حوار مع القاص والناقد والمترجم فيصل عبد الوهاب
قد يفوق الناقد كاتب النص في إبداعه ...
محمد خضير أفضل قاص في العراق حاليا ...
..............................................
حاوره : ضياء الشرقاطي
عرفته أول مرة من خلال برنامج ( أشرعة ) الذي قدمته القاصة والكاتبة رشا فاضل على فضائية صلاح الدين .. حيث دار بين الاثنين حوارا فنيا حول القصة القصيرة وتطورها .. وتحدث فيه فيصل عبد الوهاب عن تجربته وقرا بعضا من كتاباته ...
كتب فيصل عبد الوهاب في القصة والنقد والترجمة أيضا ..
لفيصل عبد الوهاب .. ديوان شعري يضم أشعارا وترجمات شعرية بعنوان ( وهج القصائد – 2002) .. ومجموعتان قصصيتان .. (الدفء – 1999) .. و (نحو القمة – 2001) .. وله كتاب مقالات في النقد الأدبي بعنوان ( في الأفق القريب – 2002) .. وحاصل على جائزة القدس لسنة 2000 الصادرة عن الاتحاد العام للكتاب العرب ...
وفي هذا الحوار .. يتحدث لنا عن القصة والشعر والنقد والترجمة ...
الشرقاطي : أنت درست التحليلات المرضية في بدايتك .. ثم درست اللغة الانكليزية .. فالأدب الانكليزي .. فالقانون .. كيف فعلت هذا كله ؟...
فيصل عبد الوهاب : في البداية درست التقنيات الطبية لحاجتي الماسة للوظيفة وذلك لتأمين دخل ثابت للعائلة وقد ساعدتني هذه المهنة كثيرا في زمن الحصار ، فبالإضافة إلى تأمين وسيلة العيش دفعتني للدراسات المسائية ومكنتني من دفع أقساطها وتكاليفها فدرست اللغة الانكليزية والأدب الانجليزي اللذين أحبهما في مرحلتي البكالوريوس والماجستير وأنا الآن أحضر للسفر لإكمال الدكتوراه في انكلترا إن شاء الله..أما القانون فاني قد درست بعض صفوفه في الثمانينات ثم رجعت وأكملتها قبل بضع سنين .. ولا شك إني أحب هذه الاختصاصات الثلاثة الآن لفائدتها العلمية والأدبية فالمعرفة لا يمكن تجزئتها وقد ظهر ذلك جليا في النصوص التي أكتبها ..
الشرقاطي : هناك علاقة بين الإبداع والعمر .. خصوصا وان النصف الأول من حياة الإنسان يطغى عليه الانفعال .. ما هو رأيك بهذا المفهوم مستندا على تجربتك ؟...
فيصل عبد الوهاب : من تجربتي الخاصة فإن الإبداع الشعري يزدهر في النصف الأول من حياة الإنسان بينما القصة والرواية والنقد في النصف الثاني للسبب الذي ذكرته وهذا يشمل الأغلبية ..ولكن ذلك ليس قانونا للجميع فالبعض يستمر إبداعه الشعري طوال عمره والبعض الآخر يبدأ في النصف الثاني من عمره.
الشرقاطي : يقول شيللي ( لا يمكن للمرء أن يقول سأكتب شعرا ، وحتى أعظم الشعراء غير قادر على قول ذلك ) .. أولا ما رأيك ؟.. وثانيا .. هل ينطبق هذا القول على القصة ؟...
فيصل عبد الوهاب : ربما القصد من هذه العبارة أن الإنسان لا يقوم نفسه وذلك متروك للآخرين..وهذه العبارة سلاح ضد مدعي الشعر من الذين يتبجحون بكتاباتهم وهي غير ذي قيمة .. وهي ضد نزعة الغرور أيضا .. في القصة كذلك .. ينبغي ترك تقدير العمل الفني للقراء والنقاد ..
الشرقاطي : هل تسعى إلى كتابة القصة أم انك تنتظرها تأتي متى ما شاءت ؟...
فيصل عبد الوهاب : لا أسعى إليها ولدي العشرات من مشروعات القصص والروايات موضوعة بصيغة ملخص فكرة أو خطة أولية تنتظر مني الكتابة ولكن لا وقت لدي الآن .. وعموما كتابة القصة أسهل من كتابة الشعر عندي بكثير .. فالشعر مخاض عسير أما القصة فلا تكون كذلك إلا إذا اقتربت من الشعر ..
الشرقاطي : للقصة القصيرة منحى اجتماعي فطري جعلها تبقى ملتصقة بالواقع ومغسولة بهموم الناس ومشاكل الحياة .. وهذا كله يحد من تطورها فنيا .. كيف توضح لنا هذا ؟...
فيصل عبد الوهاب : الالتصاق بالواقع لا يحد من تطور القصة فنيا بل يغنيه فالقصة الناجحة تنهل من الواقع والخيال معا فإذا اقتصرت على أحدهما كسرت أحد أجنحتها ولم تعد قادرة على الطيران ..
الشرقاطي : قرأت إن القصة هي تصوير لإحساس القاص أو شعوره تجاه حالة معينة أو تجربة إنسانية محددة .. بموازاة هذا .. ألك أن تحدثنا عن تطور شكل ومضمون القصة العراقية .. خصوصا وان مضمون هذه القصة ما يزال معجونا بكل ما آلت إليه الحروب والأحداث السياسية التي عصفت بالبلد ولا تزال ؟...
فيصل عبد الوهاب : رافقت القصة العراقية مختلف المراحل التي مرت بها القصة على نطاق العالم ولم تتخلف عنها فالقاص العراقي قارئ دؤوب مطلع على التجارب العالمية القديمة والحديثة في هذا الفن ومن هذه التجارب قصص الحرب العالمية فاستفاد منها بشكل أو بآخر في التجربة العراقية في الحرب ولكن المشكلة كانت تكمن في محدودية هامش الحرية الممنوح له في الكتابة بينما تحرر الكاتب العالمي من هذا الشرط لذلك جاءت بعض الكتابات العراقية في هذا الجانب مسطحة وضعيفة في حين استفاد البعض الآخر من هذا الشرط بكتابة القصة الرمزية التي لا تحرج الرقيب وتخلق جوا فنيا جديرا بالكتابة ..
الشرقاطي : هناك قصص حديثة استدعت ذاكرة اللغة واستحضرت مخزونها التراثي .. كيف تقيم ذلك ؟...
فيصل عبد الوهاب : تحضرني الآن في الإجابة تجربة القاص القدير فرج ياسين فهو يعتني كثيرا بمسألة اللغة في القصة ويستحضر مخزونها التراثي وقد سألته مرة عن ذلك في حوار صحفي أقمته معه نشر في جريدة (السيادة) العراقية ولا أتذكر إجابته الآن ولكن الاهتمام الزائد باللغة في القصة قد يقلل من فنيتها إذا كان الموضوع لا يتلاءم مع ذلك .. فالموضوع هو الذي يحدد مستوى اللغة واستحضار التراث من عدمه ..
الشرقاطي : من خلال القصة .. أيمكن الاحتفاء باللغة .. أو إعادة اكتشافها ؟...
فيصل عبد الوهاب : لا شك في ذلك فالقصة مثل أي نص أدبي آخر معنية باللغة ولكن أية لغة؟ تلك هي المشكلة ..
الشرقاطي : التحديث المستمر للقصة القصيرة .. ألا يمكن أن يؤدي إلى تشويهها ؟...
فيصل عبد الوهاب : نعم.. فالهوس بالتحديث لا لشيء إلا للتحديث يؤدي حتما للتشويه ..
الشرقاطي : هل النقد إبداع ؟...
فيصل عبد الوهاب : قد يفوق الناقد كاتب النص في إبداعه وقد يساويه وقد يكون أقل منه إبداعا .. وإني أعاني أحيانا في كتابة مقالة نقدية أكثر مما أعانيه في كتابة قصة ..
الشرقاطي : يقول جابر عصفور ( لا بد أن يكون هناك نظرية نقدية لكل ناقد حتى يصبح ناقدا أصلا ) .. أتؤيد هذا القول أم انك تؤيد الأخذ من كل مدرسة نقدية ؟...
فيصل عبد الوهاب : لا أتفق مع الناقد عصفور فالنص هو الذي يحدد طبيعة ونوعية المنهج النقدي .. ومثال ذلك أن النص الذي ينبغي تناوله وفق المنهج النفسي لأنه يعرض مشكلة نفسية لا ينبغي تناوله وفق أي منهج آخر لأن في ذلك قتل للنص .. وهناك بالطبع نصوص يمكن تناولها بأكثر من منهج .. عموما فاني أؤيد الأخذ من مختلف المناهج النقدية بما يلائم النص ويخدمه .. أما الاقتصار على منهج نقدي واحد فهذا يعني قتل النص وجمود الناقد وفق قواعد معينة موضوعة سلفا ..
الشرقاطي : هل النقد علم ؟.. وإذا لم يكن كذلك .. فهل المسالة مجرد ذوق ورؤية شخصية ؟...
فيصل عبد الوهاب : في البداية قلنا أن النقد إبداع وهذا يعني توفر الذائقة الشخصية .. ومع ذلك فينبغي للناقد أن يتسلح بمختلف المناهج والنظريات النقدية إضافة إلى تسلحه بقدر ما يمكن من المعارف الأخرى كالعلوم الطبيعية والفلسفة والسياسة وعلم النفس والتاريخ واللغات وغيرها ..
الشرقاطي : بصراحة .. كيف هو واقع النقد في العراق ؟...
فيصل عبد الوهاب : واقع النقد في العراق لا يعجب وربما منشأ ذلك كثرة الكتاب وقلة النقاد وهذه القلة ربما تخضع للمجاملات والعلاقات الشخصية لذلك تكون الكتابة أحيانا في غير صالح الإبداع ..
الشرقاطي : وأنت تكتب نقدا لمادة معينة .. هل تشعر انك تنافس كاتبها ؟...
فيصل عبد الوهاب : لا بالطبع بل المسألة تتضمن علاقة إبداعية تبادلية متفاعلة بين الناقد والكاتب .. وعندما يثير انتباهي نص ما فاني استحث قدراتي للكتابة عنه بل إنه يجذبني أحيانا لدرجة أن أهمل واجباتي الأخرى كي أكتب عنه ..
الشرقاطي : ما رأيك بهذه المقولة ( الشعر للمشرق والنقد للمغرب ) ؟...
فيصل عبد الوهاب : تأثر الإخوة المغاربة بالثقافة الفرنسية كثيرا وخرج منهم نقاد كثر يروجون للمدارس النقدية الغربية والفرنسية بالذات لكن ذلك لم يمنع من ظهور نقاد لهم رؤية خاصة بعيدا عن هذه المناهج ولم يمنع هذا أيضا من وجود شعراء كبار لديهم مثلما يمكن القول وجود نقاد كبار في المشرق أيضا مع الشعراء الكبار أيضا ..
الشرقاطي : كيف تنظر إلى الرأي القائل ( لكي تتمكن من ترجمة الشعر فعليك أن تكون شاعرا قديرا ) ؟...
فيصل عبد الوهاب : هذا الرأي صحيح تماما..ينبغي ترجمة الشعر شعرا..
الشرقاطي : أية طريقة تقوم بإتباعها عند الترجمة .. أهي الترجمة التفسيرية أم الترجمة الحرفية .. أم انك تجمع بينهما ؟...
فيصل عبد الوهاب : الجمع بينهما هو الأفضل .. وبراعة المترجم تكمن في كيفية الجمع بينهما ..
الشرقاطي : في أحيان كثيرة .. وعندما اقرأ بعض القصائد وترجماتها الانكليزية .. ينتابني شعور بالأسى .. وكأنني أتخيل إن عملية ترجمة القصيدة ليست اغتيالا لها .. بل إنها عملية اغتيال وتمثيل بجسدها .. هل أنا على حق ؟...
فيصل عبد الوهاب : الترجمة من العربية إلى الانكليزية أصعب من العملية معكوسة وقلة من المترجمين من يتقن ذلك لأن الذاكرة التعليمية مبرمجة تقليديا على هذا الأساس وليس العكس ..
الشرقاطي : حسب رأيك أستاذ فيصل .. وبالأسماء .. من هم أفضل القاصون والقاصات والشعراء والشاعرات والنقاد في العراق .. من الموجودين حاليا في الساحة الأدبية ؟...
فيصل عبد الوهاب : محمد خضير في القصة ، أما في الشعر فقد أثار انتباهي الشعراء العراقيين الذين شاركوا في برنامج (أمير الشعراء) ، وفي النقد هناك فاضل ثامر ومحمد صابر عبيد ..
الشرقاطي : بسطر أو سطرين .. أريد تعليقك على ما يأتي :-
- افتتاح قصر الثقافة في تكريت ؟
انجاز كبير لخدمة الثقافة في المحافظة.
- استضافة رشا فاضل لك في برنامج أشرعة ؟
أفادتني كثيرا ورتبت لي أصدقاء جدد..
- الشعر والنثر تخيل .. والنقد تصوير .. والترجمة تخيل وتصوير ؟
الشعر والنثر تخيل .. والنقد تخيل وعلم.. والترجمة تخيل وعلم أيضا..
- رفض جامعة تكريت تسجيل رسالة دكتوراه عن الشاعر حسب الشيخ جعفر ؟
يستحق الشاعر حسب الشيخ جعفر أطروحة دكتوراه لدراسته ولكن ليست كل الجامعات تعترف بشعر الحداثة .. ربما لجامعة تكريت وجهة نظر حول ذلك ..
الشرقاطي : كلمة أخيرة ؟...
فيصل عبد الوهاب : شكرا لك عزيزي على هذه الأسئلة الجميلة ..
..........................................................................
ضياء الشرقاطي shirqati@yahoo.com
فيصل عبد الوهاب feisalff@yahoo.com
..............................................................................
قد يفوق الناقد كاتب النص في إبداعه ...
محمد خضير أفضل قاص في العراق حاليا ...
..............................................
حاوره : ضياء الشرقاطي
عرفته أول مرة من خلال برنامج ( أشرعة ) الذي قدمته القاصة والكاتبة رشا فاضل على فضائية صلاح الدين .. حيث دار بين الاثنين حوارا فنيا حول القصة القصيرة وتطورها .. وتحدث فيه فيصل عبد الوهاب عن تجربته وقرا بعضا من كتاباته ...
كتب فيصل عبد الوهاب في القصة والنقد والترجمة أيضا ..
لفيصل عبد الوهاب .. ديوان شعري يضم أشعارا وترجمات شعرية بعنوان ( وهج القصائد – 2002) .. ومجموعتان قصصيتان .. (الدفء – 1999) .. و (نحو القمة – 2001) .. وله كتاب مقالات في النقد الأدبي بعنوان ( في الأفق القريب – 2002) .. وحاصل على جائزة القدس لسنة 2000 الصادرة عن الاتحاد العام للكتاب العرب ...
وفي هذا الحوار .. يتحدث لنا عن القصة والشعر والنقد والترجمة ...
الشرقاطي : أنت درست التحليلات المرضية في بدايتك .. ثم درست اللغة الانكليزية .. فالأدب الانكليزي .. فالقانون .. كيف فعلت هذا كله ؟...
فيصل عبد الوهاب : في البداية درست التقنيات الطبية لحاجتي الماسة للوظيفة وذلك لتأمين دخل ثابت للعائلة وقد ساعدتني هذه المهنة كثيرا في زمن الحصار ، فبالإضافة إلى تأمين وسيلة العيش دفعتني للدراسات المسائية ومكنتني من دفع أقساطها وتكاليفها فدرست اللغة الانكليزية والأدب الانجليزي اللذين أحبهما في مرحلتي البكالوريوس والماجستير وأنا الآن أحضر للسفر لإكمال الدكتوراه في انكلترا إن شاء الله..أما القانون فاني قد درست بعض صفوفه في الثمانينات ثم رجعت وأكملتها قبل بضع سنين .. ولا شك إني أحب هذه الاختصاصات الثلاثة الآن لفائدتها العلمية والأدبية فالمعرفة لا يمكن تجزئتها وقد ظهر ذلك جليا في النصوص التي أكتبها ..
الشرقاطي : هناك علاقة بين الإبداع والعمر .. خصوصا وان النصف الأول من حياة الإنسان يطغى عليه الانفعال .. ما هو رأيك بهذا المفهوم مستندا على تجربتك ؟...
فيصل عبد الوهاب : من تجربتي الخاصة فإن الإبداع الشعري يزدهر في النصف الأول من حياة الإنسان بينما القصة والرواية والنقد في النصف الثاني للسبب الذي ذكرته وهذا يشمل الأغلبية ..ولكن ذلك ليس قانونا للجميع فالبعض يستمر إبداعه الشعري طوال عمره والبعض الآخر يبدأ في النصف الثاني من عمره.
الشرقاطي : يقول شيللي ( لا يمكن للمرء أن يقول سأكتب شعرا ، وحتى أعظم الشعراء غير قادر على قول ذلك ) .. أولا ما رأيك ؟.. وثانيا .. هل ينطبق هذا القول على القصة ؟...
فيصل عبد الوهاب : ربما القصد من هذه العبارة أن الإنسان لا يقوم نفسه وذلك متروك للآخرين..وهذه العبارة سلاح ضد مدعي الشعر من الذين يتبجحون بكتاباتهم وهي غير ذي قيمة .. وهي ضد نزعة الغرور أيضا .. في القصة كذلك .. ينبغي ترك تقدير العمل الفني للقراء والنقاد ..
الشرقاطي : هل تسعى إلى كتابة القصة أم انك تنتظرها تأتي متى ما شاءت ؟...
فيصل عبد الوهاب : لا أسعى إليها ولدي العشرات من مشروعات القصص والروايات موضوعة بصيغة ملخص فكرة أو خطة أولية تنتظر مني الكتابة ولكن لا وقت لدي الآن .. وعموما كتابة القصة أسهل من كتابة الشعر عندي بكثير .. فالشعر مخاض عسير أما القصة فلا تكون كذلك إلا إذا اقتربت من الشعر ..
الشرقاطي : للقصة القصيرة منحى اجتماعي فطري جعلها تبقى ملتصقة بالواقع ومغسولة بهموم الناس ومشاكل الحياة .. وهذا كله يحد من تطورها فنيا .. كيف توضح لنا هذا ؟...
فيصل عبد الوهاب : الالتصاق بالواقع لا يحد من تطور القصة فنيا بل يغنيه فالقصة الناجحة تنهل من الواقع والخيال معا فإذا اقتصرت على أحدهما كسرت أحد أجنحتها ولم تعد قادرة على الطيران ..
الشرقاطي : قرأت إن القصة هي تصوير لإحساس القاص أو شعوره تجاه حالة معينة أو تجربة إنسانية محددة .. بموازاة هذا .. ألك أن تحدثنا عن تطور شكل ومضمون القصة العراقية .. خصوصا وان مضمون هذه القصة ما يزال معجونا بكل ما آلت إليه الحروب والأحداث السياسية التي عصفت بالبلد ولا تزال ؟...
فيصل عبد الوهاب : رافقت القصة العراقية مختلف المراحل التي مرت بها القصة على نطاق العالم ولم تتخلف عنها فالقاص العراقي قارئ دؤوب مطلع على التجارب العالمية القديمة والحديثة في هذا الفن ومن هذه التجارب قصص الحرب العالمية فاستفاد منها بشكل أو بآخر في التجربة العراقية في الحرب ولكن المشكلة كانت تكمن في محدودية هامش الحرية الممنوح له في الكتابة بينما تحرر الكاتب العالمي من هذا الشرط لذلك جاءت بعض الكتابات العراقية في هذا الجانب مسطحة وضعيفة في حين استفاد البعض الآخر من هذا الشرط بكتابة القصة الرمزية التي لا تحرج الرقيب وتخلق جوا فنيا جديرا بالكتابة ..
الشرقاطي : هناك قصص حديثة استدعت ذاكرة اللغة واستحضرت مخزونها التراثي .. كيف تقيم ذلك ؟...
فيصل عبد الوهاب : تحضرني الآن في الإجابة تجربة القاص القدير فرج ياسين فهو يعتني كثيرا بمسألة اللغة في القصة ويستحضر مخزونها التراثي وقد سألته مرة عن ذلك في حوار صحفي أقمته معه نشر في جريدة (السيادة) العراقية ولا أتذكر إجابته الآن ولكن الاهتمام الزائد باللغة في القصة قد يقلل من فنيتها إذا كان الموضوع لا يتلاءم مع ذلك .. فالموضوع هو الذي يحدد مستوى اللغة واستحضار التراث من عدمه ..
الشرقاطي : من خلال القصة .. أيمكن الاحتفاء باللغة .. أو إعادة اكتشافها ؟...
فيصل عبد الوهاب : لا شك في ذلك فالقصة مثل أي نص أدبي آخر معنية باللغة ولكن أية لغة؟ تلك هي المشكلة ..
الشرقاطي : التحديث المستمر للقصة القصيرة .. ألا يمكن أن يؤدي إلى تشويهها ؟...
فيصل عبد الوهاب : نعم.. فالهوس بالتحديث لا لشيء إلا للتحديث يؤدي حتما للتشويه ..
الشرقاطي : هل النقد إبداع ؟...
فيصل عبد الوهاب : قد يفوق الناقد كاتب النص في إبداعه وقد يساويه وقد يكون أقل منه إبداعا .. وإني أعاني أحيانا في كتابة مقالة نقدية أكثر مما أعانيه في كتابة قصة ..
الشرقاطي : يقول جابر عصفور ( لا بد أن يكون هناك نظرية نقدية لكل ناقد حتى يصبح ناقدا أصلا ) .. أتؤيد هذا القول أم انك تؤيد الأخذ من كل مدرسة نقدية ؟...
فيصل عبد الوهاب : لا أتفق مع الناقد عصفور فالنص هو الذي يحدد طبيعة ونوعية المنهج النقدي .. ومثال ذلك أن النص الذي ينبغي تناوله وفق المنهج النفسي لأنه يعرض مشكلة نفسية لا ينبغي تناوله وفق أي منهج آخر لأن في ذلك قتل للنص .. وهناك بالطبع نصوص يمكن تناولها بأكثر من منهج .. عموما فاني أؤيد الأخذ من مختلف المناهج النقدية بما يلائم النص ويخدمه .. أما الاقتصار على منهج نقدي واحد فهذا يعني قتل النص وجمود الناقد وفق قواعد معينة موضوعة سلفا ..
الشرقاطي : هل النقد علم ؟.. وإذا لم يكن كذلك .. فهل المسالة مجرد ذوق ورؤية شخصية ؟...
فيصل عبد الوهاب : في البداية قلنا أن النقد إبداع وهذا يعني توفر الذائقة الشخصية .. ومع ذلك فينبغي للناقد أن يتسلح بمختلف المناهج والنظريات النقدية إضافة إلى تسلحه بقدر ما يمكن من المعارف الأخرى كالعلوم الطبيعية والفلسفة والسياسة وعلم النفس والتاريخ واللغات وغيرها ..
الشرقاطي : بصراحة .. كيف هو واقع النقد في العراق ؟...
فيصل عبد الوهاب : واقع النقد في العراق لا يعجب وربما منشأ ذلك كثرة الكتاب وقلة النقاد وهذه القلة ربما تخضع للمجاملات والعلاقات الشخصية لذلك تكون الكتابة أحيانا في غير صالح الإبداع ..
الشرقاطي : وأنت تكتب نقدا لمادة معينة .. هل تشعر انك تنافس كاتبها ؟...
فيصل عبد الوهاب : لا بالطبع بل المسألة تتضمن علاقة إبداعية تبادلية متفاعلة بين الناقد والكاتب .. وعندما يثير انتباهي نص ما فاني استحث قدراتي للكتابة عنه بل إنه يجذبني أحيانا لدرجة أن أهمل واجباتي الأخرى كي أكتب عنه ..
الشرقاطي : ما رأيك بهذه المقولة ( الشعر للمشرق والنقد للمغرب ) ؟...
فيصل عبد الوهاب : تأثر الإخوة المغاربة بالثقافة الفرنسية كثيرا وخرج منهم نقاد كثر يروجون للمدارس النقدية الغربية والفرنسية بالذات لكن ذلك لم يمنع من ظهور نقاد لهم رؤية خاصة بعيدا عن هذه المناهج ولم يمنع هذا أيضا من وجود شعراء كبار لديهم مثلما يمكن القول وجود نقاد كبار في المشرق أيضا مع الشعراء الكبار أيضا ..
الشرقاطي : كيف تنظر إلى الرأي القائل ( لكي تتمكن من ترجمة الشعر فعليك أن تكون شاعرا قديرا ) ؟...
فيصل عبد الوهاب : هذا الرأي صحيح تماما..ينبغي ترجمة الشعر شعرا..
الشرقاطي : أية طريقة تقوم بإتباعها عند الترجمة .. أهي الترجمة التفسيرية أم الترجمة الحرفية .. أم انك تجمع بينهما ؟...
فيصل عبد الوهاب : الجمع بينهما هو الأفضل .. وبراعة المترجم تكمن في كيفية الجمع بينهما ..
الشرقاطي : في أحيان كثيرة .. وعندما اقرأ بعض القصائد وترجماتها الانكليزية .. ينتابني شعور بالأسى .. وكأنني أتخيل إن عملية ترجمة القصيدة ليست اغتيالا لها .. بل إنها عملية اغتيال وتمثيل بجسدها .. هل أنا على حق ؟...
فيصل عبد الوهاب : الترجمة من العربية إلى الانكليزية أصعب من العملية معكوسة وقلة من المترجمين من يتقن ذلك لأن الذاكرة التعليمية مبرمجة تقليديا على هذا الأساس وليس العكس ..
الشرقاطي : حسب رأيك أستاذ فيصل .. وبالأسماء .. من هم أفضل القاصون والقاصات والشعراء والشاعرات والنقاد في العراق .. من الموجودين حاليا في الساحة الأدبية ؟...
فيصل عبد الوهاب : محمد خضير في القصة ، أما في الشعر فقد أثار انتباهي الشعراء العراقيين الذين شاركوا في برنامج (أمير الشعراء) ، وفي النقد هناك فاضل ثامر ومحمد صابر عبيد ..
الشرقاطي : بسطر أو سطرين .. أريد تعليقك على ما يأتي :-
- افتتاح قصر الثقافة في تكريت ؟
انجاز كبير لخدمة الثقافة في المحافظة.
- استضافة رشا فاضل لك في برنامج أشرعة ؟
أفادتني كثيرا ورتبت لي أصدقاء جدد..
- الشعر والنثر تخيل .. والنقد تصوير .. والترجمة تخيل وتصوير ؟
الشعر والنثر تخيل .. والنقد تخيل وعلم.. والترجمة تخيل وعلم أيضا..
- رفض جامعة تكريت تسجيل رسالة دكتوراه عن الشاعر حسب الشيخ جعفر ؟
يستحق الشاعر حسب الشيخ جعفر أطروحة دكتوراه لدراسته ولكن ليست كل الجامعات تعترف بشعر الحداثة .. ربما لجامعة تكريت وجهة نظر حول ذلك ..
الشرقاطي : كلمة أخيرة ؟...
فيصل عبد الوهاب : شكرا لك عزيزي على هذه الأسئلة الجميلة ..
..........................................................................
ضياء الشرقاطي shirqati@yahoo.com
فيصل عبد الوهاب feisalff@yahoo.com
..............................................................................
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري