السلوك السياسي للمرجعية الشيعية في العراق (الجزء االخامس والاخير)
خامسا..دور المرجعية في المرحلة مابعد 2003.
(المواجهة بين سبل الضرورة وضوابط الضرورة).
يتناول بحثنا في هذا الجانب دور المرجعية الدينية في النجف,مع نبذة عن التيار الصدري وموقفه من الاحتلال والعملية السياسية للفترة الممتدة حتى انتهاء عمل الحكومة المؤقتة ,كنموذج للدراسة واستخلاص النتائج.
فما ان وقع العراق تحت سيطرة القوات الانكلو – امريكية حتى اصدر السيد علي السيستاني بعد اسبوعين من الاحتلال بيانا حدد فيه المبادئ الاساسية التي يرتبط بها مستقبل الشعب وكيفية ارادته من خلال:
1. حق الشعب العراقي في حكم بلده بمناى عند تدخل سلطة الاحتلال.
2. تولي الادارة العامة للدولة من قبل العناصر الكفوءة والنزيهة ذات الموقف الوطني.
3. الركون الى العملية الديمقراطية لاختيار حكومة منتخبة من قبل الشعب.
ولاتخفى الدلالات السياسية لهذه المبادئ خاصة خلال تلك الفترة المبكرة والمضطربة التي كان فيها الشعب مغيباً عن مجرى الاحداث ولم يستفق بعد من دمار الحرب وفوضى الخراب وصدمة الاحتلال .
تولت الحوزة العملية في النجف عبر شبكة وكلائها في الحسينيات والمراكز الدينية بعد انهيار ادوار كبيرة ، عبر إدارة الخدمات البلدية بعد انهيار اجهزة الدولة ، وتنظيم مجموعات من الشباب لحفظ الامن في المناطق السكنية والمرافق الخدمية كالمستشفيات ، وتنظيم السير في الشوارع ، كما اصدرت المرجعية فتاوى بتحريم التخريب ونهب الاموال العامة ، كما افتت بحرمة قتل البعثي .
هكذا تحولت العديد من الحسينيات الى مراكز لاعادة الاموال المسروقة الى المؤسسات العامة (21 ) .
وما ان بدأت سلطة الاحتلال تهئ مستلزمات الواقع السياسي الجديد ، حتى اصدرت مرجعية السيد السيستاني فتوى بتاريخ 30/6/2003 حول وجوب انتخاب عراقيين لصياغة الدستور الجديد عن طريق انتخاب عام لجمعية وما ان بدأت سلطة الاحتلال تهئ مستلزمات الواقع السياسي الجديد ، حتى اصدرت مرجعية السيد السيستاني فتوى بتاريخ 30/6/2003 حول وجوب انتخاب عراقيين لصياغة الدستور الجديد عن طريق انتخاب عام لجمعية تأسيسية وجاءت هذه الفتوى رداً على تعيين سلطة الاحتلال السيد نوح فيلدمان الخبير في جامعة نيويورك لغرض العمل في صياغة الدستور العراقي ، وفيلدمان معروف بكونه يهودياً ارتذوكسيا امريكياً يتحدث العبرية .
وقد حاول مجلس الحكم العراقي المشكل في تموز / 2003 الاستجابة لفتوى المرجعية بتشكيل لجنة دستورية تحضيرية ، الا ان هذه اللجنة بحكم ةكونها معينة ولا تمتلك ارادة فعلية ، لم تلبي المطلب من أنشائها وتلكأ عملها (22) .
وكانت المرجعية قد تحفظت اكثر من مرة على اشتراك المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وحزب الدعوة الاسلامية في مجلس الحكم والهيئات المعينة لافتقاد هذه المؤسسات الى الصفة التمثيلية الانتخابية (23) .
وفي نفس السياق جاء موقف المرجعية قد تحفظت اكثر من مرة على اشتراك المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في مجلس الحكم والهيئات المعينة لافتقاد هذه المؤسات الى صفة التمثيلية الانتخابية (23 )
وفي نفس السياق جاء موقف المرجعية في اتفاق 15/ت2/2003 بين بول بريمر ومجلس الحكم العراقي ، حيث اصدرت بياناً بتاريخ 22/!/2004 يؤكد رفض هذه الاتفاقية ومجدداً موقف المرجعية من العملية السياسية في العراق من خلال اربعة نقاط هي : (24)
1. لا بديل عن تسليم السلطة الى العراقيين .
2. ضرورة اجراء انتخابات قبل نقل السلطة اي قبل موعد 30/6/2004 .
3. اهمية انبثاق مجلس وطني منتخب وليس معين من قبل الاحتلال .
4. رفض الية ( اللجان التأسيسية ) المعينة من قبل سلطة الاحتلال على مستوى المحافظات .
ولم ينحصر موقف المرجعية في هذا الاعلان ، وانما نظمت مظاهرات كبيرة في انحاء العراق من 15-20/1/2004 في البصرة والناصرية والكوت وبغداد للمطالبة بالانتخابات . واضطر بول بريمر الحاكم الاداري الامريكي في العراق نتيجة الضغط الشعبي الى السفر الى امريكا مرتين خلال الشهر نفسه للتداول مع الادارة الامريكية حول سبل حل الازمة السياسية ، وكان الخيار المتاح هو اللجوء الى الأمم المتحدة لمحاولة وصل السيد الاخضر الابراهيمي لهذه المهمة .
وبعد مباحثات وصفت" بالأناة والمنهجية " ، استطاع التوصل الى حل وسط اتفق مع موقف المرجعية ويتمثل في ان تنظيم انتخابات " معتمدة بالقدر المعقول " وتهيأت مستلزماتها لن تكون ممكناً إلا بعد ثمانية اشهر من الاستعداد والتحضير على اقل تقدير .
وعليه ورد مضمون هذا الاتفاق في قرار مجلس الأمن المرقم 1546 في 8/6/2004 وبذلك تحدد موعد أجراء الانتخابات التشريعية العامة وتأجل انتخاب مجلس وطني انتقالي وانتخاب حكومة ورئيس للدولة من قبل المجلس الوطني المذكور إلى موعد أقصاه 31/1/2005 (15) .
إلى جانب هذا الدور برز التيار الصدر ليعبر عن حركة إسلامية واجهت النظام السابق وعملت في الداخل ولم يسافر أي من أقطابها خارج العراق ، كما أنها تمثل قطاعات من الأوساط الشعبية الفقيرة والمعدمة التي قمعت في الانتفاضة الشعبانية 1991 .
لقد كان ظهور السيد محمد صادق الصدر والصدر الثاني كمرجع للتقليد منذ العام 1993 ، وهو من ضمن طلبة الشهيد محمد باقر الصدر ، وقد انتشرت شبكات التنظيم المرجعي لوكلاء السيد الصدر في مناطق ( البصرة ، الثورة – مدينة الصدر لاحقاً ، الكوفة ، ميسان ،ذي قـــار ومناطق أخرى ) وقدر أنصار الصدر الثاني قرابة المليوني شخص في العراق .
تميز منهج السيد الصدر الثاني بالدعوة إلى الوحدة الوطنية من خلال توحيد صلاة الجمعة والجماعة ، كما فتح حواراً مع المسيحيين والصابئة وأثمرت دعوا ته عن حضور بعض هؤلاء إلى مسجد الكوفة ، كما حفلت خطبة بمضامين سياسية مناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية .
وبسبب الاستقطاب الشعبي الواسع لهذه الشخصية الدينية بما يمثل تحدياً للسلطة السياسية على الصعيد الداخلي ، اغتيل السيد محمد صادق الصدر مع ولديه من قبل أجهزة النظام السابق الأمنية في 18/1/1999 .
واصل نجل الصدر الثاني السيد مقتدى الصدر عمل والده بشكل سري فأعاد الاتصال بوكلائه ، وبعد سقوط بغداد في 9/4/2003 أعاد أنصار الصدر فتح الحسينيات وبعض المؤسسات الدينية الأخرى في شرق بغداد ( مدينة الصدر ) وانشأوا مليشيات صغيرة في الأحياء ، واستولوا على أسلحة وذخائر من مستودعات النظام السابق ، وفرضوا سيطرتهم على مناطق في بغداد وبعض الأحياء في النجف وكربلاء والبصرة . كما نظموا مظاهرات مناهضة للاحتلال في أنحاء من العراق ، وأعلن السيد مقتدى الصدر عن إقامة حكومة وجيش سمي ( جيش المهدي ) بديلاً عن مجلس الحكم والقوات النظامية المشكلة حديثاً آنذاك ,
وبسبب هذه المواقف حدثت مواجهات مسلحة عديدة بين عناصر ميليشيا ( جيش المهدي ) وبين القوات – الأمريكية والإنكليزية ، كان أخرها معارك النجف وكربلاء وذي قـــار شهر أيار / 2004 (26) .
من خلال ما تقدم لتلمس خطوطاً عامة للسلوك السياسي للمرجعية نحاول استقراءها بالتوازن مع مجمل المواقف الإسلامية على الساحة العراقية ، والتي كانت خارج نطاق بحثنا إلا أنها معروفة على الأغلب ، وذلك ضمن المرحلة ما بعد / 2003 .
1. أنها ترفض الاحتلال .
2. أنها تدعو إلى مقاومة الاحتلال ، إلا إن الاختلاف يقع في الوسيلة ، حيث تدعو الحوزة العلمية في النجف ومعها المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة الإسلامية والحزب الإسلامي العراقي وغيرهم إلى العمل على المستويات السياسية والدبلوماسية ، لاستنفاذ كافة الوسائل المتاحة ، في ضوء طبيعة الحقائق على الأرض واختلال ميزان القوة تجاه إلة الحرب الأمريكية في هذه المرحلة ،وقد أشار السيد علي السيستاني في لقاءه مع السيد الأخضر الإبراهيمي في مدينة النجف إثناء مناقشة إجراءات نقل السلطة وموعد الانتخابات العامة ، أشار إلى مقولة المفكر والسياسي العربي محمد حسنين هيكل " إن من الأفضل للعرب إن يتصرفوا كما يتصرف الضعفاء من أصحاب الحق وليس المتخاذلين " (27) فيما تدعو قوة أخرى وفي مقدمتها هيئة علماء المسلمين والتيار الصدري إلى
3. إتباع سبيل الكفاح المسلح دون إسقاط الوسائل الأخرى في المجابهة ، انطلاقاً من رؤية سياسة وتقديرات مختلفة .
4. إذن الانقسام في الموقف ليس انقساماً طائفياً أو مذهبياً فالحزب الإسلامي ضمن المحور السلمي والتيار الصدري ضمن المحور ألعنفي مثلاً ، بل اختلافاً فكرياً وسياسياً طبيعياً ومقبولاً في كل مكان وزمان .
5. انه تدعو إلى استعادة العراق كامل سيادته وقيام نظام سياسي يستند إلى مؤسسات تمثيلية منتخبة تحقق مبادئ الديمقراطية الفعلية .
6. أنها ترفض قيام نظام طائفي / عرقي وتدعو إلى الوحدة الوطنية .
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري