أنا لك
"أكثر.. أسرع.. أنت رائع.. أحبك.." كان يسمع منها كل مرة ذات الكلمات، باشتعال اللذة نفسه، لقد كان بوسعه دائما أن يوصلها إلى هناك، حيث لا تصل الكثيرات، ومع ذلك كان شعوره بالسعادة كنتيجة منطقية مشوشاً، ويزداد تشوشاً يوم تلو الآخر، مع نفسه يذكر أن انتصاب شبح التوتر ذاك، بدأ من كلمة منها يوماً، انبثق له الوحش من حيث لا يدري، وكان بمقدوره أن يبسط أمامه رقعة الذاكرة، رغماً عنه، ويلعبها معه بلا نهاية .
مر على زواجهما أكثر من سنة الآن، ولم يعد بمقدوره الاحتمال أكثر، فهو يخشى أن تطفو هواجسه الدفينه بعد طول الحاح على السطح، وتستشعر هي ذلك بذكائها الحاد، وتتشوه سعادتها المطلقة باقترانها به، إنه لا يريد أن يخسرها مهما كلفه الأمر، ولكن.. تلك الكلمة اللعينه، ونشوتها الصاخبة كل مرة بوتيرة مستنسخة.. ما السبيل اليها..؟ لقد عصفت به الأفكار حد الهذيان، وقرر أن يخلق حلاً جذرياً، ويضع حداً لهذا القلق الكبير في أعماقه، ويظفر بها وبنفسه معاً .
أثناء انشغاله بتعديل بعض المقطوعات التي ألفها حديثاً، رن هاتفه المحمول، وكان اسمها على الشاشة، إنها المرة العشرون التي تطلبه فيها اليوم، بعث ذلك في نفسه غضباً عارماً، "متى ستكف هذه الغبية عن ملاحقتي.. ألا تشعر بأنها ثقيلة الظل وخاوية حد الهروب منها..!!"، لم يدرِ كيف ترك أوراقه ورد عليها اخيراُ..
-أهلاً رانيا.. مساء الخير..
-كيف حالك..؟ لقد طلبتك كثيراً هذا اليوم دون جدوى..
-بخير.. أعذريني.. أعاني من ضغط هائل في العمل، فكما تعرفين الحفل اقترب، وانا أعد له بكل طاقتي، فأرجو ان تتفهمي ظروفي، وفيما يخص المراجع، أخبرتني السكرتارية انها جاهزة منذ يومين، ويمكنكِ أن تمري هناك وتأخذيها..
-عزيزي بدر.. أنت أذكى من ذلك لتعرف، أنني أريد أكثر من المراجع..
-أرجوكِ رانيا.. أخبرتك من قبل أنني متزوج الآن، ولم يعد متسعاً لأي مغامرات أو جنون..
-أعرف.. لكني أصبحت مفتونة بك.. جاذبيتك تطاردني كل ليلة، لا أريد امتلاكك صدقني، لكن لا أستطيع تجاهل التفكير بلحظة عشق مسروقة معك..
-حسناً حسناُ.. لدي ضيوف الآن، سنتحدث في الأمر لاحقاً..
أخذ مجدداً يقلب في المقطوعات ويعدل عليها، لكن صوتها الملحاح كان لا يزال حاضراً أمامه، وفجأة وضع قلمه جانباً، وأسند ظهره الى كرسيه لأبعد حد، وراحتيه تحتويان رأسه من الخلف، وقال لنفسه وهو يحدق في السقف: "لقد أتتني هذه الغبية بالحل دون أن تدري، ساتخلص منها وأضع حداً لكل المشكلات دفعة واحدة غداً.." في وقت متأخر من المساء، وعندما أغلق المعهد معظم أبوابه، انتهى من اعداد نفسه للمغادرة، وجلس قليلاً على مقعده، فالخطة ستبدأ الآن، ولا بد أن يدفعها اصرارها لتعاود الاتصال، وكان ما توقعه فعلاً..
-ألو..
-اشتقت لك كثيراً..
-وماذا أيضاً..
-لا بد أنك متعب جداً الآن، وبحاجة ماسة للاسترخاء.. كم أتمنى أن يوكل إلي موسيقارنا الموهوب هذه المهمة..
-وماذا بعد..
-سآخذك إلى عالم لم تطله قدماك حتى الآن، تحلق فيه لذتك الى أقصى مدى.. ويتحلل جسدك تحت شفتاي اللاهثة حد الجنون فوقه..
-رانيا.. أرجوك.. ليس الآن.. زوجتي تطلبني على الهاتف الآخر، أعدك أن نجلس قريباً..
أغلق هاتفه سعيداً بنجاح الخطوة الأولى، وهرع مسرعاً إلى البيت، فقد أحس أنه بشوق إضافي لزوجته، وأن القلق الذي يعقب لقاءاتهم الدافئة كل مرة، سينتهي إلى الأبد، وفي طريقه للبيت هاتف رانيا مرة أخرى، ورتب معها موعداً عصر اليوم التالي، في أحد المطاعم الراقية.. وبعد أن تخلص من مهامه الكثيرة بعناء، بعد ظهر اليوم التالي، هيأ نفسه، وغادر المعهد بكامل أناقته متجهاً للمطعم، وفي طريقه إلى هناك، هاتف زوجته، وطلب منها أن تلغي جميع ارتباطاتها بالجامعة، لأنه يعد لها مفاجأة ستدهشها، فوافقت .
جلس واثقاً ومبتسماً أمام رانيا، متمنياً ألا تتأخر زوجته، فهذه اللعوب أمامه لا تكف عن الإيحاءات، وتريد ترتيب موعداً آخر أكثر حميمية، وأثناء توجهها للطاولة، تفاجأت سلوى بوجود أمرأة مع زوجها، وفضلت أن تخفي دهشتها، وتنتظر قليلاً، فعلى أي حال هو صاحب الدعوة، ولا بد أن تتكشف الحقيقة قريباً .
-مساء الخير..
-أهلاً سلوى.. تفضلي، أعرف أنكما مندهشتان، ولكن هذه لعبة المفاجآت، لأعرفكما ببعضكما: سلوى.. زوجتي الرائعة والتي أحبها كثيراً، رانيا.. إحدى طالباتي السابقات في المعهد، ولها موهبة مميزة ومستقبل واعد..
تبادلت السيدتان المصافحة ببرود، وجلسوا ثلاثتهم، وصمت حذر يلفهم، حتى بدأت سلوى بإذابة الجليد:
-إنها مفاجأة حقاً، تستحق أن أعتذر بشأنها عن تقديم محاضرتي الأخيرة عن "فرويد" الذي مللته..
-نعم.. حتى رانيا تمل أحياناً من متابعة المراجع الضخمة لإكمال دراستها العليا، وهذا أمر يمكن تفهمه، لكن في الآونة الأخيرة، بدأت تعاني من أمر أكثر سلبية، وهذا ما أزعجني، ودفعني لنتناقش ثلاثتنا بالأمر، فوجودك سلوى يمكن أن يساعدنا بجد لتخطي هذه المشكلة بحكم تخصصك..
احتدت علامات الدهشة في وجه رانيا أكثر، وبدت لا تفهم شيئاً مما يجري، ولا تقوى إلا على الصمت والانتظار، حتى يكمل بدر رؤاه، والذي بدى لها اليوم للمرة الأولى أبلهاً، يتفوه بكلام لا تعي منه شيئاً..
-أنظري سلوى.. المشكلة تكمن هنا..
وضع هاتفه المحمول على الطاولة، وبدأ بتشغيل مقطع صوتي.." –الو.. –اشتقت لك كثيراً.. –وماذا أيضا..."
حل الصمت بينهم أكثر.. وأخذت سلوى توزع نظراتها بين زوجها ورانيا، بارتباك ودهشة، ولا تعرف ماذا تقول، وزاد توتر رانيا، وتسمرت في مكانها، لا تقوى على الحراك، حتى عاد بدر بالحديث:
-هذه الجميلة لا تكف عن ملاحقتي، وقد ضقت ذرعاً بذلك، وكان لا بد أن تعرفي الحقيقة، بوجودنا، لنضع حداً لهذه المهزلة..
أخذت سلوى تصلح في جلستها، فقد استطاعت التحدث أخيراً..
-في الواقع.. انا متفاجئة، ولست هنا بصدد محاسبتكِ، ما سمعته الآن لا ترضى به أية زوجة تحب زوجها، وتسعى للاحتفاظ به، وهذا الرجل أحبه، وأثق به إلى حدٍ لا تتصورينه، ولا أعتقد ان أياً من هذه المحاولات ستنجح في أن تفسد ما بيننا، أرجوكِ لا تبدأي معه محاولة بائسة أخرى، وأعدكِ أن ما جرى الآن سيبقى سراً بين ثلاثتنا..
غادرت رانيا مصدومةً دون أن تنبس بكلمة، فلن تجد أي تفسير لسلوك الرجل الذي بدى بالأمس يوحي لها بكل ما تريد..
-لماذا فعلت ذلك..؟
-لأني أحبكِ..
-وهل هذا هو الدليل..؟
-بكل تأكيد، أنا أحبك سلوى.. ولا أريد أن أخسرك، وسأستثمر أي لحظة أثبت فيها أني مخلص لكِ..
-وهل تعتقد أن اخلاصك أيضا بحاجة إلى اثبات..؟! أتدري.. لو أن لقاء اليوم لم يحدث على الإطلاق، لما غير ذلك شيئاً من حبي لك..
أحس بغضب شديد في قلبه وقتها، فكل المجهود الذي قام به، قد تبدد أمامه كرماد في الرياح، ولم يحقق أياً مما كان يصبو إليه..
-إذن أنتِ تحبينني..؟
-لماذا تسأل الآن.. بعد كل الأيام الرائعة التي قضيناها معاً، ماذا جرى لك اليوم..؟ بالطبع أحبك..
-واخلاصك..؟
-اخلاصي؟.. ماذا تقصد..؟
ساد صمت قاتل بينهما، ورفعت سلوى ساعديها عن الطاولة، وأسندت ظهرها للكرسي، وأصبح حماسها أقل من ذي قبل، وبصوت خافت قالت..:
-إنك تشك فيَّ إذن، نعم تشك فيَّ.. تتصل بي متحمساً، وتطلب إلغاء مواعيدي، لتقدم لي بالنهاية قربان اخلاصك، لأتعاطف أنا معك أكثر.. ويكون لزاماً علي أيضاً أن أخبرك بتفاصيل ماضيَّ الغامضة، وأقدم لك قربان مماثل.. وبنتهي الأمر.. أليس كذلك..؟
-سلوى.. أرجوك.. أنا متعب حقاً، لا أعرف أي سبيل لراحة أو اطمئنان، كل ليلة يعذبني الأرق وتطاردني الذكريات..
-لماذا..؟ عن أي ذكريات تتحدث..؟
-كنتِ ذكية بما يكفي اليوم، للتوقعي أن كلماتي المسجلة لرانيا كانت فقط لاستدراجها، لتتفوه بالنهاية بالكلمات التي تدينها أمامك، لكن ما حدث قبل أن أعرفك، كيف لي أن أبرره، لقد كنت ثوراً هائجاً، ورجلا ماكراً، يستخدم كل ما لديه للايقاع بالنساء، ولم يكنَّ في المقابل يبدين أي مقاومة تجاه شباكي الشيطانية، وبعد أن التقينا، قلبتِ كل كياني، وفي زواجنا أحسست أني أمتلك كل مفاتيح السعادة، وأحسست أيضاَ أني غير جدير بك وأنا أحمل معي ذلك الماضي الملطخ، لكن أقسم لكِ، أنني لم أفكر بامرأة غيرك بعد زواجنا، ولا زلت على استعداد لمحاربة كل الدنيا من أجل الاحتفاظ بك.. فانا أحبك سلوى صدقيني.. أحبك..
-بدر.. متى ستعرف أنك لست بحاجة إلى أن تسرد لي ذلك بلسانك، فأنا أعايش حبك واقعاً كل لحظة، أقسم لك أني لست بحاجة لدليل أكثر روعة وإقناعاً من ذلك، وما مضى من حياتك قبلي لا يعنيني، لا تعنيني شياطينك ونزواتك وتهورك، فقد أصبحت طي الماضي الآن، ولم ألمس في لحظة من زواجنا أي مؤشر يدل على عودتها لسلوكك..
-أعرف ذلك لكن..
"أكثر.. أسرع.. أنت رائع.. أحبك.." كان يسمع منها كل مرة ذات الكلمات، باشتعال اللذة نفسه، لقد كان بوسعه دائما أن يوصلها إلى هناك، حيث لا تصل الكثيرات، ومع ذلك كان شعوره بالسعادة كنتيجة منطقية مشوشاً، ويزداد تشوشاً يوم تلو الآخر، مع نفسه يذكر أن انتصاب شبح التوتر ذاك، بدأ من كلمة منها يوماً، انبثق له الوحش من حيث لا يدري، وكان بمقدوره أن يبسط أمامه رقعة الذاكرة، رغماً عنه، ويلعبها معه بلا نهاية .
مر على زواجهما أكثر من سنة الآن، ولم يعد بمقدوره الاحتمال أكثر، فهو يخشى أن تطفو هواجسه الدفينه بعد طول الحاح على السطح، وتستشعر هي ذلك بذكائها الحاد، وتتشوه سعادتها المطلقة باقترانها به، إنه لا يريد أن يخسرها مهما كلفه الأمر، ولكن.. تلك الكلمة اللعينه، ونشوتها الصاخبة كل مرة بوتيرة مستنسخة.. ما السبيل اليها..؟ لقد عصفت به الأفكار حد الهذيان، وقرر أن يخلق حلاً جذرياً، ويضع حداً لهذا القلق الكبير في أعماقه، ويظفر بها وبنفسه معاً .
أثناء انشغاله بتعديل بعض المقطوعات التي ألفها حديثاً، رن هاتفه المحمول، وكان اسمها على الشاشة، إنها المرة العشرون التي تطلبه فيها اليوم، بعث ذلك في نفسه غضباً عارماً، "متى ستكف هذه الغبية عن ملاحقتي.. ألا تشعر بأنها ثقيلة الظل وخاوية حد الهروب منها..!!"، لم يدرِ كيف ترك أوراقه ورد عليها اخيراُ..
-أهلاً رانيا.. مساء الخير..
-كيف حالك..؟ لقد طلبتك كثيراً هذا اليوم دون جدوى..
-بخير.. أعذريني.. أعاني من ضغط هائل في العمل، فكما تعرفين الحفل اقترب، وانا أعد له بكل طاقتي، فأرجو ان تتفهمي ظروفي، وفيما يخص المراجع، أخبرتني السكرتارية انها جاهزة منذ يومين، ويمكنكِ أن تمري هناك وتأخذيها..
-عزيزي بدر.. أنت أذكى من ذلك لتعرف، أنني أريد أكثر من المراجع..
-أرجوكِ رانيا.. أخبرتك من قبل أنني متزوج الآن، ولم يعد متسعاً لأي مغامرات أو جنون..
-أعرف.. لكني أصبحت مفتونة بك.. جاذبيتك تطاردني كل ليلة، لا أريد امتلاكك صدقني، لكن لا أستطيع تجاهل التفكير بلحظة عشق مسروقة معك..
-حسناً حسناُ.. لدي ضيوف الآن، سنتحدث في الأمر لاحقاً..
أخذ مجدداً يقلب في المقطوعات ويعدل عليها، لكن صوتها الملحاح كان لا يزال حاضراً أمامه، وفجأة وضع قلمه جانباً، وأسند ظهره الى كرسيه لأبعد حد، وراحتيه تحتويان رأسه من الخلف، وقال لنفسه وهو يحدق في السقف: "لقد أتتني هذه الغبية بالحل دون أن تدري، ساتخلص منها وأضع حداً لكل المشكلات دفعة واحدة غداً.." في وقت متأخر من المساء، وعندما أغلق المعهد معظم أبوابه، انتهى من اعداد نفسه للمغادرة، وجلس قليلاً على مقعده، فالخطة ستبدأ الآن، ولا بد أن يدفعها اصرارها لتعاود الاتصال، وكان ما توقعه فعلاً..
-ألو..
-اشتقت لك كثيراً..
-وماذا أيضاً..
-لا بد أنك متعب جداً الآن، وبحاجة ماسة للاسترخاء.. كم أتمنى أن يوكل إلي موسيقارنا الموهوب هذه المهمة..
-وماذا بعد..
-سآخذك إلى عالم لم تطله قدماك حتى الآن، تحلق فيه لذتك الى أقصى مدى.. ويتحلل جسدك تحت شفتاي اللاهثة حد الجنون فوقه..
-رانيا.. أرجوك.. ليس الآن.. زوجتي تطلبني على الهاتف الآخر، أعدك أن نجلس قريباً..
أغلق هاتفه سعيداً بنجاح الخطوة الأولى، وهرع مسرعاً إلى البيت، فقد أحس أنه بشوق إضافي لزوجته، وأن القلق الذي يعقب لقاءاتهم الدافئة كل مرة، سينتهي إلى الأبد، وفي طريقه للبيت هاتف رانيا مرة أخرى، ورتب معها موعداً عصر اليوم التالي، في أحد المطاعم الراقية.. وبعد أن تخلص من مهامه الكثيرة بعناء، بعد ظهر اليوم التالي، هيأ نفسه، وغادر المعهد بكامل أناقته متجهاً للمطعم، وفي طريقه إلى هناك، هاتف زوجته، وطلب منها أن تلغي جميع ارتباطاتها بالجامعة، لأنه يعد لها مفاجأة ستدهشها، فوافقت .
جلس واثقاً ومبتسماً أمام رانيا، متمنياً ألا تتأخر زوجته، فهذه اللعوب أمامه لا تكف عن الإيحاءات، وتريد ترتيب موعداً آخر أكثر حميمية، وأثناء توجهها للطاولة، تفاجأت سلوى بوجود أمرأة مع زوجها، وفضلت أن تخفي دهشتها، وتنتظر قليلاً، فعلى أي حال هو صاحب الدعوة، ولا بد أن تتكشف الحقيقة قريباً .
-مساء الخير..
-أهلاً سلوى.. تفضلي، أعرف أنكما مندهشتان، ولكن هذه لعبة المفاجآت، لأعرفكما ببعضكما: سلوى.. زوجتي الرائعة والتي أحبها كثيراً، رانيا.. إحدى طالباتي السابقات في المعهد، ولها موهبة مميزة ومستقبل واعد..
تبادلت السيدتان المصافحة ببرود، وجلسوا ثلاثتهم، وصمت حذر يلفهم، حتى بدأت سلوى بإذابة الجليد:
-إنها مفاجأة حقاً، تستحق أن أعتذر بشأنها عن تقديم محاضرتي الأخيرة عن "فرويد" الذي مللته..
-نعم.. حتى رانيا تمل أحياناً من متابعة المراجع الضخمة لإكمال دراستها العليا، وهذا أمر يمكن تفهمه، لكن في الآونة الأخيرة، بدأت تعاني من أمر أكثر سلبية، وهذا ما أزعجني، ودفعني لنتناقش ثلاثتنا بالأمر، فوجودك سلوى يمكن أن يساعدنا بجد لتخطي هذه المشكلة بحكم تخصصك..
احتدت علامات الدهشة في وجه رانيا أكثر، وبدت لا تفهم شيئاً مما يجري، ولا تقوى إلا على الصمت والانتظار، حتى يكمل بدر رؤاه، والذي بدى لها اليوم للمرة الأولى أبلهاً، يتفوه بكلام لا تعي منه شيئاً..
-أنظري سلوى.. المشكلة تكمن هنا..
وضع هاتفه المحمول على الطاولة، وبدأ بتشغيل مقطع صوتي.." –الو.. –اشتقت لك كثيراً.. –وماذا أيضا..."
حل الصمت بينهم أكثر.. وأخذت سلوى توزع نظراتها بين زوجها ورانيا، بارتباك ودهشة، ولا تعرف ماذا تقول، وزاد توتر رانيا، وتسمرت في مكانها، لا تقوى على الحراك، حتى عاد بدر بالحديث:
-هذه الجميلة لا تكف عن ملاحقتي، وقد ضقت ذرعاً بذلك، وكان لا بد أن تعرفي الحقيقة، بوجودنا، لنضع حداً لهذه المهزلة..
أخذت سلوى تصلح في جلستها، فقد استطاعت التحدث أخيراً..
-في الواقع.. انا متفاجئة، ولست هنا بصدد محاسبتكِ، ما سمعته الآن لا ترضى به أية زوجة تحب زوجها، وتسعى للاحتفاظ به، وهذا الرجل أحبه، وأثق به إلى حدٍ لا تتصورينه، ولا أعتقد ان أياً من هذه المحاولات ستنجح في أن تفسد ما بيننا، أرجوكِ لا تبدأي معه محاولة بائسة أخرى، وأعدكِ أن ما جرى الآن سيبقى سراً بين ثلاثتنا..
غادرت رانيا مصدومةً دون أن تنبس بكلمة، فلن تجد أي تفسير لسلوك الرجل الذي بدى بالأمس يوحي لها بكل ما تريد..
-لماذا فعلت ذلك..؟
-لأني أحبكِ..
-وهل هذا هو الدليل..؟
-بكل تأكيد، أنا أحبك سلوى.. ولا أريد أن أخسرك، وسأستثمر أي لحظة أثبت فيها أني مخلص لكِ..
-وهل تعتقد أن اخلاصك أيضا بحاجة إلى اثبات..؟! أتدري.. لو أن لقاء اليوم لم يحدث على الإطلاق، لما غير ذلك شيئاً من حبي لك..
أحس بغضب شديد في قلبه وقتها، فكل المجهود الذي قام به، قد تبدد أمامه كرماد في الرياح، ولم يحقق أياً مما كان يصبو إليه..
-إذن أنتِ تحبينني..؟
-لماذا تسأل الآن.. بعد كل الأيام الرائعة التي قضيناها معاً، ماذا جرى لك اليوم..؟ بالطبع أحبك..
-واخلاصك..؟
-اخلاصي؟.. ماذا تقصد..؟
ساد صمت قاتل بينهما، ورفعت سلوى ساعديها عن الطاولة، وأسندت ظهرها للكرسي، وأصبح حماسها أقل من ذي قبل، وبصوت خافت قالت..:
-إنك تشك فيَّ إذن، نعم تشك فيَّ.. تتصل بي متحمساً، وتطلب إلغاء مواعيدي، لتقدم لي بالنهاية قربان اخلاصك، لأتعاطف أنا معك أكثر.. ويكون لزاماً علي أيضاً أن أخبرك بتفاصيل ماضيَّ الغامضة، وأقدم لك قربان مماثل.. وبنتهي الأمر.. أليس كذلك..؟
-سلوى.. أرجوك.. أنا متعب حقاً، لا أعرف أي سبيل لراحة أو اطمئنان، كل ليلة يعذبني الأرق وتطاردني الذكريات..
-لماذا..؟ عن أي ذكريات تتحدث..؟
-كنتِ ذكية بما يكفي اليوم، للتوقعي أن كلماتي المسجلة لرانيا كانت فقط لاستدراجها، لتتفوه بالنهاية بالكلمات التي تدينها أمامك، لكن ما حدث قبل أن أعرفك، كيف لي أن أبرره، لقد كنت ثوراً هائجاً، ورجلا ماكراً، يستخدم كل ما لديه للايقاع بالنساء، ولم يكنَّ في المقابل يبدين أي مقاومة تجاه شباكي الشيطانية، وبعد أن التقينا، قلبتِ كل كياني، وفي زواجنا أحسست أني أمتلك كل مفاتيح السعادة، وأحسست أيضاَ أني غير جدير بك وأنا أحمل معي ذلك الماضي الملطخ، لكن أقسم لكِ، أنني لم أفكر بامرأة غيرك بعد زواجنا، ولا زلت على استعداد لمحاربة كل الدنيا من أجل الاحتفاظ بك.. فانا أحبك سلوى صدقيني.. أحبك..
-بدر.. متى ستعرف أنك لست بحاجة إلى أن تسرد لي ذلك بلسانك، فأنا أعايش حبك واقعاً كل لحظة، أقسم لك أني لست بحاجة لدليل أكثر روعة وإقناعاً من ذلك، وما مضى من حياتك قبلي لا يعنيني، لا تعنيني شياطينك ونزواتك وتهورك، فقد أصبحت طي الماضي الآن، ولم ألمس في لحظة من زواجنا أي مؤشر يدل على عودتها لسلوكك..
-أعرف ذلك لكن..
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري