح!
    1. مقدمة
    تقوم الحركات السياسية والقيادات الفاعلة في مختلف مجالات الحياة باجراء مراجعات مستمرة لعملها وافكارها وتصوراتها وانجازاتها وسقطاتها، من اجل التأكد من صحتها وسلامتها وقدرتها على الاداء والانجاز والمواكبة، ومن اجل تصحيح الاخطاء وملء الثغرات وتسديد المسيرة
    وهذا هو احد اوجه مبدأ المحاسبة والرقابة الذي تنادي به النصوص التأسيسية للاسلام، حتى قبل ان تجعله النظم الديمقراطية واحدا من اهم مبادئها واسسها.
    ومازال الناس يذكرون المراجعة الشاملة التي اجراها الزعيم السوفياتي الراحل نيكيتا خروتشوف 18941971. ففي الخامس من اذار من عام 1953 توفي الزعيم السوفياتي الجورجي جوزيف ستالين، المولود في 18 كانون الاول من عام 1878. وكان تولى الزعامة و السلطة والحكم في الاتحاد السوفياتي بعد وفاة مؤسسه فلاديمير لينين في عام 1924.
    قرر أعضاء اللجنة المركزية السبعة المجتمعون أن يتولى السلطة ثلاثة منهم هم :
    مولوتوف ومالينكوف وبيريا، إلا أن بيريا طمع في الإنفراد بالحكم فأعُتقل وأعُدم، ثم تمت ازاحة مالينكوف واحلال بولغانين مكانه. ليخلو الجو تدريجيا لنكيتا خروتشوف، الذي كان يعد لأطلاق قنبلته المدوية لا في الاتحاد السوفياتي وحدة، انما في المنظومة العالمية الشيوعية كلها انذاك، في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعى السوفييتى الذى عقد في شهر شباط من عام 1956 وهو اول مؤتمر للحزب الشيوعي ينعقد بعد وفاة ستالين.
    افتتح خروتشوف المؤتمر وتلا فيه على مدى ثمانى ساعات تقريره الذى يقع في مائة صفحة، وأقر المؤتمر الخطوط الكبرى للتقرير قبل ان يدعُى المندوبون إلى جلسة خاصة مفاجئة يوم 24 شباط حيث استمعوا إلى تقرير خروتشوف عن عبادة الفرد ونتائجها ومساوئها مع بحث حول القيادة الجماعية وفوائدها، وندد بجرائم ستالين وغروره وبمساوئ بوليسه السرى وبأخطائه يوم شن الألمان هجومهم على الإتحاد السوفييتى وديكتاتوريته بعد الحرب العالمية الثانية في الداخل والخارج، وقد أحدث التقرير ضجة في العالم الشيوعى. وادت مراجعات خروتشوف الى ولادة مفاهيم جديدة مثل التعايش السلمي والانفراج الدولي، والتخلي عن الستالينية وعبادة الفرد.
    ومن بعد خروشوف نذكر المراجعة الشاملة التي اجراها الزعيم السوفياتي الاخير، غورباتشوف والتي عبر عنها بكتابه الشهير "بيروسترويكا".
    تولت الاحزاب السياسية الاسلامية العراقية، من سنية وشيعية، السلطة بعد سقوط نظام صدام، من خلال مجلس الحكم الذي شكله بول بريمر، الحاكم المدني الاميركي للعراق، ومن ثم من خلال الانتخابات العامة التي جاءت بمجلس النواب، الذي يرأسه اسلامي هو محمود المشهداني، فضلا عن اغلبية كبيرة لنواب اسلاميين، والحكومة التي يرأسها زعيم حزب الدعوة، نوري المالكي.
    كان حزب الدعوة، على سبيل المثال، يطرح مقولات واهدافا سياسية شكلت ما يسمى بخط الدعوة على مدى اكثر من ثلاثين عاما.
    ومن هذه المقولات:
    ـ بناء الدولة الاسلامية واستئناف الحياة الاسلامية.
    ـ الدعوة الى الاسلام واقامة المجتمع الاسلامي.
    ـ محاربة الاستعمار والاستكبار، بشتى انواعه الفكري والسياسي والاقتصادي.
    ـ رفض الافكار الغربية الدخيلة، ومن ضمنها الديمقراطية، بوصفها مذهبا فكريا مخالفا للاسلام لفظا ومضمونا.
    ـ ولاية الفقيه.
    ـ اعتبار الدعوة ذراعا من اذرع الدولة الاسلامية في ايران.
    بعد سقوط صدام ومشاركة الدعوة في الحكم، ومعها المجلس الاعلى، لم يعد لهذه المقولات مجال للترويج والتطبيق. فلم تعد الدعوة تتحدث وتعمل من اجل الدولة الاسلامية والمجتمع الاسلامي، انما اكتفت بما نص عليه الدستور الدائم من جوانب اسلامية للدولة، ولم يعد "الاستعمار" و"الاستكبار" وخاصة في صيغته الاميركية عدوا، ولم تعد الديمقراطية مخالفة للاسلام، وتم اسدال ستار كثيف على ولاية الفقيه، مع الرجوع الدائم الى فقيه لا يراها لنفسه، اصلا، كما اسدل ستار كثيف على ارتباط الدعوة بايران.
    وهذه كلها، تطورات ايجابية من وجهة النظر الديمقراطية المدنية، لكنها تطورات فرضتها الظروف، ولم تنشأ على خلفية مراجعة فكرية وسياسية للمسيرة، ما اوجد فاصلة كبيرة من فكر الدعوة المكتوب قبل عام 2003 وبين الممارسة السياسية العملية للدعوة بعد ذلك.
    ليست هذه الملاحظة من باب الطعن بالدعوة، ولا بتحولاتها العملية، فليس كاتب هذه السطور مع الدعوة ولا ضدها، لكنها اشارة من مراقب محايد الى امر كان ينبغي ان يتم بعد فترة وجيزة من سقوط صدام، حيث كان يتوقع ان تعقد الدعوة اول مؤتمر شامل لها في العراق بعد العودة، وعلى رأس جدول اعماله اجراء مراجعة شاملة للفكرالسياسي والتنظيمي والممارسة العملية للدعوة، بشكل يجعل الممارسات الجديدة تستند الى اساس موثق من فكر الدعوة. ومع ان الامين العام للدعوة نوري المالكي، لا يبدو متحمسا لمثل هذه الفكرة، فليس هناك ما يمنعه من التفكير بالاقتراح، وتشكيل لجنة دعوتية رفيعة المستوى لأجراء المراجعة الشاملة، ثم تقديم توصياتها الى مؤتمر عام يعقد لهذا الغرض تحديدا.


    عدل سابقا من قبل الاداره في الأربعاء مارس 18, 2009 1:18 am عدل 1 مرات
    الاداره
    الاداره
    Admin


    عدد الرسائل : 418
    تاريخ التسجيل : 02/02/2009

    المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Empty رد: المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط

    مُساهمة  الاداره الثلاثاء مارس 17, 2009 4:11 pm

    2
    كنت اتوقع ان تثير الدعوة الى مراجعة المسيرة السياسية للحركة الاسلامية عامة ولحزب الدعوة خاصة الكثير من الاهتمام وردود الفعل، واعتقد ان حدسي صدق، من خلال عدد قراء مقالي بهذا الشأن ومن خلال التعليقات التي وردت على المقال.
    بعض التعليقات "خرجت عن النص" كما يقال، وراحت تبحث عمن يكون ايكاروس، مع ان معرفة الكاتب، او الكاتبة ربما، ما كانت لتغير شيئا من الواقع اذا التزمنا النظر الى "ماقال وليس الى من قال". في حين ان بعض المعلقين ذهب بعيدا الى الحفر في النوايا والكشف عن الخبايا وافترض ان الكاتب "يريد ان يخلط الامور على القارئ الساذج" وغمز من قناة الكاتب بالاشارة الى بعض الاقلام "غير النظيفة" التي "تحاول تزوير الحقائق وتشويه الصورة" دون ان ينسى توجيه الموعظة الى الكاتب بان "يحترم نفسه وقلمه وان يخاف ربه".
    بل الانسان على نفسه بصيرة!
    طبعا يملك كل انسان ان يقول ما بدا له، فهذا هو المعنى الجوهري لحرية الرأي، والعبارات التي وضعتها بين اقواس الاقتباس تعبير عملي عن حق انسان في التعبير عن رأيه. ولست اجادله ولا اجادل احدا في هذا الحق. لكني اتمنى ان يكون النقاش في صلب الموضوع من اجل تطوير فكرته.
    ثمة نقاش متوقع في ضرورة المراجعة. وان كان البعض لا يعبر صراحة عن رفضها، فانا اعبر صراحة عن ضرورتها. واعتبر ان كل جهد بشري بحاجة الى مراجعة بين فترة واخرى، لان البشر ناقص، ومعرض للخطأ، والمراجعة من الوسائل التي تساعد في سد النقص وتصحيح الخطأ. بل ان المراجعة هي احدى اليات التطوير ومراكمة الخبرة، وهذه من شروط تقدم المجتمعات، وهي، أي المراجعة، تعبير عن وعي معمق للذات الفردية او الجماعية، في حركتها في الزمان والمكان، أي في التاريخ. بل اني ازعم ان الفحوى العام لفكر الدعوة لا يرفضها، بل قد يشجع عليها. وهناك اشارات في نصوص هذا الفكر ما يمكن ان تكون دعوة الى مراجعات مستمرة للمسيرة مع كل منعطف.
    سقوط نظام صدام، وقيام النظام السياسي الجديد، شكل اكبر منعطف في تاريخ العراقيين، وفي تاريخ الاحزاب الاسلامية، وبالذات حزب الدعوة، في العصر الراهن. وتكمن نوعية المنعطف في دخول الدعوة النظام السياسي الجديد من ابواب وبمقولات لم تكن مذكورة في فكر الدعوة ولا مدروسة بعناية، وفي مقدمتها تصور الدعوة لمراحل العمل، وبالذات مرحلته الاخيرة أي مرحلة الحكم، حيث كانت الدعوة تخطط لاقامة دولة اسلامية بقيادتها، فاذا الامر يصير الى دولة ليست اسلامية بالتعريف الذي كانت تتبناه الدعوة، وانما دولة يمكن وصفها بانها اسلامية ديمقراطية بالمعنى الذي يشرحه الدستور الدائم. ولم تكن الدعوة قد طورت موقفا فكريا مدروسا من الديمقراطية بعد عقود من رفضها، كما لم تكن الدعوة قد طورت موقفا فكرا مدروسا من فكرة الحكومة الاتئلافية، بل ان الدعوة لم تكن قد طورت موقفا من فكرة الدولة البديلة عن الدولة الاسلامية التي كانت تعمل من اجلها. ليس في هذا الكلام انتقاص من الدعوة، فالدعوة حزب اسلامي بشري، فيه من نقص البشر ما فيه، ومن اخطائهم ما فيه، ولا عيب في ذلك مادام القائمون عليه قادرين على تدارك النقص ومعالجة الخطأ.
    هذه ضرورة عملية للمراجعة السياسية والفكرية التي ينبغي ان تجريها الدعوة لمسيرتها، لكن هناك ضرورة اعمق من هذا، متعلقة بجوهر تعريف الدعوة لنفسها، حين تقول انها حزب مبدئي، وليست شيئا اخر، وهذا يفرض ان يكون المبدأ حاضرا في كل تصرفاتها، ويفترض ان تكون تصرفاتها السياسية منطلقة من تكييف مبدئي لها، وليس من مجرد ممارسة ظرفية تفرضها المتغيرات بدون تفاعل جدلي بين متغيرات الواقع و مقتضيات المبدأ. وليس بعيدا عن الامكان ان هذا التفاعل الجدلي قد يؤدي الى احداث تغيير او تطوير في فكر الدعوة، لأن هذا الفكر ايضا نتاج بشري قابل للتغير والتطوير والتجاوز، متى ما حقق اغراضه او استنفد امكانياته او اتضح انه لم يكن متطابقا مع ممكنات الواقع.
    الدعوة حزب تغييري، هكذا تصف نفسها، وهو وصف صحيح، خاصة حينما كانت تملك الدعوة زمام المبادرة، لكن أي حزب تغييري لا يمكن ان يحافظ على صفته هذه اذا سبقه الواقع، واذا لم يستطع ان يواكب الواقع لكي يبقى متقدما عليه، واذا تسللت اليه امراض الواقع، ومنها التخلف والجمود الفكري والسياسي. والواقع الذي نتحدث عنه هو الواقع العراقي والاقليمي والدولي شديد الحركة والسيولة. ومن اجل ان تبقى الدعوة قادرة على التغيير، وممسكة بازمة التغيير، يتعين عليها ان تبقى امام الواقع، وليس خلفه، لكي تكون قادرة على قيادته وعلى تغييره وعلى الهامه بالخطوات التي تقود الى مزيد من التغيير والتطور، في عالم متسارع بدوره في مضمار التطور والابداع.
    هل الدعوة قادرة على المراجعة، ومن ثم استعادة زمام المبادرة التغييرية؟ هذا هو سؤال الامكان، وليس لي ان اجيب عنه بلا او نعم، لكن يمكنني ان اذكّر باحد قوانين التاريخ والحركة الاجتماعية وهو قانون "اثر المستقبل في حركة التاريخ" الذي كشف عنه المفكر محمد باقر الصدر، حينما قال ان الرؤية المستقبلية التي يملكها الفاعل الاجتماعي، والتي تمنحه مثله الاعلى، هي المحرك الاساس له، وهي الحافظ له، على قدر امتدادها المستقبلي، من التكلس والجمود ومن ثم التقهقر. اريد ان اقول ان امكان المراجعة يعتمد على نجاح الدعوة في بلورة رؤية مستقبلية تتجاوز الواقع الراهن، وفي قدرة قادتها وكوادرها وافرادها، الذين انخرطوا في عجلة السلطة، على التحرر من ضغط الواقع الراهن، و مغرياته المرتبطة بمكاسب السلطة.
    ان الدعوة بحاجة ماسة الان الى مفكر، او حلقة تفكير، قادرة على استشراف المستقبل، وصياغة رؤيتها المستقبلية، ومن ثم بلورة برنامج العمل الراهن بناء على امكانات المستقبل، بشكل يتجاوز حدود الراهن المعيق للكمال والتطور. ذلك هو الطريق الى خروج القدرة القيادية للدعوة، المبدعة و الخلاقة، من حالة الامكان التي يكتنزها الجمود الظاهري الراهن الى حالة التحقق والفعلية التي يعد بها المستقبل. تلك هي الحركة الجوهرية للدعوة التي سوف تمنحها حياة جديدة، بعد فناء معيقات الكمال والتطور. فما فناء الممكن الا كماله، كما كان يشرح محمد حسين الطباطبائي.
    الاداره
    الاداره
    Admin


    عدد الرسائل : 418
    تاريخ التسجيل : 02/02/2009

    المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Empty رد: المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط

    مُساهمة  الاداره الثلاثاء مارس 17, 2009 4:13 pm

    3

    تهمني ردود افعال الدعوة والدعاة، ونوعية تفاعلهم واستجاباتهم، حينما اكتب عن الدعوة، لأن مثل هذه الكتابات تستهدفهم وتخاطبهم، وبالتالي فمن المهم ان يكون لهم رأي فيما اكتب، ومن المهم اكثر ان يكون رأيهم ايجابيا، والا انتفى الغرض من هذه الكتابات.
    ويسألني القارئ عن الغرض وراء كتاباتي هذه، كما فعل بعض المعلقين، والجواب بكلمة واحدة: تحديث الدعوة. فلست اهدف مما اكتب التعريض بهذا الحزب الاسلامي العريق، ولذا لن يجد مبغضو الدعوة ما يفيدهم هنا، كما اني لا اهدف الى الترويج لها، فهذا شأن اصحابها، وليس هذا من شأني.
    تحديث الدعوة، كجزء من تحديث اوسع لكل الاسلام السياسي الحاكم والمعارض في العراق، هو ما يهمني من هذه الكتابات. ويسألني الداعية تحديدا: وهل اصبحت الدعوة قديمة؟ وجوابي، بدون مقدمات: نعم!
    وحينما تصبح الفكرة او الحركة او الدولة قديمة، فأن امامها خيارات واضحة وربما تكون محدودة، هي:
    الخيار الاول: البقاء على قدمها، هوالامر الذي سيؤول الى تحويلها الى ظاهرة متحجرة، متفارقة عن عصرها، وهو امر قد يؤول في نهاية المطاف الى تفككها واختفائها من المسرح التاريخي والاجتماعي. وتأريخ العالم يحتفظ بسجل كبير لدول وافكار واحزاب وتيارات وحضارات ظهرت وبرزت ثم اندثرت، "سادت ثم بادت"، كما كان يقول عنوان اساسي من عناوين مجلة "العربي" الكويتية، وكان من اسباب اندثارها، عدم قدرتها على التحديث. وقد تحدث السيد محمد باقر الصدر، الذي ينسب اليه مع اخرين تأسيس الدعوة، عن هذه الظاهرة التاريخية، في حديثه عن المثل العليا للمجتمعات، فلا اعيد.
    كانت الدعوة حين التأسيس والانشاء وفي الشطر الاعظم من عمرها تجديدا وحداثة وخطوة الى الامام.
    كانت الدعوة وقت التأسيس حداثة عصرها وزمنها، وهي مدينة بهذه الصفة الرائدة لاشخاص عظام مثل الصدر، وعبد الصاحب دخيل ابو عصام والسبيتي والشيخ عارف البصري، رحمهم الله جميعا. وربما دفعت الدعوة في وقتها ثمنا باهضا لحداثتها بسبب وجود المتخلفين والمتكلسين ومحبي القديم والرافضين للتجديد.
    لكن تجديد عصر ولى اصبح قديما حين اختلف العصر، وحداثة وقتها لم تعد كذلك حين حلت حداثة غيرها، وخطوة الامام استنفدت ذاتها حين تم قطعها وانجازها، بسبب مضي الزمان وتغير الاحداث وتبدل الاحوال والظروف، مما اشرت الى بعضه في مقال سابق. وهذا كله يدعو دعاة اليوم، وجلهم من اجيال لاحقة لجيل التحديث والتجديد، ان يتقمصوا روحية اسلافهم وعقليتهم، فينظروا بعقلية تجديدية ورؤية حداثية، تجمع بين اعتزازهم بحزبهم التاريخي من جهة، وبين وعيهم لحداثة عصرهم من جهة ثانية، فيعملوا جميعا على اعادة انتاج دعوة تجمع بين اصالة التاريخ والتأسيس والمنشأ، وبين متغيرات والزمان ومتطلبات العصر، ومستلزمات الحداثة. وليس في هذا خروج على شرع، ولا مخالفة لسنة، بل هو مجاراة لقرآن لا تنفد خزائنه، وسنة ربانية ماضية الى سبيلها، تفرض ذاتها وتسحق مخالفها، كما شرح ايضا السيد الصدر في حديثه عن السنن الربانية التاريخية، فلا اعيد.
    وهذا هو الخيار الثاني المتاح للدعوة: تحديث نفسها واعادة انتاج ذاتها بطريقة تضمن خروجها من القديم الذي مضى اوانها الى الجديد الذي فرض نفسه راهنا، والى ما يستجد منه مستقبلا.
    ويسألني الداعية: ما لذي يراد تحديثه في الدعوة؟
    واقول له، بروحية المراقب المجتهد المحايد المهتم بالشأن دون ارتباط ذاتي او شخصي به، ما يلي:
    اولا، تحديث الهدف. فقد كان هدف الدعوة اقامة الدولة الاسلامية، التي وضع لها مؤسس الدعوة اسسا غدت من امهات مصادر الفكر الدستوري للاسلام السياسي المعاصر. لم يعد هذا الهدف شاغل الدعوة، الان، وقد كان ابو عصام مثل المتنبئ لذلك حين كتب ذات مرة يقول ان تحقيق الدولة الاسلامية يرتبط، من بين عوامل اخرى، بالظروف الدولية والاقليمية. وها هي الظروف المحلية، فضلا عن الدولية والاقليمية المحيطة بالعراق، تسحب هذا الهدف من التداول. وليس يصح ان تبقى الدعوة بلا هدف تسعى اليه، وتثقف عليه افرادها ومريديها وجماهيرها، والا انتفت ضرورة وجودها كحزب سياسي اسلامي مبدئي تغييري كما تصف نفسها. والهدف الذي يمكن ان تسعى اليه الدعوة دون ان يتعارض مع سيرتها الراهنة ولا مع صفتها المبدئية، هو "المشروع الحضاري الاسلامي"، الذي يتم تجسيره مع "مشروع الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة". وبذا تجمع الدعوة بين اسلاميتها، مع اخراج مسألة الدولة الاسلامية عن هذا التوصيف، وبين ضرورات الواقع العراقي الذي تعمل فيه وتشارك في حكمه، فتغدو حزبا اسلاميا عراقيا حديثا. وهذا يتضمن بطبيعة الحال ان تبلور الدعوة موقفا واضحا من قضية الديمقراطية، ومسألة المواطنة، وعلاقة الدين بالدولة والسلطة.
    ثانيا، تحديث الهوية المذهبية: لظروف تاريخية متعلقة بالنشأة اصبحت الدعوة حزبا شيعيا، من حيث الانتماء البشري والانتشار الجغرافي. ولما كان تحديث الهدف ادى الى تبني هدف عام، ليس فيه اية مسحة مذهبية او طائفية، فان ذلك يستهدف تبديل الطابع المذهبيالطائفي الحصري للدعوة، باخرعابر للطوائف والمذاهب وربما حتى الاديان، وذلك بضم اعضاء جدد من الطوائف والاديان الاخرى، ليصبح الحزب وطنيا بمعنى كونه يضم المواطنين المؤمنين بمشروعه السياسي بغض النظر عن دينهم ومذهبهم. وهذا يعني ان الدعوة سوف تسعى الى الانتشار خارج المحافظات المعروفة بطابعها الشيعي الخالص. وربما سوف تجد الدعوة بعض الصعوبة في هذا الانتشار، حيث يعيش 54% من الشيعة او السنة في مناطق مذهبية خالصة لهم، و31% منهم في مناطق ذات اغلبية من مذهب واحد، في حين لا يعيش سوى 15% من الشيعة والسنة في مناطق مختلطة مذهبيا. ربما تغيرت هذه النسب الى الاسوأ بعد اعمال العنف الطائفي في عامي 2006و2007 ويمكن ان يتعاون الحزب الاسلامي العراقي وحزب الدعوة في كسر الصفة المذهبية المغلقة لكل منهما، في اطار مشروع يتعلق بمجمل الاسلام السياسي، وهو امر سوف اتطرق اليه في مقال اخر.
    ثالثا:تحديث التحالفات السياسية والسلوك الانتخابي: انحصرت التحالفات السياسية للدعوة بعد التغيير بالانظمام الى الائتلاف العراقي الموحد، وهو تشكيل سياسي شيعي حصرا الامر الذي كرس الصفة المذهبية الشيعية لحزب الدعوة. في خطة اعادة الانتاج والتحدث التي ادعو اليها سوف يتعين الخروج من هذا الاطار، في مسعى اشمل لتفكيك التحالفات المذهبية، والدخول في تحالفات ذات صفة وطينة سياسية، ويمكن ان تكون الخطوة الاولى مع الحزب الاسلامي نفسه. ومثل هذا التحالف سيؤدي الى تغيير السلوك الانتخابي للدعوة والحزب الاسلامي العراقي، معا، حيث سوف يتاح لهما العمل سوية في مناطق شيعية واخرى سنية.
    هذا هو اجتهادي في الامر، فأن اصبت فلا اريد اجرا من احد، عدا الله، وان اخطأت فارجو المغفرة من الله، والسماح من اصحاب العلاقة.
    الاداره
    الاداره
    Admin


    عدد الرسائل : 418
    تاريخ التسجيل : 02/02/2009

    المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Empty رد: المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط

    مُساهمة  الاداره الثلاثاء مارس 17, 2009 4:14 pm

    4
    امضيت الفترة الماضية التي تلت نشر اخر مقال لي في هذا الموقع، بالتأمل في الردود والمقالات التي نشرت بشأن ما اثرته من افكار حول مسألة المراجعة مع اني لم اكمل بعد عرض بقية افكاري حول الموضوع.. وسرني جدا هذا التفاعل مع الفكرة الامر الذي يدل على حيوية فكرية وحوارية اراها ضرورية. تعمدت، كما قلت في البداية، ان اختفي وراء اسم مستعار لأبعد خطر الشخصنة عن الافكار المطروحة، ولأحميها من الوقوع ضحية النظر اليها من خلال معادلة "من قال، بدل ما قال" وهي معادلة اراها تحكم الكثير من سجالنا الفكري والسياسي للاسف. لكن بعض الردود ابت الا الشخصنة، الى الدرجة التي دفعت احد المساجلين الاعزاء، اعني سرمد حيدر، الى مطالبة ايكاروس، بل توجيه النصح له، بان "يأتي الى العراق ليمارس دوره في بناء المجتمع ولينطلق في كتاباته من باب حاجة الجمهور ومعاناتهم اليومية، فالمشغول بمشاكل انية غير الذي ينظّر من دون ان يعرف لماذا ينظّر". وانا لا اعترض على مقولة الانخراط في العمل اليومي في ميدان العمل، اي العراق، فقد كان الكثير من المفكرين واصحاب الاراء مناضلين في نفس الوقت، واذكر مثالا واحدا على ذلك هو الفيلسوف كارل ماركس، الذي امضى جل حياته في التنظير والتفكير ومزاولة النضال السياسي ايضا. لكني اجد من الضروري ان اوضح للاخوة القراء مسألتين في هذا المجال، قبل ان اواصل الحديث عما بدأته. المسألة الاولى، ان التعامل مع الافكار المطروحة لاينطلق بالضرورة بالارتباط بشخص كاتبها، فقد تكون خاطئة او صائبة بغض النظر عن هذا الارتباط. وقد يطلب المؤمن الحكمة من فم الكافر، ولست بكافر على اية حال. اما المسألة الثانية، فهي ان ايكاروس ليس على صلة عملية بالشأن السياسي العراقي، ولا يطرح على نفسه الانخراط به، وهذا امر يخلق درجة كبيرة من الحيادية والموضوعية، ويصون الفكرة من تضارب المصالح conflict of interests الامر الذي قد يعاني منه من يخلط بين الانخراط اليومي بالعمل السياسي وبين التنظير النقدي له. فليس ايكاروس سوى مراقب محايد لما يجري في العراق، وليس طرفا عمليا فيه باي شكل من الاشكال. وبالتالي فانا اكرر رجائي هنا بان يتم التعامل مع الافكار بوصفها كذلك، بدون الانزلاق الى شخصنتها.
    حينما دعوت للمراجعة السياسية، جعلت من حزب الدعوة نموذجا للفكرة، ولم احصرها به، ذلك ان ما يجري في العراق عبارة عن عملية سياسية اجتماعية تاريخية كبرى، ليس حزب الدعوة سوى احد اطرافها. وهي تشبه في ضخامتها تلك العملية السياسية التي شهدتها فرنسا في اواخر القرن الثامن عشر قبل الثورة في عام 1789 وبعدها. وحينما اتحدث عن المراجعة السياسية فاني ادعو الى مراجعة مجمل مسيرة السنوات الخمس الماضية، والتي شهدت سقوط نظام دكتاتوري، بواسطة قوات اجنبية، دون تقليل الدور الكبير الذي قامت به قوى الشعب العراقي من اجل اسقاطه قبل ذلك. ولم تستقر العملية بعد على ارساء اسس نظام جديد يشكل مفارقا نوعيا للنظام المقبور، بل ان العملية السياسية وقعت في اخطاء وهفوات وثغرات تتعارض مع الهدف الوحيد الذي سيشكل بديلا نوعيا لنظام صدام، وهو الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة.
    منذ اللحظات الاولى لانهيار النظام الدكتاتوري المتخلف، اتضحت معالم الطريق الذي بدا ان القوى الفاعلة، من قوى المعارضة الخارجية ومن القوى الداخلية الناشئة، قررت السير فيه.
    ومن هذه المعالم:
    اولا، غياب المشروع الوطني الجامع لبناء الدولة المدنية الحديثة. ولم تنبر اية جماعة من المجموعات الفاعلة على الارض لطرح مثل هذا المشروع والدعوة اليه.
    ثانيا، غياب التمييز بين الدولة والسلطة/ الحكومة لدى هذه الجماعات، الى الدرجة التي جعلت مفهوم السلطة/ الحكومة يأكل مفهوم الدولة.
    ثالثا، تركيز هذه المجموعات على السلطة/ الحكومة، وتقاسمها، اكثر من تركيزها على بناء الدولة. واصبح للسلطة/ الحكومة الاولوية الاولى.
    رابعا، ولم تتم عملية بناء السلطة/الحكومة على اساس مفهوم الشراكة بين قوى سياسية تمثل شرائح من الموطنين تمثيلا سياسيا، انما تم على اساس تقاسم مواقع السلطة/ الحكومة بين قوى تدعي تمثيل مكونات اجتماعية: عرقية او دينية او مذهبية.
    وفي هذا تراجع مفهوم المواطن، لحساب مفهوم المكون، وتراجع مقياس الكفاءة، لصالح مقياسي الولاء والانتماء.
    خامسا، ولم يكن بوسع هذه القوى وهي بهذا التوجه ان تصوغ دستورا يتكفل باقامة دولة ديمقراطية مدنية حديثة، دستورا يؤسس لحياة سياسية ديمقراطية سليمة، و يؤسس لعلاقة المواطنة بين الفرد والدولة، بل استبدل كل ذلك بدولة مكونات، وليس دولة مواطنين، ودولة محاصصة توافقية، طائفية وعرقية، وليس دولة ديمقراطية.
    ويفسر هذا جزئيا لماذا اصبح العراق دولة فاشلة، بالمقاييس المعروفة عالميا، بما في ذلك احتكار الدولة لاستخدام العنف، وتمكنها من فرض شرعيتها وسلطتها على كامل اقليمها الارضي، وغير ذلك.
    لا يتجاهل هذا التقييم الانجازات التي يمكن ان تكون قد تحققت في الفترة الماضية، لكنه يقول انها انجازات لم تتعلق بالجوهر، انما بالاعراض والمظاهر الخارجية.
    هذا الوضع هو الذي يدعو الى المراجعة، مراجعة مجمل المسيرة السياسية والاداء السياسي، ليس من اجل ادانة احد او الانتقاص من احد، وانما من اجل تصحيح المسيرة، وتعويض النواقص؛ من اجل استئنافها وفق رؤية مرتبطة موضوعيا وعضويا بمفهوم الدولة المدنية الحديثة كهدف تسعى اليه المسيرة والقوى الفاعلة، وكهدف يحقق للمواطن العراقي طموحاته في السعادة والامن والحياة الكريمة.
    الاداره
    الاداره
    Admin


    عدد الرسائل : 418
    تاريخ التسجيل : 02/02/2009

    المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط Empty رد: المقالة الثانية..المراجعة السياسية : الدعوة نموذجا... محمد عبد الجبار الشبوط

    مُساهمة  الاداره الثلاثاء مارس 17, 2009 4:16 pm

    5
    لمذا تقرن الدعوة الى المراجعة السياسية والفكرية بحزب الدعوة؟ بل لماذا جعلتُ حزب الدعوة نموذجا للمراجعة المنشودة؟
    ثمة اسباب لذلك تندرج تحت ثلاثة عناوين رئيسية.
    العنوان الاول، اسباب متعلقة بالدعوة نفسها
    1. الدعوة تصف نفسها بانها حزب تغييري، مبدئي، اسلامي.
    • التغييرية، او الانقلابية كما كان يصفها محمد باقر الصدر، تفرض على الدعوة ان لا تنظر الى الامور نظرة جذرية، وان تتحرك دائما من اجل تغييرها نحو الافضل، والافضل تعبير نسبي يقاس الى النظرية المتبناة من قبل الدعوة. ليس من شأن الحزب التغييري ان يستسلم للواقع، سياسيا او ثقافيا، وانما يتعامل معه من موقع المغير.والواقع السياسي العراقي، بعد سقوط النظام الدكتاتوري، يستدعي الكثير من الممارسة التغييرية، مما سوف اتناوله في العنوان الثالث من هذا المقال.
    • المبدئية تعني ان الدعوة تتعامل مع الاشياء والظواهر من خلال تصورات فكرية مبدئية، تميزها عن الاحزاب شبيه المبدئية او الاحزاب المبدئية. وهذه توصيفات كان الدعوة تطلقها على احزاب اخرى، تمييزها لنفسها عنها.وتحتاج ممارسات الدعوة السياسية، وتحولاتها الفكرية، الى تأسيس نظري في كل حالة، حتى تحافظ على صفتها المبدئية. لايجوز، مثلا، الانزلاق نحو تبين الديمقراطية، دون التأسيسي النظري والفكري الذي يقدم تفسيرا وتسويغا وتبريرا لذلك، يوضح ان تقع الديمقراطية في النظرية السياسية للدعوة، وان تقع في منظومتها الفكرية العامة، خاصة اذا بقينا نتذكر موقف الدعوة الرافض بحزم للديمقراطية لفظا ومضمونا، كما تقول ادبياتها القديمة.
    • والاسلامية، تعني ان للدعوة نظريتها الخاصة عن الاسلام، ومسوغ لحملها هذا الوصف. واذا كانت شعار الدولة الاسلامية من بين هذه المسوغات في فترة سابقة، فان سحبه من التداول يفترض البحث عن بديل له للحفاظ على مسوغ التوصيف الاسلامي. وكنت قد طرحت في مقال سابق المشروع الحضاري الاسلامي، كبديل عن مشروع الدولة الاسلامية، واليوم اطرح الاخلاقية الاسلامية كأطار يميز الممارسة السياسية الدعوتية عن غيرها.
    2. الدعوة حركة اسلامية رائدة في العراق. وكانت توصف في السيتنات بانها "امل الامة"، ويقال ان محمد باقر الصدر قال "اوصيكم بالدعوة خيرا". وكان عبد الصاحب دخيل ابو عصام يصفها بانها "تيار افكار ومواكب ابطال". وكانت الدعوة تقول عن نفسها "الدعوة وحدها" وتصف افكارها بانها صحيحة حتى يتبين العكس، مع استعداد للمراجعة الفكرية في حال تحقق ذلك اي العكس. وكل هذا مما يستطيع الداعية الحديث ان يجده في ادبيات الدعوة القديمة التي تؤلف ما يعرف بخط الدعوة. وحركة تاريخية من هذا النوع تتطلع الى التطور والاضافة بشكل مستمر، ولا يمكن تحقيق ذلك دون اجراء المراجعات الفكرية والسياسية والتنظيمية بين فترة واخرى، وخاصة في المنعطفات الكبرى والتحولات التاريخية. كما لا يصح ان تنجر الدعوة الى ممارسات واقعية، دون اجراء المراجعات الفكرية والنظرية قبل واثناء وبعد ذلك، لتبرير وتسويغ هذه الممارسات ووضعها في سياقها المنسجم مع ما تطلقه الدعوة على نفسها من اوصاف. يستطيع المراقب ان يتخيل الدعوة كخلية نحل دائبة الحركة والانتاج والبناء والتنظيف.
    3. تعرضت الدعوة، وما زالت تتعرض لهزات وانشقاقات كثيرة، في تاريخها الطويل، واذا كان انشقاق الثمانينات مجموعة ابو ياسين هو الاشهر، فان انشقاق ابراهيم الجعفري هو الاخر، وربما ليس الاخير. وبين التاريخين انشاق سامي البدري، وتشكيل حركة الكوادر، وقيام تنظيم العراق. هذا على خلاف الكثير من الدعاة الاوفياء الذين اثروا العزلة والجلوس في بيوتهم، دون ان يقولوا او يفعلوا شيئا. وحزب يمر بكل هذا التاريخ والتطورات حري باجراء المراجعات المستمرة لمسيرته، خاصة بعد وصوله الى سدة الحكم، بعد سقوط نظام بطريقة كان يعارضه اشد المعارضة. ولا يجوز الركون الى ماكان نوري المالكي يعتبره "تساقطا عن مسيرة الدعوة" حين كان يُسأل عن بعض الدعاة الذين خرجوا منها.
    4. الدعوة الان حزب حاكم أو حزب مشارك للحكم بدرجة كبيرة. رئيس الوزراء هو الامين العام للحزب، وهناك نواب اعضاء فيه، وكذلك وزراء ينتمون الى تنظيم اخر يحمل نفس الاسم باضافة ذكية لعبارة تنظيم العراق. ووكلاء وزراء ومدراء عامون وغير ذلك. والناس تتنظر من الحزب الحاكم اكثر مما تتنظر من غيره. ولا ينفع قول بعض الدعاة ان الحكومة الراهنة ليست حكومة الدعوة، لكنها حكومة المالكي. فالحق ان الحكومة الحالية حكومة ائتلافية قامت على اساس المحاصصة التوافقية، وللدعوة حصة كبيرة فيها. ان الدعوة، وهي الان في الحكم، بحاجة الى كل الطاقات والكفاءات التي تمت اليها بنسب، من اجل رفدها في موقعها الجديد، والزهد بهذه الطاقات او التحجج بعدم وجودها، كما نسب لأحد مستشاري المالكي. ولست اريد ان اصدق الرواية التي تقول ان المالكي برر احتفاظه الى الان باحد مستشاريه الذي لا يتمتع بكفاءة وخبرة تناسب موقعه بعدم وجود غيره. فالرواية التي وصلتني غير موثقة وغير مسندة، لكن القرائن الحالية تؤيدها!!
    العنوان الثاني، اسباب متعلقة بالاسلام السياسي في العراق
    1. الدعوة مكون مهم من مكونات الاسلامي في العراق. ويتألف هذا التيار من عدة مكونات اسلامية شيعية وسنية، بعضها في الحكم وبعضها خارجه، بعضها سياسي بحت، والبعض اخر مسلح. ومن هذه المكونات المشاركة في العملية السياسية المجلس الاعلى، والتيار الصدري، وحزب الفضيلة، والحزب الاسلامي العراقي. وكل هذه المكونات محصورة بطوائفها من حيث العضوية، والانتشار الجغرافي، وهوية الناخبين، والتحالفات السياسية، ولا يوجد من بينها مكون عابر للحدود المذهبية في اي من هذه الدوائر الاربع. كما انها لا تعبر عن رؤية سياسة موحدة، ما يعني ان صفة الاسلامية فيها ليست قادرة على توحيد رؤاها السياسية، ما يعني ان الموقف السياسي لديها اقوى تأثيرا من الوصف الاسلامي. ولا يعلن اي منه ان هدفه اقامة دولة اسلامية، او تطبيق الشريعة الاسلامية، ما يجعلها جميعا بدون مشروع اسلامي خاص يميزها عن غيرها من الاحزاب السياسية التي لا تصف نفسها بالاسلامية. رغم هذا فان الاسلام السياسي هو الطرف الاقوى الان في العراق، ما يعني ان مستقبل العراق يتوقف، من بين امور اخرى، على مايمكن ان يقدمه الاسلام السياسي للعراق. والعكس يصح، لا سمح الله.
    2. تشير استطلاعات الرأي العام الى وجود حالة من الاستياء او عدم الرضا عن اداء الاسلام السياسي العراقي، وربما تفضيل التيارات التي لا تصف نفسها بالاسلامية عليه، بسبب ما يعتبره الرأي العام فشل الاسلام السياسي في الوفاء بمتطلبات الحكم وخدمة المواطنين وحل مشكلات الدولة. وربما لاينسب الرأي العام الانجازات الامنية التي تحققت الى الاسلام السياسي بقدر ما ينسبها، من بين امور اخرى، الى المالكي نفسه.
    3. هذا الوضع يفرض على كل اطراف الاسلام السياسي مراجعة نفسها ومسيرتها واطروحاتها، قبل فوات الاوان. ولهذا قلت في مقال سابق ان المراجعة لا تعني الدعوة وحدها. انما تشمل كل قوى الاسلام السياسي. لكن الدعوة يمكن ان تمسك زمام المبادرة في هذه المراجعة، كونها الاكثر خبرة دون الانتقاص من قدرات الاطراف الاخرى بطبيعة الحال. يمكن للدعوة ان تتبنى الدعوة الى تجديد الاسلام السياسي وتحديثه ربطه عضويا بمفهوم الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة. لقد كان الدعوة متهمة من قبل بانها حزب مثقفين. الان يفترض ان تتحول هذه التهمة الى نعمة. ويتم توظيف النعمة في مساعدة الاسلام السياسي على انتاج فكر اسلامي وسياسي وتنظيمي جديد، قادر على المساهمة الايجابية، باسم الاسلام السياسي، في بناء الدولة المدنية الحديثة في العراق. قد تكون مبادرة الدعوة الى مراجعة نفسها نموذجا مشجعا يحتذى من قبل قوى الاسلام السياسي الاخرى. وفي هذا مصلحة لها وللاسلام السياسي وللعراق.

    العنوان الثالث، اسباب متعلقة بالعملية السياسية العراقية
    1. انجزت العملية السياسية الكثير من الخطوات المهمة والجيدة. فثمة دستور مصادق عليه مع حفظ الضرورة الى اجراء التعديلات الضرورية، وتم تشكيل مؤسسات منتخبة كالبرلمان مع حفظ الملاحظات عن مستوى ادائه، وتم تشكيل حكومة مصادق عليه من قبل مجلس النواب مع حفظ الملاحظات على مستوى ادائها.
    2. لكن هذه العملية تعرضت الى هفوات وثغرات تأسيسية وجوهرية كثيرة ذكرتُ بعضها في مقال سابق، فلا اعيد، وقد ادت هذه الثغرات الى مضاعفات سلبية خطيرة على حاضر العملية السياسية ومستقبلها. ومن هذه النتائج:
    • تعثر بناء الدولة الدستورية الديمقراطية الحديثة، خاصة لجهة تكريس العلاقة بينها وبين رعاياها على اساس المواطنة، والاندماج الوطني بين مكونات المجتمع العراقي المختلفة.
    • تعثر اداء الحكومة على مستوى وظائفها الاساسية وخاصة تحسين مستوى حياة الانسان.
    • استشراء الفساد المالي والسياسي والاداري بشكل جعل العراق في مقدمة قائمة الدول التي تعاني من الفساد. ولا يكفي القول ان هذا الفساد من مخلفات النظام السابق، فهذا الكلام صحيح جزئيا، لكنه لا يكفي لتفسير الفساد التي تعاني من المؤسسات السياسية التي قامت بعد سقوط النظام بدءا من مجلس الحكم المنحل.
    • وهذا كله ادى الى احتلال العراق موقعا متقدما في قائمة الدول الفاشلة في العالم. وليس فشل الدولة في الوفاء بوظائفها الاجتماعية التي الزمها بها الدستور الدائم سوى مثال واضح وصارخ على ذلك.
    3. ولما كانت الدعوة هي الحزب التغييري المبدئي الاسلامي صاحب الدور الكبير في الدولة والمجتمع والسلطة، فمن الطبيعي ان تتم مطالبتها باجراء المراجعة الشاملة لها وللاسلام السياسي وللعملية السياسية، لمعالجة كل هذه الثغرات والمضاعفات وصولات الى البديل الموضوعي لها وهو الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة. انني اعتقد ان الدعوة تملك، وينبغي لها ذلك، ان تأخذ زمام المبادرة الى هذه المراجعة الشاملة. واذا كان احد المعلقين الكرام تساءل ذات يوم ان كانت الدعوة تعاني من ازمة تنظير ام ازمة منظرين، فاني اقول انها لا تعاني من ذلك، بقدر ما تعاني من ازمة تفعيل لخياراتها في هذا المجال.
    ...ويبقى السؤال: المراجعة باي اتجاه؟
    لم اكمل هذه السلسلة بعد

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 11:41 am