القسم الثاني
محمد عبد الجبار الشبوط
دور الاحزاب في المصالحة
اولا، مقدمة
تستطيع الاحزاب من الناحية المبدأية لعب دور كبير في المصالحة الوطنية: كبير في انجاح المصالحة، اوكبير في افشالها.
ويعتمد دور الاحزاب في القيام بهذا الدور، باحد بعديه، على ثلاثة امور اساسية، هي:
اولا، مدى انسجام الاحزاب مع اهداف المصالحة،
وثانيا، مدى كونها جزء من المشكلة/الازمة،
وثالثا، مدى قدرتها على ان تكون جزء من الحل.
هذا، فضلا عن امر رابع لا يدخل في صميم هذه الورقة، وهو مدى استعداد الحزب ونيته للعب دور ايجابي ومدى امتلاكه القدرات والمؤهلات والامكانيات التي يتطلبها هذا الدور.
والمقصود واضح. فالاحزاب غير المنسجمة مع اهداف المصالحة، او تلك التي هي جزء من المشكلة/ الازمة، او التي لا تملك المواصفات المشروطة واللازمة التي تجعلها جزء من الحل... مثل هذه الاحزاب لا يمكن ان تلعب دورا ايجابيا في تحقيق المصالحة الوطنية، انها ببساطة لا تستطيع ان تخدم مشروع المصالحة الوطنية، والعكس بالعكس.
ثانيا، الاحزاب واهداف المصالحة
يساهم الوعي والمعرفة السياسية المسبقة في تحديد الاهداف، لكن هذا التحديد ليس ذاتيا، او اجتهاديا، فقط، وانما يجب ان يكون واقعيا، واعني بكلمة "واقعيا": تحديد الهدف انطلاقا من رؤية موضوعية وعلمية لحاجات الواقع. على ان يمارس هذا العمل اشخاص ليسوا اطرافا في المشكلة/ الازمة، ولا يحتمل خضوعهم لتضارب مصالح.
والقراءة التحليلية للواقع السياسي العراقي تسمح بافتراض ان اهداف المصالحة الوطنية يمكن ان تترتب موضوعيا، وليس بالضرورة زمنيا، كما يلي:
اولا، الهدف الاساسي: بناء الدولة العراقية الجديدة، انطلاقا من ان حرب عام 2003 ادت ليس فقط الى سقوط النظام الدكتاتوري، وانما الى انهيار الدولة ايضا، وترتب على تداعيات الاحداث بعد ذلك، بما في ذلك الاخطاء التي ارتكبتها الادارة الاميركية، والمشكلات التي تفاقمت بعد ذلك، جملةُ ظواهر سلبية، في مقدمتها ضعف مفهوم الدولة، وتراجع الهوية الوطنية المشتركة لصالح صعود هويات فرعية، وتوتر العلاقات بين المكونات الاجتماعية، الامر الذي استغلته قوى خارجية واخرى داخلية، لدفع البلاد الى اتون اقتتال داخلي طائفي قد يجر الى حرب اهلية واسعة النطاق. فضلا عن الفساد الاداري والمالي والسياسي الذي تفاقم في الاونة الاخيرة. وكل هذه امور عرقلت بناء الدولة الحديثة.
يستلزم الخروج من هذا الواقع، والتمهيد لبناء الدولة الجديدة، يناء توافق سياسي وطني عام حول المحاور الاربعة الاساسية التالية:
اولا، الدولة.
ثانيا، السلطة.
ثالثا، الثروة.
رابعا، الارض.
ويفترض ان هذه الامور حسمت عن طريق الدستور الدائم، لكن الدستور سكت عن اشياء كثيرة، واجل المواضيع الخلافية المهمة الى مرحلة تالية، فضلا عن ان التطورات اللاحقة اظهرت ان الدستور لم يحظ بعد باجماع واحترام حتى من قبل الذين كتبوه. ما يعني ان البلاد مازالت بعد بدون توافق وطني عام سيمثل العمود الفقري للثقافة الوطنية المشتركة التي تشكل بدورها اساسا للهوية الوطنية العراقية الجديدة. وهنا يأتي الدور الاكبر للاحزاب السياسية من اجل انتاج هذا التوافق الوطني، و الشروع ببناء الدولة بناء عليه.
ثانيا، الهدف العملي المباشر: اقامة حكومة كفوءة، قادرة على ادارة البلاد، وتوفير الخدمات الاساسية للمواطنين، وحل المشكلات الملحة، بما في ذلك الامن، والبطالة، وتدني مستوى الدخل الفردي، والشروع بتحسين مستوى ونوعية الحياة لعموم الناس، واستكمال السيادة ومصير القوات الاجنبية والمهجرين وضحايا العنف والارهاب وغيرها.
وهذه المهمات تتطلب اجراءات كثيرة منها:
1. اختيار وزراء على اساس الكفاءة والخبرة وليس على اساس المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية. ربما كان التفكير بحكومة تكنوقراط افضل. وربما تطلب الامر اجراء تعديل جذري في الحكومة الراهنة.
2. وضع خطة بجدول زمني واضح لتحسين الخدمات العامة، وخاصة الصحة والتعليم والنقل والبريد والهاتف.
3. الحل الفوري لمشكلة منتسبي الكيانات المنحلة. على اقل التقادير اعادة صرف رواتبهم.
4. اجراء انتخابات المحلية في المحافظات.
5. اصلاح النظام الانتخابي.
6. المعالجة الفورية والعلمية لمشكلة الرواتب، على اساس الحاجة الفعلية لتوفير مستوى معيشة كريم للمواطن يأخذ بنظر الاعتبار مستوى التضخم والقدرة الشرائية، ومتطلبات المعيشة بالمستوى اللائق، وليس على اساس حسابات ورقية،
7. اجراء تغييرات في هيئة اجتثاث البعث تعيد الثقة الى النفوس.
8. تعديل الدستور.
ثالثا، الهدف العاجل: انقاذ البلاد من كارثة الحرب الاهلية، وانهاء التوتر، بل الاقتتال الطائفي الذي يكاد ينطلق من عقالة نحو حرب اهلية واسعة النطاق، بما في ذلك القضاء العاجل على الجماعات الارهابية من جهة، والتوصل الى تسوية سياسية مع الجماعات المسلحة ذات الاستعداد الاولي لنزع السلاح والانضمام الى العملية السياسية، بدون وضع شروط تؤدي الى الغائها، ومصادرتها على المطلوب، من جهة ثانية.
وهذا يتطلب:
1. حل الميليشيات عبر مشروع شامل لأعادة تأهيل افرادها وادماجهم بالعجلة الاقتصادية والانتاجية للمجتمع.
2. بناء الاجهزة الامنية وقوات الجيش والشرطة على اسس وطنية تضمن ولاء افرادها للواجب الوطني وعدم ازدواجية الولاء او الاختراق.
3. ادماج الجماعات المسلحة بالعملية السياسية، بعد ان تتخلى عن حمل و استخدام السلاح.
عدل سابقا من قبل الاداره في الأربعاء مارس 18, 2009 1:12 am عدل 1 مرات
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري