الدور الهش للاعلام ومنظمات المجتمع المدني
في تغطية مظلومية الكورد الفيليين وسير المحكمة الجنائية العليا "
صباح زنكنة
يمكن القول ان مأساة الكرد الفيليين هي اكبر من ان تبلغه اقلامنا واعظم من ان يستهان بها ذلك لان الذي جرى على الكورد الفيليين من تهجير وابادة تعد صفحة سوداء لطخت هامة التاريخ وعارا مابعده عار لما لحق بهذه الشريحة من نكبات لعقود طويلة ولمرات ومرات ومرات ، مرة عندما اضطهدوا ومرة اخرى عندما تغاضى التاريخ والاعلام بصورة متعمدة عنهم لتُجرد هذه المآسي من حقيقتها بتعتيم قل نظيره ، ومرة اخرى عند موسم حصاد ثمار الدماء اى بعد سقوط النظام حين توفر ممثلون ذوي مناجل متكسرة اي سياسيين ضاقت عليهم المساعي والوسائل من ان ينتزعوا ثمار بِركة كبيرة من الدماء ومرة اخرى واخرى ووووو ..
ومع مرور الوقت تكشفت حقيقة واحدة واتضحت معالمها بما لاتقبل الشك ان الاعلام الذي كان ينبغي توفره في زمن الظلم والاقصاء، توفر في الوقت الحالي بعد عمليات قيصرية متتالية ولكنه ولد وللاسف الشديد طفلا مشلولا تخطى مرحلة الاجهاض باعجوبة، حيث لايزال الاعلامي الفيلي ان صح التعبير وللاسف الشديد يراوح مكانه لدرجة عده بعض المتابعين ان وجوده مثل عدمه .
نعم رب معترض يقول كيف تنفي وجود الاعلام وهناك اذاعات خاصة وصحف وما الى ذلك من وسائل تعمل بشكل مستمر؟
وللجواب نرى بان العبرة ليس في ان تمتلك سيفا او بندقية ولكن العبرة في كيفية استخدامها !! وهل تم استخدامهما بالفعل او جيد في استخدامه؟.
ومع ذلك لا يمكنني ان انفي جهودا حثيثة بذلت من هنا وهناك من قبل بعض الجهات الاعلامية المعنية بالشأن الفيلي رغم نزرها وندرتها ،فضلا عن محاولات جادة بدرت من مثقفين واعلاميين سواء كانوا كوردا فيليين او مهتمين بالشأن الفيلي ،وهي بالنتيجة اشبه بجرف او رافد صغير يصب في بحر هائج من الماكنات الاعلامية الضخمخة التي تتعامل مع مؤسسات اعلامية عملاقة لا حدود لدعمها تقصي عبر كاسحاتها الخبرية اي خبر لا يتفق مع اجندتها .
وما دمنا في هذا الصدد لابد من ان أذكر بعض ما اوردته هذه الماكنات الاعلامية العملاقة وكيفي تعاملت مع القضية الفيلية ويمكن ان نختار نموذجين مع عدم الاشارة الى مصادرهما لان الاسلوب هذا ورد في اكثر من مصدر ،صحيفة كانت اوفضائية ، والعبرة ليس في (من قال؟) ولكن في (ماذا قيل؟) مادام المهم كيف يراك الاخرون لا كيف تراهم .
فقد اوردت احدى الوسائل الخبرية خبر محاكمة الجناة في قضية الكرد الفيليين بالشكل التالي :
(استأنفت المحكمة الجنائية العراقية العليا ببغداد اليوم جلساتها لمحاكمة مجموعة يعتقد انهم وراء تهجير كورد عراقين من اصول ايرانية اوائل ثمانينات القرن المنصرم )او (ابان الحرب العراقية الايرانية)
والصورة هذه تضم في طياتها امور مهمة منها ان ماحصل كان في حكم الطاغية صدام, ولكن دون التصريح بذلك وان ايراد عبارة (يعتقد )تأتي بمثابة التشكيك وان كان المدار اللغوي يبين ان هذه العبارة تعني بمعنى الاعتقاد ،والاعتقاد من المراحل العالية للجزم اواليقين بخلاف التصور، ومع ذلك جاءت العبارة للتشكيك في الجرم الذي اقترفه النظام المباد ،ثم ان هذه السياقات التي عادة ما تتتداولها بعض وسائل الاعلام العربية تهدف الى تحقيق غايات مريبة وهي التشكيك في التهمة الموجه الى النظام وتبرزها كانها تهمة ضعيفة للغاية ،لاسيما وانها اقتصرت على الاتهام بالتهجير دون الاشارة الى اعدام المئات والاستحواذ على الممتلكات وذلك لتبرئة ساحة صدام مما ووجه اليه من اتهامات.
كما ان ايراد الخبر بان (المحاكمة تأتي لتهمة تهجير كرد عراقين من اصول او جذور ايرانية)!! تعد عملية اقصاء واضحة لعراقية هذه الشريحة واشعار المتلقي انهم ايرانيون ويستحقون ما يجري عليهم لاسيما وان مرحلة الثمانينات شهدت حربا ضروسا مع ايران امتدت لثمانية اعوام و ان وجودهم يشكل خطرا على الامن الوطني والقومي (في ترسيخ واضح للصراع العربي الفارسي التي تحاول الوسائل الخبرية العربية توسيعها بعد بروز ايران في المنطقة كقوة عظمى يتخوف منها) ، باختصار هم يرومون ايصال رسالة مفادها عدم التعاطف مع قضية الفيليين ما داموا يشكلون خطرا سابقا وحاليا وهي رسالة لاتنطلي على السذج فكيف باليقضين!!.
وفي وسيلة خبرية اخرى ورد الخبر بالشكل التالي من ان (المحكمة الجنائية العليا استأنفت محاكمتها لافراد من اعوان نظام صدام حسين يعتقد انهم وراء تهجير عدد من الكرد الشيعة )
ولا داعي لاكرر ماشرحته آنفا ولكن تستوقفنا نقطتان الاولى كلمة( افراد) والاخرى (الكورد الشيعة) ،فعبارة افراد يأتي ضمن سياق التقليل من هول المصيبة من ان ما حدث ليس لشريحة باكملها انما لافراد منها، والتي تعني بها مجموعة قليلة حسب التعبير الاعلامي وايراردها لعبارة الكرد شيعة بمعنى انهم من مخلفات المد الصفوى! وهم ليسوا اصلاء كاكراد كردستان ، في اشارة طائفية واضحة تشبة الى حد بعيد بالتشكيك بعروبة العرب الشيعة في العراق ،في وقت يجدون فيه بان العرب السنة الايرانيين( اي ايران مهد الدولة الصفوية عندهم!) انهم عرب اقحاح! وهذه النقطة تثير السخرية واللطم ايضا !!.
ومعروف للقاصي والداني الحراك العربي الكبير لتغذية العنف في العراق وترويجها على اعتبارات طائفية التي القت بظلالها حتى على هذه الشريحة التي هي مزيج بين الكردي والشيعي .
ولايفوتني ان المثل المذكور اورد عبارة افراد من اعوان نظام صدام ما يعني ان القائمين على هذا الجرم هم جماعة صغير ربما ان مافعلته كان باجتهاد شخصي منهم اي انتهم ليسوا منظومة مرتبطة بنظام قمعي!.
والنموذجان التي اوردتهما يكفي لابراز كيفية تعامل الاعلام العربي مع قضية ساخة كهذه وليس لدي علم عن الاعلام الغربي كيف انها تعاملت مع القضية ذاتها.
وحتى لانذهب بعيدين عن انفسنا ومراجعتها ينبغي هنا القول ان هناك اخفاقات كنا السبب ورائها منها.
عدل سابقا من قبل الاداره في السبت مارس 14, 2009 9:29 am عدل 5 مرات
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري