من يدافع عن الثروات الثقافية للأمة؟
موطني في قبضة عملاء الاحتلال في العراق
د. إبراهيم علوش
في الواقع لم يكن النظام الذي عطسه الاحتلال في العراق من أنفه من اتخذ قرار تبني موطني نشيداً لدولة العراق المحتل, بل كان الاحتلال مباشرة ومندوبه السامي بول بريمر, في 16/10/2003 بالتحديد, هو الذي اتخذ ذلك القرار. ومن المعروف أن بريمر كان حاكماً للعراق ما بين 11/5/2003 و28/6/.2004 وكان بريمر آنذاك, بصفته رئيساً لمجلس الحكم الانتقالي, يتبع إدارياً فقط لوزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد كمسؤول نهائي عن العراق المحتل!
وبما أن أي قرار صغير أو كبير في العراق في تلك الفترة كان يجب أن يمر بالضرورة من خرم إبرة بريمر, فإن السؤال يصبح: لماذا تبنى بريمر وأذنابه نشيداً وطنياً وقومياً عربياً مثل موطني للعراق المحتل, هذا النشيد المقاوم للاحتلال الذي سبق أن تبنته ثورة الـ 36 في فلسطين؟! ألأن بريمر وأذنابه يؤمنون بمقاومة الاحتلال الذي مثلوه, أم للتورية والتضليل, ولاستخدامه كقناع قومي مقاوم للتستر على الوجه القبيح لنظام عميل للاحتلال؟!
لا بد من الإشارة ابتداءً أن نشيد موطني وضعه عام 1934 الشاعر إبراهيم طوقان, شقيق الشاعرة فدوى طوقان, من فلسطين العربية المحتلة, ولحنه الموسيقار محمد فليفل, ابن بيروت العربية المقاوِمة.
لكن نشيد موطني لم يكن نشيداً وطنياً فلسطينياً فحسب, بل عم وانتشر في مختلف بقاع الأمة العربية, فأصبح بذلك نشيداً وتراثاً قومياً عربياً. وقد جاء تبني الفلسطينيين له في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين فقط للتأكيد على نهج المقاومة وعروبة فلسطين في مواجهة الانتداب البريطاني والهجرة اليهودية إلى فلسطين. وبصفته تلك, كنشيد قومي, وبصفته تراثاً ثقافياً وموسيقياً عربياً متميزاً, فإن موطني يكون بالضرورة ملكاً جماعياً للأمة, أجيالها السابقة والحالية واللاحقة, تماماً مثل شعر المتنبي وفكر ابن خلدون, وكما كل ثروات الأمة وأرضها ملكٌ جماعي للأمة وكما الدفاع عنها مسؤولية جماعية للأمة أيضاً وبالتالي فإن موطني هو من حيث المبدأ ملكٌ للعراقيين أيضاً, كما نفط العرب لكل العرب, وكما مقابر شهداء العراق في فلسطين وغير فلسطين لكل العرب, وكما كل ذرة رمل عربية محتلة من جزيرة ليلى إلى الأحواز مروراً بفلسطين.
باختصار, كنا سنمتلئ فخراً واعتزازاً لو تبنى العراق الوطني غير المحتل موطني نشيداً له, والعراق قليلٌ عليه ما يأخذه من الأمة العربية, بعدما قدم لها, فيما قدمه, هزيمة الولايات المتحدة ومشروعها العدواني في الإقليم برمته على طبق من تضحياتٍ عراقية غزيرة. ومؤلف النشيد, إبراهيم طوقان نفسه, سبق أن عمل مدرساً في العراق عام ,1940 ثم مرض وعاد إلى فلسطين ليموت هناك عام 1941 (ولد عام 1905). وكذلك عمل ملحن النشيد محمد فليفل في العراق أستاذاً للموسيقى فترة, لكنه عاش حتى عام 1985 (ولد عام 1899).
لكن أن يضع بريمر وأذنابه نشيد موطني بديلاً للنشيد الوطني للعراق الحر, فهذا ما يشكل عملية سطو ثقافية مسيسة من قبل الاحتلال على التراث الوطني والقومي المقاوم نفسه. كما أن إلغاء النشيد الوطني العراقي يشكل امتداداً مباشراً لخطة التدمير المنهجي لمقومات الدولة العراقية ومؤسساتها التي بدأها بريمر, ومنها شطب الجيش العراقي مثلاً, أو استبدال دستور العراق.
أما مصادرة موطني لمصلحة الاحتلال فيشكل استمراراً مباشراً لنهج السطو على ثروات العراق والأمة العربية... لكنه هذه المرة سطو على إرث ثقافي ووطني, وهو ما يتطلب إطلاق صرخة احتجاج مدوية تشق السماء من قبل كل الهيئات والشخصيات المعنية بالحفاظ على التراث الوطني المقاوم لأمتنا: العملاء لا يحق لهم أن يتغطوا بالتراث الوطني والقومي المقاوم, وأن يصادروه فعلياً ليمنحوا أنفسهم شيئاً من المصداقية والمقبولية, وليتظاهروا بأن لهم بعداً تاريخياً وما هم إلا طفيليات بلا جذور وطنية ترعرعت في عفن الهيمنة الخارجية بأنواعها على العراق.
ليست المشكلة إذن في تبني العراق لنشيد موطني بل في تدثر عملاء الاحتلال بعباءة ذلك النشيد ليغطوا التدمير المنهجي للعراق. ولو مؤقتاً, إذ نشير هنا أن صحيفة الاتحاد التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني طالبت بنشيد وطني عراقي متعدد اللغات, كجزء من عملية شطب عروبة العراق, ومن المفهوم أن لا يدرك عملاء الاحتلال الصغار أهمية التضليل والتورية في تبني موطني كنشيد للعراق المحتل... لكن القرار ليس لهم بالنهاية, بل لأسيادهم.
وقد سبق أن تبنى العراق, بعد حوالي عامين من وصول القوميين للحكم في انقلاب 8 شباط ,1963 النشيد الوطني المصري الرائع والله زمن يا سلاحي, من أداء خالدة الذكر أم كلثوم, وهو نشيد تحول بدوره إلى نشيد قومي عربي, للتأكيد على توجه العراق نحو الوحدة مع مصر وسورية, ومن هنا النجوم الثلاثة على العلم العراقي طبعاً - أي مصر وسوريا والعراق - وهي النجوم التي أزالها عملاء الاحتلال المزدوج في العراق أيضاً, كجزء من عملية اجتثاث التوجه العروبي في العراق.
ويشار أن قناة المنار اللبنانية أعادت بث والله زمن يا سلاحي تكراراً خلال العدوان الصهيوني على لبنان في صيف عام ,2006 وقد بقي ذلك النشيد نشيداً وطنياً مصرياً منذ عام 1960 حتى عام 1979 عندما ذهبت به استحقاقات اتفاقيات كامب ديفيد الخيانية.
وفي عام 1981 تبنى العراق نشيداً وطنياً جديداً من تأليف شفيق الكمالي وتلحين وليد غلمية (من لبنان), وبقي ذلك النشيد حتى مجيء الاحتلال عام ,2003 وهو النشيد ذو التوجه البعثي الذي يبدأ مطلعه:
وطن مد على الأفق جناحا
وارتدى مجد الحضارات وشاحا
بوركت ارض الفراتين وطن
عبقري المجد عزما وسماحة
وقد تم اقتراح بديل له في ظل الشهيد صدام حسين, من تأليف أسعد الغريري وألحان كاظم الساهر, وكان خطاب النشيد الجديد حضارياً كالقديم, بيد أنه لم يكن حزبيا ولا يستدعي الرموز الكفاحية بشكل مباشر, كما أنه خلا من ذكر البعث, ومع ذلك لم يتم تبنيه لأنه وضع في ظل الحكم الوطني, ومطلعه:
سلامٌ عليك على رافديك عراقَ القيم
فأنت مزارٌ وحصنٌ ودارٌ لكل النعم
ومن كلماته أيضاً:
سلامٌ لأرض تفيضُ عطاء وعطرُ ثراها دمُ الشهداء
فهذا حسين وذي كربلاء من العز صار لسانا ودما
عراق العلوم ونهرُ الأدب ستبقى تراثًا لكل العرب
وتبقى إلى المجد أماً وأباً وإكليلَ حُبٍ لخير الأمم
الخ...
إذن جاء تبني موطني على عجل عوضاً عن ذلك, ولكن ليس قبل تحريف بعض كلماتها بطريقة سخيفة, لا تمس المضمون في الواقع, لكنها تنم عن رؤية أمريكية صرف للحياة, طريقة فردية تقوم على استبدال كل ما يمكن أن يُرى بشكل سلبي عندما تترجم الكلمات إلى الإنكليزية, ومن منظور الجماعة القومية إلى منظور الفرد والمشروع الفردي, بعبارات أكثر إيجابية, دوماً بأسلوب سطحي تافه ضيق الأفق يفتقد لأدنى إدراك لعمق ارتباط ما تم تغييره بالوجدان العربي. والهدف طبعاً هو تخفيف عيار الحس الكفاحي في النشيد. وبالنهاية, من الذي سمح لبريمر وأذنابه العابرين كوجبة أمريكية سريعة ومسمومة في أمعاء الرافدين أن يعبثوا بنشيد عريق مثل موطني؟!
فحيثما يقول نشيد موطني: هل أراك, هل أراك, سالماً منعماً وغانماً مكرماً؟ تم تغيير ذلك إلى يا رعاك يا رعاك, سالماً منعماً وغانماً مكرماً! وحيثما يقول نشيد موطني: لا نريد, لا نريد, ذلنا المؤبدا وعيشنا المنكدا تم تغيير ذلك إلى لا نريد, لا نريد, موطناً يُهدد وفتية تشرد... وهو ما يشبه بثرة رداءة متقيحة على وجه قصيدةٍ رائعة, أو آثار موسٍ رخيصٍ على صفحة الموناليزا. ونقول ذلك مع كامل الاحترام والتقدير لموهبة إلهام مدفعي مغني الصيغة الجديدة للنشيد, إلهام مدفعي الذي أبدع عندما أدخل موسيقى الجاز على أصالة الموسيقى الشرقية ليخرج الأغاني التقليدية العراقية وغير العراقية بقالب جديد متناغم, معاصر وأصيل في آنٍ معاً, ما كان يجب أن يرضى بمثل هذا التشويه الأخرق, لكن لكل جوادٍ كبوة.
نشيد "موطني" بكلماته الأصلية:
مَــوطِــنــي
مَــوطِــنِــي
الجـلالُ والجـمالُ
والسَّــنَاءُ والبَهَاءُ
فـــي رُبَــاكْ
فــي رُبَـــاكْ
والحـياةُ والنـجاةُ
والهـناءُ والرجـاءُ
فــي هـــواكْ
فــي هـــواكْ
هـــــلْ أراكْ
هـــــلْ أراكْ
سـالِماً مُـنَـعَّـماً
وَ غانِـمَاً مُـكَرَّمَاً
هـــــلْ أراكْ
فـي عُـــلاكْ
تبـلُـغُ السِّـمَـاكْ
تبـلـغُ السِّـمَاك
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
الشبابُ لنْ يكِلَّ هَمُّهُ
أنْ تستَقِـلَّ أو يَبيدْ
نَستقي منَ الـرَّدَى
ولنْ نكونَ للعِــدَى
كالعَـبـيـــــدْ
كالعَـبـيـــــدْ
لا نُريــــــدْ
لا نُريــــــدْ
ذُلَّـنَـا المُـؤَبَّـدا
وعَيشَـنَا المُنَكَّـدا
لا نُريــــــدْ
بـلْ نُعيــــدْ
مَـجـدَنا التّـليـدْ
مَـجـدَنا التّليـدْ
مَــوطِــنــي
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
الحُسَامُ و اليَـرَاعُ
لا الكـلامُ والنزاعُ
رَمْــــــزُنا
رَمْــــــزُنا
مَـجدُنا و عـهدُنا
وواجـبٌ منَ الوَفا
يهُــــــزُّنا
يهُــــــزُّنا
عِـــــــزُّنا
عِـــــــزُّنا
غايةٌ تُـشَــرِّفُ
و رايـةٌ ترَفـرِفُ
يا هَـــنَــاكْ
فـي عُـــلاكْ
قاهِراً عِـــداكْ
قاهِـراً عِــداكْ
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
موطني في قبضة عملاء الاحتلال في العراق
د. إبراهيم علوش
في الواقع لم يكن النظام الذي عطسه الاحتلال في العراق من أنفه من اتخذ قرار تبني موطني نشيداً لدولة العراق المحتل, بل كان الاحتلال مباشرة ومندوبه السامي بول بريمر, في 16/10/2003 بالتحديد, هو الذي اتخذ ذلك القرار. ومن المعروف أن بريمر كان حاكماً للعراق ما بين 11/5/2003 و28/6/.2004 وكان بريمر آنذاك, بصفته رئيساً لمجلس الحكم الانتقالي, يتبع إدارياً فقط لوزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد كمسؤول نهائي عن العراق المحتل!
وبما أن أي قرار صغير أو كبير في العراق في تلك الفترة كان يجب أن يمر بالضرورة من خرم إبرة بريمر, فإن السؤال يصبح: لماذا تبنى بريمر وأذنابه نشيداً وطنياً وقومياً عربياً مثل موطني للعراق المحتل, هذا النشيد المقاوم للاحتلال الذي سبق أن تبنته ثورة الـ 36 في فلسطين؟! ألأن بريمر وأذنابه يؤمنون بمقاومة الاحتلال الذي مثلوه, أم للتورية والتضليل, ولاستخدامه كقناع قومي مقاوم للتستر على الوجه القبيح لنظام عميل للاحتلال؟!
لا بد من الإشارة ابتداءً أن نشيد موطني وضعه عام 1934 الشاعر إبراهيم طوقان, شقيق الشاعرة فدوى طوقان, من فلسطين العربية المحتلة, ولحنه الموسيقار محمد فليفل, ابن بيروت العربية المقاوِمة.
لكن نشيد موطني لم يكن نشيداً وطنياً فلسطينياً فحسب, بل عم وانتشر في مختلف بقاع الأمة العربية, فأصبح بذلك نشيداً وتراثاً قومياً عربياً. وقد جاء تبني الفلسطينيين له في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين فقط للتأكيد على نهج المقاومة وعروبة فلسطين في مواجهة الانتداب البريطاني والهجرة اليهودية إلى فلسطين. وبصفته تلك, كنشيد قومي, وبصفته تراثاً ثقافياً وموسيقياً عربياً متميزاً, فإن موطني يكون بالضرورة ملكاً جماعياً للأمة, أجيالها السابقة والحالية واللاحقة, تماماً مثل شعر المتنبي وفكر ابن خلدون, وكما كل ثروات الأمة وأرضها ملكٌ جماعي للأمة وكما الدفاع عنها مسؤولية جماعية للأمة أيضاً وبالتالي فإن موطني هو من حيث المبدأ ملكٌ للعراقيين أيضاً, كما نفط العرب لكل العرب, وكما مقابر شهداء العراق في فلسطين وغير فلسطين لكل العرب, وكما كل ذرة رمل عربية محتلة من جزيرة ليلى إلى الأحواز مروراً بفلسطين.
باختصار, كنا سنمتلئ فخراً واعتزازاً لو تبنى العراق الوطني غير المحتل موطني نشيداً له, والعراق قليلٌ عليه ما يأخذه من الأمة العربية, بعدما قدم لها, فيما قدمه, هزيمة الولايات المتحدة ومشروعها العدواني في الإقليم برمته على طبق من تضحياتٍ عراقية غزيرة. ومؤلف النشيد, إبراهيم طوقان نفسه, سبق أن عمل مدرساً في العراق عام ,1940 ثم مرض وعاد إلى فلسطين ليموت هناك عام 1941 (ولد عام 1905). وكذلك عمل ملحن النشيد محمد فليفل في العراق أستاذاً للموسيقى فترة, لكنه عاش حتى عام 1985 (ولد عام 1899).
لكن أن يضع بريمر وأذنابه نشيد موطني بديلاً للنشيد الوطني للعراق الحر, فهذا ما يشكل عملية سطو ثقافية مسيسة من قبل الاحتلال على التراث الوطني والقومي المقاوم نفسه. كما أن إلغاء النشيد الوطني العراقي يشكل امتداداً مباشراً لخطة التدمير المنهجي لمقومات الدولة العراقية ومؤسساتها التي بدأها بريمر, ومنها شطب الجيش العراقي مثلاً, أو استبدال دستور العراق.
أما مصادرة موطني لمصلحة الاحتلال فيشكل استمراراً مباشراً لنهج السطو على ثروات العراق والأمة العربية... لكنه هذه المرة سطو على إرث ثقافي ووطني, وهو ما يتطلب إطلاق صرخة احتجاج مدوية تشق السماء من قبل كل الهيئات والشخصيات المعنية بالحفاظ على التراث الوطني المقاوم لأمتنا: العملاء لا يحق لهم أن يتغطوا بالتراث الوطني والقومي المقاوم, وأن يصادروه فعلياً ليمنحوا أنفسهم شيئاً من المصداقية والمقبولية, وليتظاهروا بأن لهم بعداً تاريخياً وما هم إلا طفيليات بلا جذور وطنية ترعرعت في عفن الهيمنة الخارجية بأنواعها على العراق.
ليست المشكلة إذن في تبني العراق لنشيد موطني بل في تدثر عملاء الاحتلال بعباءة ذلك النشيد ليغطوا التدمير المنهجي للعراق. ولو مؤقتاً, إذ نشير هنا أن صحيفة الاتحاد التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني طالبت بنشيد وطني عراقي متعدد اللغات, كجزء من عملية شطب عروبة العراق, ومن المفهوم أن لا يدرك عملاء الاحتلال الصغار أهمية التضليل والتورية في تبني موطني كنشيد للعراق المحتل... لكن القرار ليس لهم بالنهاية, بل لأسيادهم.
وقد سبق أن تبنى العراق, بعد حوالي عامين من وصول القوميين للحكم في انقلاب 8 شباط ,1963 النشيد الوطني المصري الرائع والله زمن يا سلاحي, من أداء خالدة الذكر أم كلثوم, وهو نشيد تحول بدوره إلى نشيد قومي عربي, للتأكيد على توجه العراق نحو الوحدة مع مصر وسورية, ومن هنا النجوم الثلاثة على العلم العراقي طبعاً - أي مصر وسوريا والعراق - وهي النجوم التي أزالها عملاء الاحتلال المزدوج في العراق أيضاً, كجزء من عملية اجتثاث التوجه العروبي في العراق.
ويشار أن قناة المنار اللبنانية أعادت بث والله زمن يا سلاحي تكراراً خلال العدوان الصهيوني على لبنان في صيف عام ,2006 وقد بقي ذلك النشيد نشيداً وطنياً مصرياً منذ عام 1960 حتى عام 1979 عندما ذهبت به استحقاقات اتفاقيات كامب ديفيد الخيانية.
وفي عام 1981 تبنى العراق نشيداً وطنياً جديداً من تأليف شفيق الكمالي وتلحين وليد غلمية (من لبنان), وبقي ذلك النشيد حتى مجيء الاحتلال عام ,2003 وهو النشيد ذو التوجه البعثي الذي يبدأ مطلعه:
وطن مد على الأفق جناحا
وارتدى مجد الحضارات وشاحا
بوركت ارض الفراتين وطن
عبقري المجد عزما وسماحة
وقد تم اقتراح بديل له في ظل الشهيد صدام حسين, من تأليف أسعد الغريري وألحان كاظم الساهر, وكان خطاب النشيد الجديد حضارياً كالقديم, بيد أنه لم يكن حزبيا ولا يستدعي الرموز الكفاحية بشكل مباشر, كما أنه خلا من ذكر البعث, ومع ذلك لم يتم تبنيه لأنه وضع في ظل الحكم الوطني, ومطلعه:
سلامٌ عليك على رافديك عراقَ القيم
فأنت مزارٌ وحصنٌ ودارٌ لكل النعم
ومن كلماته أيضاً:
سلامٌ لأرض تفيضُ عطاء وعطرُ ثراها دمُ الشهداء
فهذا حسين وذي كربلاء من العز صار لسانا ودما
عراق العلوم ونهرُ الأدب ستبقى تراثًا لكل العرب
وتبقى إلى المجد أماً وأباً وإكليلَ حُبٍ لخير الأمم
الخ...
إذن جاء تبني موطني على عجل عوضاً عن ذلك, ولكن ليس قبل تحريف بعض كلماتها بطريقة سخيفة, لا تمس المضمون في الواقع, لكنها تنم عن رؤية أمريكية صرف للحياة, طريقة فردية تقوم على استبدال كل ما يمكن أن يُرى بشكل سلبي عندما تترجم الكلمات إلى الإنكليزية, ومن منظور الجماعة القومية إلى منظور الفرد والمشروع الفردي, بعبارات أكثر إيجابية, دوماً بأسلوب سطحي تافه ضيق الأفق يفتقد لأدنى إدراك لعمق ارتباط ما تم تغييره بالوجدان العربي. والهدف طبعاً هو تخفيف عيار الحس الكفاحي في النشيد. وبالنهاية, من الذي سمح لبريمر وأذنابه العابرين كوجبة أمريكية سريعة ومسمومة في أمعاء الرافدين أن يعبثوا بنشيد عريق مثل موطني؟!
فحيثما يقول نشيد موطني: هل أراك, هل أراك, سالماً منعماً وغانماً مكرماً؟ تم تغيير ذلك إلى يا رعاك يا رعاك, سالماً منعماً وغانماً مكرماً! وحيثما يقول نشيد موطني: لا نريد, لا نريد, ذلنا المؤبدا وعيشنا المنكدا تم تغيير ذلك إلى لا نريد, لا نريد, موطناً يُهدد وفتية تشرد... وهو ما يشبه بثرة رداءة متقيحة على وجه قصيدةٍ رائعة, أو آثار موسٍ رخيصٍ على صفحة الموناليزا. ونقول ذلك مع كامل الاحترام والتقدير لموهبة إلهام مدفعي مغني الصيغة الجديدة للنشيد, إلهام مدفعي الذي أبدع عندما أدخل موسيقى الجاز على أصالة الموسيقى الشرقية ليخرج الأغاني التقليدية العراقية وغير العراقية بقالب جديد متناغم, معاصر وأصيل في آنٍ معاً, ما كان يجب أن يرضى بمثل هذا التشويه الأخرق, لكن لكل جوادٍ كبوة.
نشيد "موطني" بكلماته الأصلية:
مَــوطِــنــي
مَــوطِــنِــي
الجـلالُ والجـمالُ
والسَّــنَاءُ والبَهَاءُ
فـــي رُبَــاكْ
فــي رُبَـــاكْ
والحـياةُ والنـجاةُ
والهـناءُ والرجـاءُ
فــي هـــواكْ
فــي هـــواكْ
هـــــلْ أراكْ
هـــــلْ أراكْ
سـالِماً مُـنَـعَّـماً
وَ غانِـمَاً مُـكَرَّمَاً
هـــــلْ أراكْ
فـي عُـــلاكْ
تبـلُـغُ السِّـمَـاكْ
تبـلـغُ السِّـمَاك
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
الشبابُ لنْ يكِلَّ هَمُّهُ
أنْ تستَقِـلَّ أو يَبيدْ
نَستقي منَ الـرَّدَى
ولنْ نكونَ للعِــدَى
كالعَـبـيـــــدْ
كالعَـبـيـــــدْ
لا نُريــــــدْ
لا نُريــــــدْ
ذُلَّـنَـا المُـؤَبَّـدا
وعَيشَـنَا المُنَكَّـدا
لا نُريــــــدْ
بـلْ نُعيــــدْ
مَـجـدَنا التّـليـدْ
مَـجـدَنا التّليـدْ
مَــوطِــنــي
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
الحُسَامُ و اليَـرَاعُ
لا الكـلامُ والنزاعُ
رَمْــــــزُنا
رَمْــــــزُنا
مَـجدُنا و عـهدُنا
وواجـبٌ منَ الوَفا
يهُــــــزُّنا
يهُــــــزُّنا
عِـــــــزُّنا
عِـــــــزُّنا
غايةٌ تُـشَــرِّفُ
و رايـةٌ ترَفـرِفُ
يا هَـــنَــاكْ
فـي عُـــلاكْ
قاهِراً عِـــداكْ
قاهِـراً عِــداكْ
مَــوطِــنِــي
مَــوطِــنِــي
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري