صورة عراق ما بعد حزيران 2009
عدنان الصالحي/مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث
لم يمض على تغيير النظام السياسي في العراق ربيع 2003 على يد القوات الأمريكية فترة طويلة حتى كانت مسألة ما سيلي انسحاب تلك القوات من البلاد وأثارها تشغل افكار الكثير من السياسين والمتابعين للوضع العراقي كما شغلت تفكير الإنسان العراقي البسيط.
وبعد الست سنوات على دخولها البلاد جاءت اتفاقية تنظيم الانسحاب بولادة سياسية عسيرة لكنها أقرت في نهاية المطاف، وقبيل تنفيذ الاتفاقية الإستراتيجية التي حدد نهاية حزيران 2009 موعدا لتنفيذها.
وعلى هذا المنوال يطرح العديد من المحللين والمتتبعين للوضع العراقي عدة سيناريوهات للحالة العراقية لما بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، حيث تختلف هذه الآراء والتكهنات في طرق ونتائج تعاملها مع الملفين السياسي والأمني، ففي الوقت الذي يرى البعض بان تصاعد مؤشر العنف نتيجة الأحداث الأخيرة، يشير الى نية العناصر المسلحة والإرهابية الى إحراج الحكومة العراقية وإيقاف كلامها عن التحسن الأمني، يرى آخرون بان القدرات الحقيقية لتلك الخلايا باتت غير مهمة ولا تمثل خطرا حقيقيا على الوضع في البلاد وان سفينة الديمقراطية العراقية باتت تبحر بعيدا عن تأثيرات مثل تلك الأعمال رغم إنها قد تواجه بعض المشاكل الأخرى.
وفي الجانب السياسي فالأغلب يكاد يجمع بان العراقيين وبعد مرحلة الست سنوات التي تلت الاحتلال قد تجاوزوا الكثير من مشاكلهم ولم يبق إلا القسم القليل في دواليب المفاوضات نسبة لما تم الاتفاق عليه، وهم اكتووا جميعا بأخطاء الماضي وليسوا على استعداد لإعادته، وان كل ما يجري الآن من تشنجات سياسية قد تدخل ضمن مفهوم الديمقراطية (الناشئة) والتي تتطلب فترة من الزمن كي تصل مرحلة البلوغ الكامل.
وبين تفاؤل المتفائلين وخوف المتشائمين يبقى (حساب البيدر يختلف عن حساب الحقل)، الأمر الذي سيكون مشهد يترقبه الأغلب بفارغ الصبر حيث تصوراتهم المختلفة تترجم بـ:
أولا : المشهد العراقي
1- كتل سياسية( متحمسة) لرحيل القوات الأمريكية: وهي ترى بان اغلب المشاكل السياسية التي يعيشها العراق ناتجة من تواجد القوات الأمريكية وتدخلها الواضح في الكثير مرافق الدولة عموما وعدم إطلاقها ليد الحكومة في الكثير من الملفات ولاسيما الجانب الأمني الذي ما برحت تلك الكتل باتهام القوات الأمريكية في زعزعته بصورة مباشرة او غير مباشرة لإيجاد مبررات البقاء، وتتهم هذه الكتل القوات الأمريكية بدعم بعض الأحزاب السياسية على حساب أخرى ومساعدتها في الحصول على مواقع متقدمة في الدولة دون استحقاق دستوري وحماية بعض المطلوبين قضائيا.
2- كتل سياسية (حذرة) من رحيل تلك القوات: فهي ترى بان الحكومة العراقية وقواتها الأمنية لا تزال بحاجة لتواجد قوات ساندة، وان القضية محددة بين مكوث زمني للقوات الأمريكية خاضع للقانون العراقي ولطلب الحكومة العراقية وبين انسحاب مرتبط بالوضع الأمني وتداعياته وتشكك هذه الكتل ببعض ممن اشتركوا بالعملية السياسية على إنهم ينتظرون فرصة لإثارة المشاكل ومحاولة إيجاد أرضية أمنية رخوة للحصول على مكاسب اكبر من استحقاقهم الدستوري والانتخابي، و تجد تلك الكتل بان الوقت مازال مبكرا على رحيل تلك القوات فالعديد من المشاكل لم تنته بعد، إضافة إلى ملفات اخرى عالقة قد تسبب توترا سياسيا يؤدي الى تصعيد الحالة الأمنية.
3- كتل سياسية (ضبابية الموقف) حول رحيل القوات الأمريكية: لعل هذه الكتل تمثل طيفا معتدا به في الساحة العراقية، وهي لا تخفي قلقها من تفرد بعض الجهات في سدة الحكم وتجاهلها للآخرين من صناعة القرار حال فراغ الساحة من القوات الأجنبية، وتحاول إرسال أرائها الى الأمريكان عبر طرق مختلفة.
4- فيما تبقى بعض الكتل التي ترحب سلوكيا ببقاء القوات مدة أطول الا إنها لا تستطيع البوح بذلك الترحيب كونها ستشكل حالة من الخرق السيادي للبلاد ولمفهوم الوطنية الذي يحاول كلا (التجلبب) به، وهي ترى في موقفها الاستحيائي عدة أسباب تدفعها في ذلك منها الحالة المتشنجة لأغلب الأحزاب العراقية والتخوف من ميلان كفة القوى الأمنية والتنفيذية لجهات منافسة في العمل السياسي، ولذلك فان للقوات الأمريكية دور في خلق توازن نوعي سياسي بين الجميع على الطاولة العراقية (حسب وجهة نظر تلك الكتل).
5- الحكومة العراقية: وهي التي يقع على عاتقها الجل الأكبر من المسؤولية حيث مازالت تظهر هدوءاً معتدا به للحظة الصفر التي ستتحمل عندها المسؤولية كاملة، وقد أعطت التعهدات على قدرتها بسد الشاغر الأمني الذي سيخلفه رحيل القوات خارج المدن خلال مناقشة الاتفاقية الأمنية في البرلمان العراقي، ورغم إن القوات العراقية لا تزال تعاني من اختراقات واضحة من قبل بعض العناصر المسلحة والتشنجات التي تحصل بين الفينة والأخرى مع الصحوات او القوات الكردية، إلا إن الحكومة العراقية تبدو عازمة على اقتحام الموعد النهائي بلا تردد وهو ما يشكل اختبارا سيكون النجاح فيه بمردودات ايجابية كثيرة ان عكس ذلك قد يهدد الحكومة بنتائج خطيرة غير متوقعة.
6- المواطن العراقي: وبين اختلاف الآراء او اتفاقها وحجم وزخم التوقعات التي تطرح يبقى المواطن العراقي يترقب المستقبل في حال الانسحاب الأمريكي خارج المدن لما للحالة من جوانب عديدة مرتبطة بالملفين الأمني والسياسي، الهاجس الأهم الذي يثير مخاوف العراقيين استمرار الخلاف السياسي او تفاقمه او احتمالية تشظي الأجهزة الأمنية تبعا لمرجعياتها الحزبية التي تدخلت في تشكيلها، هذا الخوف ممتزج بالأمل للخلاص من سيطرة قوات أجنبية على بلاده وبين رؤية عراق بدون عنف يومي او اقتتال اهلي.
عدنان الصالحي/مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث
لم يمض على تغيير النظام السياسي في العراق ربيع 2003 على يد القوات الأمريكية فترة طويلة حتى كانت مسألة ما سيلي انسحاب تلك القوات من البلاد وأثارها تشغل افكار الكثير من السياسين والمتابعين للوضع العراقي كما شغلت تفكير الإنسان العراقي البسيط.
وبعد الست سنوات على دخولها البلاد جاءت اتفاقية تنظيم الانسحاب بولادة سياسية عسيرة لكنها أقرت في نهاية المطاف، وقبيل تنفيذ الاتفاقية الإستراتيجية التي حدد نهاية حزيران 2009 موعدا لتنفيذها.
وعلى هذا المنوال يطرح العديد من المحللين والمتتبعين للوضع العراقي عدة سيناريوهات للحالة العراقية لما بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، حيث تختلف هذه الآراء والتكهنات في طرق ونتائج تعاملها مع الملفين السياسي والأمني، ففي الوقت الذي يرى البعض بان تصاعد مؤشر العنف نتيجة الأحداث الأخيرة، يشير الى نية العناصر المسلحة والإرهابية الى إحراج الحكومة العراقية وإيقاف كلامها عن التحسن الأمني، يرى آخرون بان القدرات الحقيقية لتلك الخلايا باتت غير مهمة ولا تمثل خطرا حقيقيا على الوضع في البلاد وان سفينة الديمقراطية العراقية باتت تبحر بعيدا عن تأثيرات مثل تلك الأعمال رغم إنها قد تواجه بعض المشاكل الأخرى.
وفي الجانب السياسي فالأغلب يكاد يجمع بان العراقيين وبعد مرحلة الست سنوات التي تلت الاحتلال قد تجاوزوا الكثير من مشاكلهم ولم يبق إلا القسم القليل في دواليب المفاوضات نسبة لما تم الاتفاق عليه، وهم اكتووا جميعا بأخطاء الماضي وليسوا على استعداد لإعادته، وان كل ما يجري الآن من تشنجات سياسية قد تدخل ضمن مفهوم الديمقراطية (الناشئة) والتي تتطلب فترة من الزمن كي تصل مرحلة البلوغ الكامل.
وبين تفاؤل المتفائلين وخوف المتشائمين يبقى (حساب البيدر يختلف عن حساب الحقل)، الأمر الذي سيكون مشهد يترقبه الأغلب بفارغ الصبر حيث تصوراتهم المختلفة تترجم بـ:
أولا : المشهد العراقي
1- كتل سياسية( متحمسة) لرحيل القوات الأمريكية: وهي ترى بان اغلب المشاكل السياسية التي يعيشها العراق ناتجة من تواجد القوات الأمريكية وتدخلها الواضح في الكثير مرافق الدولة عموما وعدم إطلاقها ليد الحكومة في الكثير من الملفات ولاسيما الجانب الأمني الذي ما برحت تلك الكتل باتهام القوات الأمريكية في زعزعته بصورة مباشرة او غير مباشرة لإيجاد مبررات البقاء، وتتهم هذه الكتل القوات الأمريكية بدعم بعض الأحزاب السياسية على حساب أخرى ومساعدتها في الحصول على مواقع متقدمة في الدولة دون استحقاق دستوري وحماية بعض المطلوبين قضائيا.
2- كتل سياسية (حذرة) من رحيل تلك القوات: فهي ترى بان الحكومة العراقية وقواتها الأمنية لا تزال بحاجة لتواجد قوات ساندة، وان القضية محددة بين مكوث زمني للقوات الأمريكية خاضع للقانون العراقي ولطلب الحكومة العراقية وبين انسحاب مرتبط بالوضع الأمني وتداعياته وتشكك هذه الكتل ببعض ممن اشتركوا بالعملية السياسية على إنهم ينتظرون فرصة لإثارة المشاكل ومحاولة إيجاد أرضية أمنية رخوة للحصول على مكاسب اكبر من استحقاقهم الدستوري والانتخابي، و تجد تلك الكتل بان الوقت مازال مبكرا على رحيل تلك القوات فالعديد من المشاكل لم تنته بعد، إضافة إلى ملفات اخرى عالقة قد تسبب توترا سياسيا يؤدي الى تصعيد الحالة الأمنية.
3- كتل سياسية (ضبابية الموقف) حول رحيل القوات الأمريكية: لعل هذه الكتل تمثل طيفا معتدا به في الساحة العراقية، وهي لا تخفي قلقها من تفرد بعض الجهات في سدة الحكم وتجاهلها للآخرين من صناعة القرار حال فراغ الساحة من القوات الأجنبية، وتحاول إرسال أرائها الى الأمريكان عبر طرق مختلفة.
4- فيما تبقى بعض الكتل التي ترحب سلوكيا ببقاء القوات مدة أطول الا إنها لا تستطيع البوح بذلك الترحيب كونها ستشكل حالة من الخرق السيادي للبلاد ولمفهوم الوطنية الذي يحاول كلا (التجلبب) به، وهي ترى في موقفها الاستحيائي عدة أسباب تدفعها في ذلك منها الحالة المتشنجة لأغلب الأحزاب العراقية والتخوف من ميلان كفة القوى الأمنية والتنفيذية لجهات منافسة في العمل السياسي، ولذلك فان للقوات الأمريكية دور في خلق توازن نوعي سياسي بين الجميع على الطاولة العراقية (حسب وجهة نظر تلك الكتل).
5- الحكومة العراقية: وهي التي يقع على عاتقها الجل الأكبر من المسؤولية حيث مازالت تظهر هدوءاً معتدا به للحظة الصفر التي ستتحمل عندها المسؤولية كاملة، وقد أعطت التعهدات على قدرتها بسد الشاغر الأمني الذي سيخلفه رحيل القوات خارج المدن خلال مناقشة الاتفاقية الأمنية في البرلمان العراقي، ورغم إن القوات العراقية لا تزال تعاني من اختراقات واضحة من قبل بعض العناصر المسلحة والتشنجات التي تحصل بين الفينة والأخرى مع الصحوات او القوات الكردية، إلا إن الحكومة العراقية تبدو عازمة على اقتحام الموعد النهائي بلا تردد وهو ما يشكل اختبارا سيكون النجاح فيه بمردودات ايجابية كثيرة ان عكس ذلك قد يهدد الحكومة بنتائج خطيرة غير متوقعة.
6- المواطن العراقي: وبين اختلاف الآراء او اتفاقها وحجم وزخم التوقعات التي تطرح يبقى المواطن العراقي يترقب المستقبل في حال الانسحاب الأمريكي خارج المدن لما للحالة من جوانب عديدة مرتبطة بالملفين الأمني والسياسي، الهاجس الأهم الذي يثير مخاوف العراقيين استمرار الخلاف السياسي او تفاقمه او احتمالية تشظي الأجهزة الأمنية تبعا لمرجعياتها الحزبية التي تدخلت في تشكيلها، هذا الخوف ممتزج بالأمل للخلاص من سيطرة قوات أجنبية على بلاده وبين رؤية عراق بدون عنف يومي او اقتتال اهلي.
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري