الأزمة الرأسمالية والمولود الاقتصادي الجديد
احمد جويد
بعد أن انشغلت دول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من عقد من الزمن في كيفية معالجة أزمة الإرهاب التي استفحلت بداية التسعينات من القرن المنصرم ولا تزال إلى يومنا هذا تشكل هاجساَ أمنياَ دولياً، يواجه العالم اليوم أزمة أخرى لا تقل شأناَ أو خطورة عن الإرهاب إن لم تكن تفوقها في الآثار الأخرى.
فالعالم اليوم وبخاصة المرتبط بالنظام الرأسمالي والسوق الحر يعيد حساباته ويلملم صفوفه لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي لاحت بوادره في الأفق الرأسمالي مع نهاية العام 2007م إثر عدم تمكن المقترضين في السوق العقاري من تسديد المبالغ المستحقة عليهم، وأخذت كبريات البنوك في الدول الرأسمالية تتهاوى أمام إعصار هبوط أسعار الأسهم، الأمر الذي أوجب تدخل الحكومات للإسراع في استنقاذ ما يعرف بالسوق الحر، إلا أن جميع الإجراءات التي اتخذتها الدول الأكثر تضرراَ من تلك الأزمة لم تفلح في انتشال ولو جزء بسيط من رؤوس الأموال التي جاءت عليها تداعيات الأزمة المالية العالمية.
من هنا كان لابد للسياسيين من وقفة قبل الاقتصاديين بوضعهم في أولويات برامجهم الخطط والحلول التي من شأنها إعادة قطار الاقتصاد الحر الذي انحرف كثيراَ عن مساره المرسوم له من قبل المنظرين والعاملين وفق النظام الرأسمالي.
وبإتباعهم للعديد من الأساليب وتبنيهم لجملة من الخطط التي من شأنها أن تجد حلا للتدهور الاقتصادي العالمي عن طريق جملة من التدابير كان من بينها تسريح عدد كبير من العمال والموظفين من وظائفهم بحيث وصلت نسبة البطالة في الولايات المتحدة على سبيل المثال إلى 7% في نهاية العام 2008م وهي نسبة مرشحة للزيادة في هذا العام، وبضخ مئات المليارات من الدولارات في شرايين البنوك والمصارف الكبيرة التي بدأت تتصلب، وبرغم ذلك يتوقع خبراء اقتصاديون بأن الأزمة الراهنة سوف تستمر في العام 2009م.
وهي نتيجة حتمية لاقتصاد قائم على أسس بعيدة عن المفاهيم الصحيحة التي ينمو رأس المال من خلالها، فالجشع الرأسمالي القائم على أسس ربوية والذي تشرع له النظم السياسية في تلك الدول، يخالف الفطرة السليمة للإنسان ويخالف جميع التعاليم السماوية الصحيحة في تنمية رأس المال، حيث جاء في قوله تعالى(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا.....) آية(275)سورة البقرة، وفي الآية(276) من نفس السورة، جاء قوله تعالى(يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ......).
وهو ما حذر منه علماء ومفكرون إسلاميون قبل عشرات السنين وبخاصة المرجع الإسلامي الإمام محمد الحسيني الشيرازي(قد)، فقد أشار إلى انهيار النظام الاشتراكي أولاَ، وقد حصل ذلك الانهيار العام 1990م، فسقطت الاشتراكية كنظام اقتصادي، وسقطت معها معظم النظم السياسية التي تدور في فلكها، وعلى إثر ذلك السقوط انهارت الاشتراكية السوفيتية التي سلبت من الفرد أغلب امتيازاته المالية في حق التملك وجردته من ابسط حقوقه في التنافس المشروع الذي على غراره يٌعطى كل ذي حق حقه.
وببقاء المنافس الكبير للاشتراكية الشيوعية -الرأسمالية الغربية- منفرداً في الساحة العالمية والتي طالما أرادت إثبات صحة نظرياتها في حرية التملك والحصول على الثراء وجمع الأموال بكافة الطرق المتاحة ضمن تنافس أضفت عليه شرعيتها وقننت له ما يمكن تقنينه من تشريعات للحيلولة دون التعرض والمساس بالحرية الفردية في الحصول على الثروة بغض النظر عن الوسيلة، أصبحت المضاربات وصالات القمار وأسواق الأسهم تأخذ مشروعيتها الكاملة من فكر الرأسمالية السياسية أو ما يسمى بـ(العولمة)، كما أخذت البنوك والمصارف بوضع الفوائد التي تراها مناسبة لجمع أكبر كمية من الأرباح على القروض التي يتم منحها للأفراد أو الشركات حتى وصلت الفوائد في كثير من الأحيان إلى أكثر من رأس المال الذي تم استقراضه.
وبدلاً من أن تؤثر السياسة في الاقتصاد أصبح الاقتصاد هو الذي يؤثر ويتحكم في أغلب قراراتها الداخلية أو الخارجية ، وبين الاشتراكية الشيوعية والرأسمالية الغربية بقيت الدول الإسلامية تقتبس من هذه وتلك في تأسيس نظمها الاقتصادية متناسية أو متجاهلة حجم المفاسد التي ينطوي عليها كلا النظامين.
اليوم حيث الأزمة الاقتصادية العالمية تتهاوى على أغلب دول العالم المرتبطة بالسوق الحر أو الاستثمارات الرأسمالية، يمكن أن تأتي تداعياتها على النظم السياسية والاجتماعية بشكل كبير بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وهنا أريد أن أذكر جملة من النقاط التي أكد عليها الإمام السيد محمد الشيرازي(قد) كانت من بين الأسباب التي أدت إلى هذا التدهور في النظام الرأسمالي رغم النجاحات التي حققها في الماضي وهي:
1- النمط الرأسمالي كان يسعى إلى عالمية التسويق والتبادل والتجارة، بينما راحت الرأسمالية تعمل جاهدة لعالمية عملية الإنتاج نفسها أيضا.
2- الرأسمالية القديمة كانت تعمل لتمركز رأس المال عبر الربحية الأكثر، وكانت تعتمد في ذلك على الإنتاج الذي يحقق الأرباح، بينما انقلب اليوم إلى الاعتماد على تشغيل رأس المال فقط، وصولاً إلى احتكار الربح.
3- الرأسمالية التقليدية القديمة التي كانت تدعى المنافسة الحرة تغير مفهومها عن السوق والمنافسة إلى الاحتكار والهيمنة.
4- تبني الرأسمالية الجديدة سرعة وتعجيلاً أكبر في تخطي حدود الدولة القومية والاقتصاد القومي للوصول والسيطرة والتحكم الكامل على الأسواق والمواد الأولية بأسعار رخيصة، وعلى الأيدي العاملة بأجور متدنية.
احمد جويد
بعد أن انشغلت دول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من عقد من الزمن في كيفية معالجة أزمة الإرهاب التي استفحلت بداية التسعينات من القرن المنصرم ولا تزال إلى يومنا هذا تشكل هاجساَ أمنياَ دولياً، يواجه العالم اليوم أزمة أخرى لا تقل شأناَ أو خطورة عن الإرهاب إن لم تكن تفوقها في الآثار الأخرى.
فالعالم اليوم وبخاصة المرتبط بالنظام الرأسمالي والسوق الحر يعيد حساباته ويلملم صفوفه لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي لاحت بوادره في الأفق الرأسمالي مع نهاية العام 2007م إثر عدم تمكن المقترضين في السوق العقاري من تسديد المبالغ المستحقة عليهم، وأخذت كبريات البنوك في الدول الرأسمالية تتهاوى أمام إعصار هبوط أسعار الأسهم، الأمر الذي أوجب تدخل الحكومات للإسراع في استنقاذ ما يعرف بالسوق الحر، إلا أن جميع الإجراءات التي اتخذتها الدول الأكثر تضرراَ من تلك الأزمة لم تفلح في انتشال ولو جزء بسيط من رؤوس الأموال التي جاءت عليها تداعيات الأزمة المالية العالمية.
من هنا كان لابد للسياسيين من وقفة قبل الاقتصاديين بوضعهم في أولويات برامجهم الخطط والحلول التي من شأنها إعادة قطار الاقتصاد الحر الذي انحرف كثيراَ عن مساره المرسوم له من قبل المنظرين والعاملين وفق النظام الرأسمالي.
وبإتباعهم للعديد من الأساليب وتبنيهم لجملة من الخطط التي من شأنها أن تجد حلا للتدهور الاقتصادي العالمي عن طريق جملة من التدابير كان من بينها تسريح عدد كبير من العمال والموظفين من وظائفهم بحيث وصلت نسبة البطالة في الولايات المتحدة على سبيل المثال إلى 7% في نهاية العام 2008م وهي نسبة مرشحة للزيادة في هذا العام، وبضخ مئات المليارات من الدولارات في شرايين البنوك والمصارف الكبيرة التي بدأت تتصلب، وبرغم ذلك يتوقع خبراء اقتصاديون بأن الأزمة الراهنة سوف تستمر في العام 2009م.
وهي نتيجة حتمية لاقتصاد قائم على أسس بعيدة عن المفاهيم الصحيحة التي ينمو رأس المال من خلالها، فالجشع الرأسمالي القائم على أسس ربوية والذي تشرع له النظم السياسية في تلك الدول، يخالف الفطرة السليمة للإنسان ويخالف جميع التعاليم السماوية الصحيحة في تنمية رأس المال، حيث جاء في قوله تعالى(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا.....) آية(275)سورة البقرة، وفي الآية(276) من نفس السورة، جاء قوله تعالى(يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ......).
وهو ما حذر منه علماء ومفكرون إسلاميون قبل عشرات السنين وبخاصة المرجع الإسلامي الإمام محمد الحسيني الشيرازي(قد)، فقد أشار إلى انهيار النظام الاشتراكي أولاَ، وقد حصل ذلك الانهيار العام 1990م، فسقطت الاشتراكية كنظام اقتصادي، وسقطت معها معظم النظم السياسية التي تدور في فلكها، وعلى إثر ذلك السقوط انهارت الاشتراكية السوفيتية التي سلبت من الفرد أغلب امتيازاته المالية في حق التملك وجردته من ابسط حقوقه في التنافس المشروع الذي على غراره يٌعطى كل ذي حق حقه.
وببقاء المنافس الكبير للاشتراكية الشيوعية -الرأسمالية الغربية- منفرداً في الساحة العالمية والتي طالما أرادت إثبات صحة نظرياتها في حرية التملك والحصول على الثراء وجمع الأموال بكافة الطرق المتاحة ضمن تنافس أضفت عليه شرعيتها وقننت له ما يمكن تقنينه من تشريعات للحيلولة دون التعرض والمساس بالحرية الفردية في الحصول على الثروة بغض النظر عن الوسيلة، أصبحت المضاربات وصالات القمار وأسواق الأسهم تأخذ مشروعيتها الكاملة من فكر الرأسمالية السياسية أو ما يسمى بـ(العولمة)، كما أخذت البنوك والمصارف بوضع الفوائد التي تراها مناسبة لجمع أكبر كمية من الأرباح على القروض التي يتم منحها للأفراد أو الشركات حتى وصلت الفوائد في كثير من الأحيان إلى أكثر من رأس المال الذي تم استقراضه.
وبدلاً من أن تؤثر السياسة في الاقتصاد أصبح الاقتصاد هو الذي يؤثر ويتحكم في أغلب قراراتها الداخلية أو الخارجية ، وبين الاشتراكية الشيوعية والرأسمالية الغربية بقيت الدول الإسلامية تقتبس من هذه وتلك في تأسيس نظمها الاقتصادية متناسية أو متجاهلة حجم المفاسد التي ينطوي عليها كلا النظامين.
اليوم حيث الأزمة الاقتصادية العالمية تتهاوى على أغلب دول العالم المرتبطة بالسوق الحر أو الاستثمارات الرأسمالية، يمكن أن تأتي تداعياتها على النظم السياسية والاجتماعية بشكل كبير بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وهنا أريد أن أذكر جملة من النقاط التي أكد عليها الإمام السيد محمد الشيرازي(قد) كانت من بين الأسباب التي أدت إلى هذا التدهور في النظام الرأسمالي رغم النجاحات التي حققها في الماضي وهي:
1- النمط الرأسمالي كان يسعى إلى عالمية التسويق والتبادل والتجارة، بينما راحت الرأسمالية تعمل جاهدة لعالمية عملية الإنتاج نفسها أيضا.
2- الرأسمالية القديمة كانت تعمل لتمركز رأس المال عبر الربحية الأكثر، وكانت تعتمد في ذلك على الإنتاج الذي يحقق الأرباح، بينما انقلب اليوم إلى الاعتماد على تشغيل رأس المال فقط، وصولاً إلى احتكار الربح.
3- الرأسمالية التقليدية القديمة التي كانت تدعى المنافسة الحرة تغير مفهومها عن السوق والمنافسة إلى الاحتكار والهيمنة.
4- تبني الرأسمالية الجديدة سرعة وتعجيلاً أكبر في تخطي حدود الدولة القومية والاقتصاد القومي للوصول والسيطرة والتحكم الكامل على الأسواق والمواد الأولية بأسعار رخيصة، وعلى الأيدي العاملة بأجور متدنية.
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري