اوباما : هل نثق به؟، ننتظره ؟،ام نتصدى له ؟
عوني القلمجي
مجيء باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة خلق حالة من التفاؤل شملت عموم الخلق ، وذهب البعض اكثر من ذلك وظنوه الامام المنتظر الذي سيملأ الارض قسطا وعدلا بعد ان ملأها سلفه بوش جورا وظلما. ولعل هذا الامر يعود في جزء منه الى انتماء الرجل الى الاقلية المضطهدة من السود واصوله الافريقية وخلفيته الاسلامية والى شعاراته البراقه التي عنون بها حملته الانتخابية، من قبيل التغيير والانسحاب من العراق واغلاق سجن غوانتنامو. وكان يمكن تجنب الحديث عن هذه الاوهام لولا انتقال عدوى التفاؤل الى ديارنا لتشمل عموم فصائل المقاومة العراقية. فمنها من سارع وخاطب الرجل عبر الرسائل المفتوحة وطالبه الوفاء بالعهود واخرى توسطت للقاء به او من ينوب عنه عبر دول خليجيةوثالثة صدقت لما جاء به وابدت استعدادها للتفاوض معه لتسهيل مهمته على حساب الثوابت الوطنية والقومية.
لقد هزت هذه المواقف المتسرعة ثقة الناس بالخطاب السياسي للمقاومة العراقية وخدشت مصداقيتها، فهي قد اكدت ،مرارا وتكرارا،على ان لا حوار او مفاوضات مع المحتل قبل ان يعلن استعداده للرحيل دون قيد او شرط وان يتحمل كافة النتائج الضارة التي ترتبت على جريمة الاحتلال اضافة الى شروط اخرى عديدة باتت معروفة للجميع ، بل ان المقاومة اعتبرت مقاربة المحتل وتقديم المبادرات له،يدل على الضعف وعدم القدرة على مواصلة الحرب الشعبية الطويلة الامد ،الامر الذي يرفع من معنويات قوات الاحتلال لمواصلة خططها لانهاء المقاومة.
لقد بحثت عن سبب واحد يدعو لهذا التفاؤل فلم اجد الى ذلك سبيلا، بل على العكس من ذلك ، فالانسحاب الذي تعهد به اوباما ربطه بشروط تعجيزية تفوق شروط بوش في هذا الخصوص، ويكاد المرء يصاب بالغثيان كلما مر على ذكرها من قبيل التحسن الامني ، تامين الاستقرار ، انهاء الارهاب ،تاهيل الجيش للدفاع عن العراق،ثم ان الرجل لم يتحدث عن انسحاب كل القوات، فهو قد قال بانه سيحتفظ بقوات كافية تُكلّف بمهام مختلفة ، مثل ملاحقة تنظيم "القاعدة"، وتوفير الحماية اللازمة للعاملين الأميركيين، إلى جانب مواصلة تدريب قوات الأمن العراقية،. وقد قدر مستشاروه العسكريون هذه القوات المتبقية بـ 70 الف جندي. اما القواعد العسكرية التي تتجاوز الخمسين قاعدة والتي ضمنتها الاتفاقية الامنية سيئة الصيت والسمعة، فانه لم يذكر عنها شيئا،لان اوباما كان ولا يزال من اشد المتحمسين لها.
وبما اننا بصدد الحديث عن الانسحاب ، فان كل الدلائل تشير على ان ما سيقوم به اوباما هو اعادة انتشار القوات المحتلة الى القواعد العسكرية المحصنة والمنتشرة في طول البلاد وعرضها سواء كان عددها 70 الف جندي او اقل او اكثر. وقد نجد توضيحا بهذا الشان بما ذكره اوباما نفسه بقوله بانه سيقوم بسحب 30 الف جندي في منتصف هذا العام وارسالها الى افغانستان،ثم سحب بعض الالوية من المناطق الامنة ثم بعدها من المناطق المضطربة بعد ان يتمكن من تاهيل الحكومة لملء الفراغ. وهذا ما يفسر اهتمام اوباما ونائبه جوزيف بايدن بهذا الموضوع، فزيارة الاول للعراق قبل ان يصبح رئيسا اقتصرت على ابلاغ الحكومة بضرورة بناء الدولة العراقية على اسس مركزية بدل تقسيم العراق الى دويلات وتاسيس جيش قوي بدل المليشيات الطائفية المسلحة حتى اذا تطلب الامر الى الاعتماد على ضباط محترفين من الجيش العراقي السابق. واضاف مهددا اذا لم تتحمل الحكومة المسؤوليات الامنية فانه لا يمكنه الحفاظ على مستويات الانتشار الحالية المرتفعة الى اجل غير مسمى دون ان تعريضها للخطر حتى في ظل وجودها في قواعد محصنة.
اما الزيارة التي قام بها نائبه جوزيف بايدن فانها تدخل في هذا الاطار حيث ابلغ المالكي وبقية الشلة بان اوباما سيدعم المؤسسات العراقية وليس الاحزاب او الاشخاص وان على العراقيين ان يعالجوا مشاكلهم الداخلية بانفسهم، واذا لم تكونوا قادرين فلدى الولايات المتحدة اولويات اخرى في العالم ينبغي معالجتها وانها غير ملزمة باستمرار الدعم اذا لم يكن هناك توافقا في حل المشاكل الداخلية.ولتاكيد هذا التوجه رفض بايدن لقاء مسعود البرزاني وهو احد رموز الانفصال ، ليؤكد للحكومة بانه لم يعد في هذا الوقت مع خطة تقسيم العراق.في حين رد اوباما على البرزاني والطالباني بالقول اذا اردتم تطمينات عليكم الحصول عليها من بغداد وليس من واشنطن.ومن نافل القول،فان مقومات بناء دولة قوية تحت اشراف المحتل متوفرة جراء امتلاك العراق ثروات هائلة وقدرة على استخدام الوسائل الحديثة مثل التكنلوجيا العصرية والكفاءة، لبناء نظام سياسي متين وسهولة اعتراف العالم بها بمساعدة المحتل ليكون لها دور في المشاركة باتخاذ القرارات الدولية، وضمن هذا الاطار يدخل الغزل الامريكي ،بشكل فاضح، مع ايران ،كونها لاعب اساسي في هذه المسالة، واستبدال لغة التهديد حول برامجها النووية الى لغة التفاهم والحوار مثلما يدخل في هذا الاطار حملة اوباما الدبلوماسية بالنسبة لدول المنطقة وكذلك دول الاتحاد الاوربي لدعم الحكومة العراقية.وهذا ما يفسر قرار عمرو موسى امين الجامعة القيام بزيارة الى بغداد وتصريحاته بتفعيل دور العرب في اسناد حكومة الاحتلال.
ضمن هذا السياق تحول المالكي بقدرة المحتل من طائفي الى علماني ومن مؤيد لتقسيم العراق ا لى داعية لوحدة العراق بل واخذ يهدد الانفصاليين بالقول ان العراق لا يقبل القسمة على اثنين وطالب بتغير الدستور لتعزيز هذا الاتجاه، وهو الان يدعو للمصالحة الوطنية بما فيهم المعارضين لحكومة الاحتلال ودعوتهم للمشاركة في العملية السياسية، ويقال والعهدة على الراوي ، بان المالكي ارسل عدة مبعوثين الى عواصم عربية لهذا الغرض،
ترى اين المقاومة العراقية من كل ما يجري على ارض الواقع؟
للاسف الشديد، ما نقراه ونسمع عنه لا علاقة له بهذا الواقع، وانما يدخل في باب الوهم والخيال حيث فسربعضها لجوء اوباما الى اتخاذ قراره بالانسحاب ، كونه رجل عاقل قد ادرك عدم قدرة القوات الامريكية المحتلة على الصمود فترة اطول امام ضربات المقاومة العراقية، على خلاف سلفه بوش الارعن الذي رفض الاعتراف بهذه الحقيقة، فقرر الرجل العاقل جدا تجنب الهزيمة المنكرة والخروج من العراق لحفظ ماء وجه امريكا وانقاذ مكانتها في العالم ، وعليه ينبغي على المقاومة ان لا تفوت هذه الفرصة من بين ايديها وتتفاهم مع اوباما لانهاء الاحتلال عبر الحوار او المفاوضات.ومن لا يفهم هذه الحقيقة فانه اما جاهل او قليل الخبرة او له غايات في نفسه ولم يبق سوى اتهامه بالخيانة والارتبط بجهات اجنبية.
نقول على الفور الله (يسمع من حلكم) حسب اللهجة العراقية اي من فمكم ، فما من عراقي مخلص لبلده الا وينتظر هذا اليوم، لكن الاماني شيء وواقع الحال شيء اخر.فالمقاومة العراقية ،ونقولها بمرارة وقلب حزين، لم تصل بعد لوضع قوات الاحتلال على حافة الهزيمة وربما تحتاج سنين اخرى للوصول لهذه المرحلة. ومرد ذلك يعود الى غياب الوحدة بين فصائلها وليس لضعف فيها. واذا شئنا الصراحة اكثر فان ميزان القوى لازال مختلا لصالح قوات الاحتلال، على الرغم من الانتصارات العظيمة التي حققتها المقاومة العراقية ضد القوات المحتلة واستنزافها وتحجيم مشاريع امريكا في منطقة الشرق الاوسط وتاخير مشروعها لبناء الامبراطورية الامريكية الكونية التي ينتهي التاريخ عند ابوابها.
ليس المقصود من هذا العرض المختصر، الاقرار بان الاحتلال اصبح قدرا محتوما لا مرد لقضائه،وانما على العكس من ذلك تماما، فما نقصده هو لفت انتباه المقاومة العراقية عموما ،الى ان بوش ذبحنا بالسكين واوباما يسعى الى شنقنا بحبل من حرير، او باستخدام القوة الناعمة على حد تعبير جوزيف ناي صاحب كتاب "القوة الناعمة: وسائل الفوز في عالم السياسة". فاذا حدث وتمكن اوباما من تحقيق مخططه بتقوية الدولة ومؤسساتها وبنى جيشا عراقيا بدل المليشيات المسلحة ، حينها سيصبح تحويل مجرى الصراع امرا ممكنا. فبدل ان كان الصراع يدور بين المقاومة العراقية وقوات الاحتلال ويقتصر دور مليشيات الحكومة المسلحة على الدعم والاسناد، فانه سيدور هذه المرة بين المقاومة العراقية وحكومة الاحتلال وجيشها المنتظر ويقتصر دور قوات الاحتلال على الدعم والاسناد العسكري واللوجستي.
هنا تاتي اهمية وحدة فصائل المقاومة العراقية للتصدي لمشروع اوباما السيء الذكر. ولو حدثت هذه الخطوة قبل سنتين او ثلاثة لكان بامكانها ملأ الفراغ في كل مدينة تنسحب منها قوات الاحتلال، وتعلن حكومة وطنية فيها لتمتد وتشمل بقية المدن الاخرى. وعلى الرغم من ان فرصة تحقيق الوحدة قائمة،فان هذه الفصائل لازالت تراوح مكانها، وتتحدث عن وحدتها في التصريحات والبيانات،بينما نجدها على ارض الواقع تسير عكس الاتجاه. فعلى سبيل المثال فان الجبهات الثلاث ( جبهة الجهاد والتحرير وجبهة الجهاد والتغيير وجبهة الجهاد والاصلاح ) التي تمثل جسم المقاومة والتي تعهدت امام الشعب العراقي بانجاز وحدتها في اقرب وقت، بدات ،ومنذ فترة طويلة نسبيا، على تعزيز موقع كل جبهة على حدة وتسعى الى ضم هذا الفصيل اليها او ذاك وتتبارى فيما بينها على استعراض قوتها امام الاخرين لتقنع الناس بانها الجبهة التي وحدها القادرة على تحرير العراق وعلى الاخرين الانضواء تحت لوائها. هذا الفعل هو الذي كان وراء التراجع الملحوظ لعمليات المقاومة العراقية، الامر الذي دعى الناس لان يفتشوا عن خيارات اخرى لترتيب اوضاعهم، وكلما استمر هذا التمترس خلف المرجعيات كلما انفض الناس من حولها،وهنا تكمن المصيبة، فالناس هم حاضنة المقاومة العراقية ومن دونهم يسهل على المحتل كشفها واصطيادها، او تتحول الى مجموعات مسلحة تضرب هنا وهناك في حين ان مشروع التحرير يتطلب الوحدة الشاملة عسكريا وسياسيا ومن دون ذلك لايمكن تحويل العمل المسلح الى فعل جماهيري.
ان معركة التحرير التي تخوضها المقاومة الوطنية العراقية الباسلة ضد اعتى قوة امبريالية في العالم ،والمقصود بالطبع الولايات المتحدة، هي معركة معقدة وتحتاج توحيد كل الجهود من اجل الفوز بها، ومن دون الوصول لهذا الهدف النبيل ، نقولها بصريح العبارة ان غيوم الانقسام والتشرذم ستحول دون شروق شمس التحرير في سماء العراق.
عوني القلمجي
18/2/2009
عوني القلمجي
مجيء باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة خلق حالة من التفاؤل شملت عموم الخلق ، وذهب البعض اكثر من ذلك وظنوه الامام المنتظر الذي سيملأ الارض قسطا وعدلا بعد ان ملأها سلفه بوش جورا وظلما. ولعل هذا الامر يعود في جزء منه الى انتماء الرجل الى الاقلية المضطهدة من السود واصوله الافريقية وخلفيته الاسلامية والى شعاراته البراقه التي عنون بها حملته الانتخابية، من قبيل التغيير والانسحاب من العراق واغلاق سجن غوانتنامو. وكان يمكن تجنب الحديث عن هذه الاوهام لولا انتقال عدوى التفاؤل الى ديارنا لتشمل عموم فصائل المقاومة العراقية. فمنها من سارع وخاطب الرجل عبر الرسائل المفتوحة وطالبه الوفاء بالعهود واخرى توسطت للقاء به او من ينوب عنه عبر دول خليجيةوثالثة صدقت لما جاء به وابدت استعدادها للتفاوض معه لتسهيل مهمته على حساب الثوابت الوطنية والقومية.
لقد هزت هذه المواقف المتسرعة ثقة الناس بالخطاب السياسي للمقاومة العراقية وخدشت مصداقيتها، فهي قد اكدت ،مرارا وتكرارا،على ان لا حوار او مفاوضات مع المحتل قبل ان يعلن استعداده للرحيل دون قيد او شرط وان يتحمل كافة النتائج الضارة التي ترتبت على جريمة الاحتلال اضافة الى شروط اخرى عديدة باتت معروفة للجميع ، بل ان المقاومة اعتبرت مقاربة المحتل وتقديم المبادرات له،يدل على الضعف وعدم القدرة على مواصلة الحرب الشعبية الطويلة الامد ،الامر الذي يرفع من معنويات قوات الاحتلال لمواصلة خططها لانهاء المقاومة.
لقد بحثت عن سبب واحد يدعو لهذا التفاؤل فلم اجد الى ذلك سبيلا، بل على العكس من ذلك ، فالانسحاب الذي تعهد به اوباما ربطه بشروط تعجيزية تفوق شروط بوش في هذا الخصوص، ويكاد المرء يصاب بالغثيان كلما مر على ذكرها من قبيل التحسن الامني ، تامين الاستقرار ، انهاء الارهاب ،تاهيل الجيش للدفاع عن العراق،ثم ان الرجل لم يتحدث عن انسحاب كل القوات، فهو قد قال بانه سيحتفظ بقوات كافية تُكلّف بمهام مختلفة ، مثل ملاحقة تنظيم "القاعدة"، وتوفير الحماية اللازمة للعاملين الأميركيين، إلى جانب مواصلة تدريب قوات الأمن العراقية،. وقد قدر مستشاروه العسكريون هذه القوات المتبقية بـ 70 الف جندي. اما القواعد العسكرية التي تتجاوز الخمسين قاعدة والتي ضمنتها الاتفاقية الامنية سيئة الصيت والسمعة، فانه لم يذكر عنها شيئا،لان اوباما كان ولا يزال من اشد المتحمسين لها.
وبما اننا بصدد الحديث عن الانسحاب ، فان كل الدلائل تشير على ان ما سيقوم به اوباما هو اعادة انتشار القوات المحتلة الى القواعد العسكرية المحصنة والمنتشرة في طول البلاد وعرضها سواء كان عددها 70 الف جندي او اقل او اكثر. وقد نجد توضيحا بهذا الشان بما ذكره اوباما نفسه بقوله بانه سيقوم بسحب 30 الف جندي في منتصف هذا العام وارسالها الى افغانستان،ثم سحب بعض الالوية من المناطق الامنة ثم بعدها من المناطق المضطربة بعد ان يتمكن من تاهيل الحكومة لملء الفراغ. وهذا ما يفسر اهتمام اوباما ونائبه جوزيف بايدن بهذا الموضوع، فزيارة الاول للعراق قبل ان يصبح رئيسا اقتصرت على ابلاغ الحكومة بضرورة بناء الدولة العراقية على اسس مركزية بدل تقسيم العراق الى دويلات وتاسيس جيش قوي بدل المليشيات الطائفية المسلحة حتى اذا تطلب الامر الى الاعتماد على ضباط محترفين من الجيش العراقي السابق. واضاف مهددا اذا لم تتحمل الحكومة المسؤوليات الامنية فانه لا يمكنه الحفاظ على مستويات الانتشار الحالية المرتفعة الى اجل غير مسمى دون ان تعريضها للخطر حتى في ظل وجودها في قواعد محصنة.
اما الزيارة التي قام بها نائبه جوزيف بايدن فانها تدخل في هذا الاطار حيث ابلغ المالكي وبقية الشلة بان اوباما سيدعم المؤسسات العراقية وليس الاحزاب او الاشخاص وان على العراقيين ان يعالجوا مشاكلهم الداخلية بانفسهم، واذا لم تكونوا قادرين فلدى الولايات المتحدة اولويات اخرى في العالم ينبغي معالجتها وانها غير ملزمة باستمرار الدعم اذا لم يكن هناك توافقا في حل المشاكل الداخلية.ولتاكيد هذا التوجه رفض بايدن لقاء مسعود البرزاني وهو احد رموز الانفصال ، ليؤكد للحكومة بانه لم يعد في هذا الوقت مع خطة تقسيم العراق.في حين رد اوباما على البرزاني والطالباني بالقول اذا اردتم تطمينات عليكم الحصول عليها من بغداد وليس من واشنطن.ومن نافل القول،فان مقومات بناء دولة قوية تحت اشراف المحتل متوفرة جراء امتلاك العراق ثروات هائلة وقدرة على استخدام الوسائل الحديثة مثل التكنلوجيا العصرية والكفاءة، لبناء نظام سياسي متين وسهولة اعتراف العالم بها بمساعدة المحتل ليكون لها دور في المشاركة باتخاذ القرارات الدولية، وضمن هذا الاطار يدخل الغزل الامريكي ،بشكل فاضح، مع ايران ،كونها لاعب اساسي في هذه المسالة، واستبدال لغة التهديد حول برامجها النووية الى لغة التفاهم والحوار مثلما يدخل في هذا الاطار حملة اوباما الدبلوماسية بالنسبة لدول المنطقة وكذلك دول الاتحاد الاوربي لدعم الحكومة العراقية.وهذا ما يفسر قرار عمرو موسى امين الجامعة القيام بزيارة الى بغداد وتصريحاته بتفعيل دور العرب في اسناد حكومة الاحتلال.
ضمن هذا السياق تحول المالكي بقدرة المحتل من طائفي الى علماني ومن مؤيد لتقسيم العراق ا لى داعية لوحدة العراق بل واخذ يهدد الانفصاليين بالقول ان العراق لا يقبل القسمة على اثنين وطالب بتغير الدستور لتعزيز هذا الاتجاه، وهو الان يدعو للمصالحة الوطنية بما فيهم المعارضين لحكومة الاحتلال ودعوتهم للمشاركة في العملية السياسية، ويقال والعهدة على الراوي ، بان المالكي ارسل عدة مبعوثين الى عواصم عربية لهذا الغرض،
ترى اين المقاومة العراقية من كل ما يجري على ارض الواقع؟
للاسف الشديد، ما نقراه ونسمع عنه لا علاقة له بهذا الواقع، وانما يدخل في باب الوهم والخيال حيث فسربعضها لجوء اوباما الى اتخاذ قراره بالانسحاب ، كونه رجل عاقل قد ادرك عدم قدرة القوات الامريكية المحتلة على الصمود فترة اطول امام ضربات المقاومة العراقية، على خلاف سلفه بوش الارعن الذي رفض الاعتراف بهذه الحقيقة، فقرر الرجل العاقل جدا تجنب الهزيمة المنكرة والخروج من العراق لحفظ ماء وجه امريكا وانقاذ مكانتها في العالم ، وعليه ينبغي على المقاومة ان لا تفوت هذه الفرصة من بين ايديها وتتفاهم مع اوباما لانهاء الاحتلال عبر الحوار او المفاوضات.ومن لا يفهم هذه الحقيقة فانه اما جاهل او قليل الخبرة او له غايات في نفسه ولم يبق سوى اتهامه بالخيانة والارتبط بجهات اجنبية.
نقول على الفور الله (يسمع من حلكم) حسب اللهجة العراقية اي من فمكم ، فما من عراقي مخلص لبلده الا وينتظر هذا اليوم، لكن الاماني شيء وواقع الحال شيء اخر.فالمقاومة العراقية ،ونقولها بمرارة وقلب حزين، لم تصل بعد لوضع قوات الاحتلال على حافة الهزيمة وربما تحتاج سنين اخرى للوصول لهذه المرحلة. ومرد ذلك يعود الى غياب الوحدة بين فصائلها وليس لضعف فيها. واذا شئنا الصراحة اكثر فان ميزان القوى لازال مختلا لصالح قوات الاحتلال، على الرغم من الانتصارات العظيمة التي حققتها المقاومة العراقية ضد القوات المحتلة واستنزافها وتحجيم مشاريع امريكا في منطقة الشرق الاوسط وتاخير مشروعها لبناء الامبراطورية الامريكية الكونية التي ينتهي التاريخ عند ابوابها.
ليس المقصود من هذا العرض المختصر، الاقرار بان الاحتلال اصبح قدرا محتوما لا مرد لقضائه،وانما على العكس من ذلك تماما، فما نقصده هو لفت انتباه المقاومة العراقية عموما ،الى ان بوش ذبحنا بالسكين واوباما يسعى الى شنقنا بحبل من حرير، او باستخدام القوة الناعمة على حد تعبير جوزيف ناي صاحب كتاب "القوة الناعمة: وسائل الفوز في عالم السياسة". فاذا حدث وتمكن اوباما من تحقيق مخططه بتقوية الدولة ومؤسساتها وبنى جيشا عراقيا بدل المليشيات المسلحة ، حينها سيصبح تحويل مجرى الصراع امرا ممكنا. فبدل ان كان الصراع يدور بين المقاومة العراقية وقوات الاحتلال ويقتصر دور مليشيات الحكومة المسلحة على الدعم والاسناد، فانه سيدور هذه المرة بين المقاومة العراقية وحكومة الاحتلال وجيشها المنتظر ويقتصر دور قوات الاحتلال على الدعم والاسناد العسكري واللوجستي.
هنا تاتي اهمية وحدة فصائل المقاومة العراقية للتصدي لمشروع اوباما السيء الذكر. ولو حدثت هذه الخطوة قبل سنتين او ثلاثة لكان بامكانها ملأ الفراغ في كل مدينة تنسحب منها قوات الاحتلال، وتعلن حكومة وطنية فيها لتمتد وتشمل بقية المدن الاخرى. وعلى الرغم من ان فرصة تحقيق الوحدة قائمة،فان هذه الفصائل لازالت تراوح مكانها، وتتحدث عن وحدتها في التصريحات والبيانات،بينما نجدها على ارض الواقع تسير عكس الاتجاه. فعلى سبيل المثال فان الجبهات الثلاث ( جبهة الجهاد والتحرير وجبهة الجهاد والتغيير وجبهة الجهاد والاصلاح ) التي تمثل جسم المقاومة والتي تعهدت امام الشعب العراقي بانجاز وحدتها في اقرب وقت، بدات ،ومنذ فترة طويلة نسبيا، على تعزيز موقع كل جبهة على حدة وتسعى الى ضم هذا الفصيل اليها او ذاك وتتبارى فيما بينها على استعراض قوتها امام الاخرين لتقنع الناس بانها الجبهة التي وحدها القادرة على تحرير العراق وعلى الاخرين الانضواء تحت لوائها. هذا الفعل هو الذي كان وراء التراجع الملحوظ لعمليات المقاومة العراقية، الامر الذي دعى الناس لان يفتشوا عن خيارات اخرى لترتيب اوضاعهم، وكلما استمر هذا التمترس خلف المرجعيات كلما انفض الناس من حولها،وهنا تكمن المصيبة، فالناس هم حاضنة المقاومة العراقية ومن دونهم يسهل على المحتل كشفها واصطيادها، او تتحول الى مجموعات مسلحة تضرب هنا وهناك في حين ان مشروع التحرير يتطلب الوحدة الشاملة عسكريا وسياسيا ومن دون ذلك لايمكن تحويل العمل المسلح الى فعل جماهيري.
ان معركة التحرير التي تخوضها المقاومة الوطنية العراقية الباسلة ضد اعتى قوة امبريالية في العالم ،والمقصود بالطبع الولايات المتحدة، هي معركة معقدة وتحتاج توحيد كل الجهود من اجل الفوز بها، ومن دون الوصول لهذا الهدف النبيل ، نقولها بصريح العبارة ان غيوم الانقسام والتشرذم ستحول دون شروق شمس التحرير في سماء العراق.
عوني القلمجي
18/2/2009
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري