الرؤية النقدية من خلال "الخيال الشعري عند العرب :
حلل أبو القاسم الشابي في القسم الأول من الكتاب : الخيال نشأته في الفكر البشري وما كان يفهم منه عند الإنسان الأول ،عارضا رأيه في الخيال باسطا له في نقط ثلاث :
النقطة الأولى: كون الخيال ضرورة لا غنى عنه ولا تقل ضرورته عن عناصر الحياة الأخرى وضروري لعقل الإنسان ولشعوره وما دام الخيال مصدر الطبع فهو عنصر خالد فينا .
النقطة الثانية : تلخص في أن استعمال الإنسان الأول للخيال لم يكن يعنى منه المجاز الذي نذهب إليه نحن بل يعتقد اعتقادا كاملا في أنه الحقيقة و قد وضّح الشابي هذه الحقيقة بقولة : رأيتم هذا المجهود الخيالي العظيم ، الذي يبذله الإنسان لإرواء نفسه وهو يحسب أنه الحق الأول الذي لا ريب فيه وإلا فهل كان يطمئن إليه ويقيم له فروض العبادة وهو يعلم أنه من زخرف الخيال الشارد ووحي الأوهام المعربدة ؟ *
والطريف في النقطة الثانية هو عرض الشابي إلى أنواع الخيال وقد قسمه إلى قسمين ، قسم يتفهم به الإنسان مظاهرالكون ومعايير الحياة وقسم يظهر به ما في نفسه من معان لا يفصح عنها الكلام العادي المألوف ، وهذا القسم الثاني من الخيال يتولد عنه نوع ثان من الخيال وليد الحضارة ورقي الإنسان ، وسماه الخيال اللفظي وحصر وظيفته في تجميل العبارة وزخرفتها .
وفى تحليل القسم الأول من الخيال يبرز الشابي أنه أقدم القسمين نشوءا في النفس قائلا :" لأن الإنسان أخذ يتعرف ما حوله أولا ، حتى إذا ما جاشت بقلبه المعاني أخذ يعبر عنها بالألفاظ والتراكيب ، ولما مارس كثيرا من خطوب الحياة وعجم كثيرا من أدواء الدهور وامتلك من أعنة القول ما يقتدر به على التعبير أحس بدافع يدفعه إلى الأناقة في القول والخلابة في الأسلوب فكان هذا النوع الجديد من الخيال الذي عمد إليه الإنسان مختارا فكان منه المجاز والاستعارة والتشبيه وغيرها من فنون الصناعة وصياغة الكلام " ( ص27 ) .
و لإبراز فكره أكد الشابي أن الإنسان شاعر بطبعه ولا يجمد شعوره أمام فتنة الطبيعة وسحرها ، ويبرز تفاوت الناس في إدراك الجمال والإحساس به وذلك حسب قوة الغريزة الشاعرة أوضعفها والتي تكون في كثير من الأحيان وليدة الحوادث والظروف.
وفي مسألة العاطفة والعقل فإن الشابي يبين أن الإنسان عند ولادته لا يملك غير حسه وعواطفه ، أما عقله فهو في مهد الحياة ضعيف غير محنك بنوائب الدهر .
والإنسان الأول قوي المشاعر متحفز للخيال بفضله فسر مظاهر الطبيعة الغامضة وعبر عما يجيش في نفسه من أفكار وعواطف وألح الشابي على فكرة أن الإنسان الأول، المعاني الخيالية أقرب إلى ذهنه من المعاني الحقيقية .
ويؤكد في الكتاب على أن الخيال يعتبر حقيقة في أول نشأته ولا يعد خيالا ولم يميز الخيال عن الحقيقة إلا بعد أن تطورت نظرة الإنسان إلى الحياة وأصبح يعرف أن الليل والنهار والعواصف والبحار ليست أرواحا لا آلهة وإنما هي مظاهر للنظام الإلهي .
وفى حاجة الإنسان إلى الخيال يقول الشابي : "الإنسان بحاجة إلى الخيال لأنه وإن أصبح يحتكم إلى العقل ويستطيع التعبير عن خوالج نفسه ، فهو لم يزل يحتكم إلى الشعور ، وسيظل كذلك لأن الشعور هو العنصر الأول من عناصر النفس واحتكامه إلى الشعور يدفعه ولا بد إلى استعمال الخيال لأن الشعور هو ذلك العنصر الجميل المتدفق في صدر الإنسانية منذ القديم مترنما بأفراحها متغنيا بميولها ورغباتها جائشا بكل ما لها من فكر وعاطفة ومن ضجة وسكون ومن هذا النهر الجميل تتولد خرائد الفكر وبنات الخيال" ( ص34 ).
ويعلل الشابي حاجة الإنسان إلى الخيال لأن اللغة مهما بلغت من القوة والحياة فلن تستطيع النهوض من دون الخيال بقدرة التعبير عن خلجات النفس الإنسانية وأفكارها وأحلام البشرية وآلامها بالألفاظ .
وفى مسألة العاطفة والعقل فإن الشابي يبين أن الإنسان عند ولادته لا يملك غير حسه وعواطفه أمام عقله فهو في مهد الحياة ، ضعيف لم تختبره الحياة ولا نوائب الدهر ، والإنسان الأول قوي المشاعر متحفز الخيال بفضله فسر مظاهر الطبيعة الغامضة وبفضله عبر عما يجيش في نفسه من أفكار وعواطف . واللغة في حاجة إلى الخيال لأنه هو الكنز الأبدي الذي يمدها بالحياة والقوة .
وفى تفصيل الشابي لأقسام الخيال فقد سمى القسم الأول " بالخيال الفني " ويسميه الخيال الشعري لأنه فيه تنطبع النظرة الفنية التي يلقيها الإنسان على هذا العالم الكبير وهذا الخيال ضارب بجذوره إلى أبعد غور في صميم الشعور ، والقسم الباقي من الخيال سماه الشابي الخيال الصناعي لأنه ضرب من الصناعات اللفظية ويسميه الخيال المجازي .
لقد كشف الشابي في كتابه عن زاوية بحثه في الخيال فهو بحث فيه من " ذلك الجانب الذي ينكشف عن نهر الإنسانية الجميل الذي أوله لا نهاية الإنسان وهى الروح وآخره لا نهاية الحياة وهى الله " (38)
و بحث عن الخيال الفني في مظاهر الحياة الفكرية العربية دون حصر البحث في الإبداع الشعري والنثري بل تجاوزه إلى البحث في الأساطير باعتبارها الصوت الأول الذي رن بين جنبي الإنسان والأساطير هي طفولة الشعر في طفولة الإنسان .
حلل أبو القاسم الشابي في القسم الأول من الكتاب : الخيال نشأته في الفكر البشري وما كان يفهم منه عند الإنسان الأول ،عارضا رأيه في الخيال باسطا له في نقط ثلاث :
النقطة الأولى: كون الخيال ضرورة لا غنى عنه ولا تقل ضرورته عن عناصر الحياة الأخرى وضروري لعقل الإنسان ولشعوره وما دام الخيال مصدر الطبع فهو عنصر خالد فينا .
النقطة الثانية : تلخص في أن استعمال الإنسان الأول للخيال لم يكن يعنى منه المجاز الذي نذهب إليه نحن بل يعتقد اعتقادا كاملا في أنه الحقيقة و قد وضّح الشابي هذه الحقيقة بقولة : رأيتم هذا المجهود الخيالي العظيم ، الذي يبذله الإنسان لإرواء نفسه وهو يحسب أنه الحق الأول الذي لا ريب فيه وإلا فهل كان يطمئن إليه ويقيم له فروض العبادة وهو يعلم أنه من زخرف الخيال الشارد ووحي الأوهام المعربدة ؟ *
والطريف في النقطة الثانية هو عرض الشابي إلى أنواع الخيال وقد قسمه إلى قسمين ، قسم يتفهم به الإنسان مظاهرالكون ومعايير الحياة وقسم يظهر به ما في نفسه من معان لا يفصح عنها الكلام العادي المألوف ، وهذا القسم الثاني من الخيال يتولد عنه نوع ثان من الخيال وليد الحضارة ورقي الإنسان ، وسماه الخيال اللفظي وحصر وظيفته في تجميل العبارة وزخرفتها .
وفى تحليل القسم الأول من الخيال يبرز الشابي أنه أقدم القسمين نشوءا في النفس قائلا :" لأن الإنسان أخذ يتعرف ما حوله أولا ، حتى إذا ما جاشت بقلبه المعاني أخذ يعبر عنها بالألفاظ والتراكيب ، ولما مارس كثيرا من خطوب الحياة وعجم كثيرا من أدواء الدهور وامتلك من أعنة القول ما يقتدر به على التعبير أحس بدافع يدفعه إلى الأناقة في القول والخلابة في الأسلوب فكان هذا النوع الجديد من الخيال الذي عمد إليه الإنسان مختارا فكان منه المجاز والاستعارة والتشبيه وغيرها من فنون الصناعة وصياغة الكلام " ( ص27 ) .
و لإبراز فكره أكد الشابي أن الإنسان شاعر بطبعه ولا يجمد شعوره أمام فتنة الطبيعة وسحرها ، ويبرز تفاوت الناس في إدراك الجمال والإحساس به وذلك حسب قوة الغريزة الشاعرة أوضعفها والتي تكون في كثير من الأحيان وليدة الحوادث والظروف.
وفي مسألة العاطفة والعقل فإن الشابي يبين أن الإنسان عند ولادته لا يملك غير حسه وعواطفه ، أما عقله فهو في مهد الحياة ضعيف غير محنك بنوائب الدهر .
والإنسان الأول قوي المشاعر متحفز للخيال بفضله فسر مظاهر الطبيعة الغامضة وعبر عما يجيش في نفسه من أفكار وعواطف وألح الشابي على فكرة أن الإنسان الأول، المعاني الخيالية أقرب إلى ذهنه من المعاني الحقيقية .
ويؤكد في الكتاب على أن الخيال يعتبر حقيقة في أول نشأته ولا يعد خيالا ولم يميز الخيال عن الحقيقة إلا بعد أن تطورت نظرة الإنسان إلى الحياة وأصبح يعرف أن الليل والنهار والعواصف والبحار ليست أرواحا لا آلهة وإنما هي مظاهر للنظام الإلهي .
وفى حاجة الإنسان إلى الخيال يقول الشابي : "الإنسان بحاجة إلى الخيال لأنه وإن أصبح يحتكم إلى العقل ويستطيع التعبير عن خوالج نفسه ، فهو لم يزل يحتكم إلى الشعور ، وسيظل كذلك لأن الشعور هو العنصر الأول من عناصر النفس واحتكامه إلى الشعور يدفعه ولا بد إلى استعمال الخيال لأن الشعور هو ذلك العنصر الجميل المتدفق في صدر الإنسانية منذ القديم مترنما بأفراحها متغنيا بميولها ورغباتها جائشا بكل ما لها من فكر وعاطفة ومن ضجة وسكون ومن هذا النهر الجميل تتولد خرائد الفكر وبنات الخيال" ( ص34 ).
ويعلل الشابي حاجة الإنسان إلى الخيال لأن اللغة مهما بلغت من القوة والحياة فلن تستطيع النهوض من دون الخيال بقدرة التعبير عن خلجات النفس الإنسانية وأفكارها وأحلام البشرية وآلامها بالألفاظ .
وفى مسألة العاطفة والعقل فإن الشابي يبين أن الإنسان عند ولادته لا يملك غير حسه وعواطفه أمام عقله فهو في مهد الحياة ، ضعيف لم تختبره الحياة ولا نوائب الدهر ، والإنسان الأول قوي المشاعر متحفز الخيال بفضله فسر مظاهر الطبيعة الغامضة وبفضله عبر عما يجيش في نفسه من أفكار وعواطف . واللغة في حاجة إلى الخيال لأنه هو الكنز الأبدي الذي يمدها بالحياة والقوة .
وفى تفصيل الشابي لأقسام الخيال فقد سمى القسم الأول " بالخيال الفني " ويسميه الخيال الشعري لأنه فيه تنطبع النظرة الفنية التي يلقيها الإنسان على هذا العالم الكبير وهذا الخيال ضارب بجذوره إلى أبعد غور في صميم الشعور ، والقسم الباقي من الخيال سماه الشابي الخيال الصناعي لأنه ضرب من الصناعات اللفظية ويسميه الخيال المجازي .
لقد كشف الشابي في كتابه عن زاوية بحثه في الخيال فهو بحث فيه من " ذلك الجانب الذي ينكشف عن نهر الإنسانية الجميل الذي أوله لا نهاية الإنسان وهى الروح وآخره لا نهاية الحياة وهى الله " (38)
و بحث عن الخيال الفني في مظاهر الحياة الفكرية العربية دون حصر البحث في الإبداع الشعري والنثري بل تجاوزه إلى البحث في الأساطير باعتبارها الصوت الأول الذي رن بين جنبي الإنسان والأساطير هي طفولة الشعر في طفولة الإنسان .
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري