شيء من السياسة:أزمة النظام العربي (1)
غالب علي جميل
عندما نتحدث اليوم عن ازمة النظام العربي بعد غزو واحتلال العراق لابد ان نعود قليلاً الى الوراء لكي يتبين للقارئ ان الحجج والمبررات التي استخدمت لغزو العراق وما آلت اليه الاوضاع فيه خلال ما يقارب اربع سنوات من الاحتلال هي مبرارت وحجج غير مقنعة حتى للرأي العام الامريكي نفسه
فبالإستناد الى تفسير واهٍ لقرار مجلس الأمن رقم 1441وانطلاقا من مجموعة من المزاعم الكاذبة حركت الولايات المتحدة في صباح يوم الخميس الموافق 20مارس 2003 ترسانتها العسكرية تجاه العراق والى جانبها حليفتها بريطانيا لتبدأ بذلك فصلا درامياً جديداً في حياة الأمة العربية والاسلامية.
لقد بدأت الولايات المتحدة الامريكية يومها حرباً ضارية ضد العراق ضاربة عرض الحائط بكافة المواثيق الدولية، ومبادئ الشرعية التي تحكم العلاقات بين الدول، وكذا بإرادة المجتمع الدولي ككل الذي عبر عن معارضته لتلك الحرب غير المبررة، مؤكداً على خيار السلام ومحاولة احتواء الأزمة وحلها بالطرق السلمية وفقاً لما ينص عليه ميثاق منظمة الأمم المتحدة، ولكن الولايات المتحدة ابت ان تنصاع لكل هذه الاصوات مفضلة قرار الحرب وكأنها تود ان تعلن للعالم بأسره عن بداية حقبة جديدة من تاريخ العلاقات الدولية يكون لها فيها الحرية الكاملة للتصرف بما يتلاءم مع وضعها كقطب أعظم وحيد على قمة النظام الدولي.
وفي خضم الأزمة ظهر النظام الاقليمي العربي بمظهر العجز التام حيث لم تستطع الدول العربية توحيد كلمتها وارادتها السياسية لاتخاذ موقف موحد وحاسم تجاه مايجري في العراق، وعلى الرغم مما توصلت اليه القمة العربية والقمة الاسلامية من قرارات ترفض رفضاً باتاً الحرب الامريكية على العراق وتقديم اية مساعدة للقوات الأمريكية في تلك الحرب نجد ان واقع الحال اوضح تعاون العديد من الدول العربية مع القوات الامريكية اثناء الحرب وبعدها واتخاذ العديد من الدول الأخرى موقفا سلبياً من الأزمة الأمر الذي ابرز مدى التناقض بين الموقف الرسمي للنظام الاقليمي العربي وقدرة هذا النظام على الفعل والتحرك في ارض الواقع مما ادى الى طرح العديد من علامات الاستفهام حول جدوى الاستمرار في نظام يعجز عن تحقيق مايتوصل اليه من قرارات.
وبعدما يقارب الاربع السنوات على الحرب الامريكية - البريطانية على العراق وتداعيات هذه الحرب على المنطقة العربية والنظام الاقليمي العربي ومستقبل العمل العربي المشترك الا أنه قد يكون من المفيد الرجوع الى تلك الفترة من خلال هذه التناولة خاصة وان الجرح الذي خلفته هذه الحرب في جسد الأمة العربية ما يزال ينزف بشدة ولابد من محاولة علاجه سريعاً سيما بعد أن تفاقم الوضع في العراق واصبح مرشحاً للدخول في خيارات شتى كالتقسيم والحرب الاهلية بين ابنائه.
فعلى سبيل المثال ظلت الكويت موضعاً للتنافس بين انجلترا والدولة العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر حتى اتفق على منحها استقلالاً ذاتياً عام 1913في اطار الامبراطورية العثمانية وكان هذا بداية ظهور الكويت ككيان سياسي الا ان عدم الوضوح بين الكويت واقليم البصرة العراقي حينها ظل مصدراً للنزاع بين الدولتين فسعى العراق للمطالبة بضم الكويت لأسباب مختلفة كان من ابرزها الحصول على اطلالة اكبر على الخليج العربي.
وبحلول عام 1961م انهت بريطانيا حمايتها على الكويت فعاد العراق للمطالبة بعموم الاراضي الكويتية وشرع في بعض الاجراءات ذات الصلة واعتبرت الكويت ذلك بداية لاجتياحها ومن ثم لجأت لطلب العون من بريطانيا التي بادرت بارسال قواتها الى الكويت ولكن الدول العربية سرعان ماتحركت لاحتواء الموقف وتم تشكيل قوة طوارئ عربية حلت محل القوات البريطانية.
وفي عام 1963 اعترف العراق باستقلال الكويت وتم تشكيل لجنتين لترسيم الحدود فيما بين الدولتين الا ان الخلاف بينهما ثار مرة اخرى عام 1973 بسبب اجتياح العراق لأحد المراكز الحدودية الكويتية ثم توغله داخل اراضي الكويت وانسحابه مرة اخرى بعد تحرك البلدان العربية.
وفي عام 1990م تفجر الموقف بين العراق والكويت مجدداً بعد اتهام العراق للكويت بانتهاز فرصة حرب الخليج الاولى واستغلال بعض آباره النفطية علاوة على تعمد زيادة انتاجها من النفط مما أدى الى انخفاض سعر النفط، ومثلت هذه الدعاوى نقطة الانطلاق التي انتهت باجتياح العراق للكويت عام 1990م
ومع دخول القوات العراقية للاراضي الكويتية تكوَّن اتحاد دولي يضم جيوش مايقرب من ثلاثين دولة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لتحرير الكويت في اطار ماعرف بحرب عاصفة الصحراء والتي انتهت بانسحاب القوات العراقية واعادة ترسيم الحدود بين البلدين في ابريل 1992 ومنذ ذلك الحين بدأ الوجود الاجنبي وبخاصة «الأمريكي» الدائم في العديد من الدول العربية الخليجية حيث نجحت الولايات المتحدة في اقناعها بأن النظام العراقي لا يزال يشكل خطراً عليها ومن ثم لابد من حمايتها منه عن طريق اقامة قواعد عسكرية في بعض الدول وبالطبع كان ذلك لخدمة مصالحها الذاتية في المنطقة.
وعلى مدار ثلاثة عشر عاماً قبل غزو العراق واحتلاله ظلت الولايات المتحدة تتربص بهذا الشعب وبنظامه وراحت تفرض عليه العديد من العقوبات الى ان واتتها فرصة اجتياحه والقضاء عليه بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر في اطار حربها ضد الارهاب.
غالب علي جميل
عندما نتحدث اليوم عن ازمة النظام العربي بعد غزو واحتلال العراق لابد ان نعود قليلاً الى الوراء لكي يتبين للقارئ ان الحجج والمبررات التي استخدمت لغزو العراق وما آلت اليه الاوضاع فيه خلال ما يقارب اربع سنوات من الاحتلال هي مبرارت وحجج غير مقنعة حتى للرأي العام الامريكي نفسه
فبالإستناد الى تفسير واهٍ لقرار مجلس الأمن رقم 1441وانطلاقا من مجموعة من المزاعم الكاذبة حركت الولايات المتحدة في صباح يوم الخميس الموافق 20مارس 2003 ترسانتها العسكرية تجاه العراق والى جانبها حليفتها بريطانيا لتبدأ بذلك فصلا درامياً جديداً في حياة الأمة العربية والاسلامية.
لقد بدأت الولايات المتحدة الامريكية يومها حرباً ضارية ضد العراق ضاربة عرض الحائط بكافة المواثيق الدولية، ومبادئ الشرعية التي تحكم العلاقات بين الدول، وكذا بإرادة المجتمع الدولي ككل الذي عبر عن معارضته لتلك الحرب غير المبررة، مؤكداً على خيار السلام ومحاولة احتواء الأزمة وحلها بالطرق السلمية وفقاً لما ينص عليه ميثاق منظمة الأمم المتحدة، ولكن الولايات المتحدة ابت ان تنصاع لكل هذه الاصوات مفضلة قرار الحرب وكأنها تود ان تعلن للعالم بأسره عن بداية حقبة جديدة من تاريخ العلاقات الدولية يكون لها فيها الحرية الكاملة للتصرف بما يتلاءم مع وضعها كقطب أعظم وحيد على قمة النظام الدولي.
وفي خضم الأزمة ظهر النظام الاقليمي العربي بمظهر العجز التام حيث لم تستطع الدول العربية توحيد كلمتها وارادتها السياسية لاتخاذ موقف موحد وحاسم تجاه مايجري في العراق، وعلى الرغم مما توصلت اليه القمة العربية والقمة الاسلامية من قرارات ترفض رفضاً باتاً الحرب الامريكية على العراق وتقديم اية مساعدة للقوات الأمريكية في تلك الحرب نجد ان واقع الحال اوضح تعاون العديد من الدول العربية مع القوات الامريكية اثناء الحرب وبعدها واتخاذ العديد من الدول الأخرى موقفا سلبياً من الأزمة الأمر الذي ابرز مدى التناقض بين الموقف الرسمي للنظام الاقليمي العربي وقدرة هذا النظام على الفعل والتحرك في ارض الواقع مما ادى الى طرح العديد من علامات الاستفهام حول جدوى الاستمرار في نظام يعجز عن تحقيق مايتوصل اليه من قرارات.
وبعدما يقارب الاربع السنوات على الحرب الامريكية - البريطانية على العراق وتداعيات هذه الحرب على المنطقة العربية والنظام الاقليمي العربي ومستقبل العمل العربي المشترك الا أنه قد يكون من المفيد الرجوع الى تلك الفترة من خلال هذه التناولة خاصة وان الجرح الذي خلفته هذه الحرب في جسد الأمة العربية ما يزال ينزف بشدة ولابد من محاولة علاجه سريعاً سيما بعد أن تفاقم الوضع في العراق واصبح مرشحاً للدخول في خيارات شتى كالتقسيم والحرب الاهلية بين ابنائه.
فعلى سبيل المثال ظلت الكويت موضعاً للتنافس بين انجلترا والدولة العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر حتى اتفق على منحها استقلالاً ذاتياً عام 1913في اطار الامبراطورية العثمانية وكان هذا بداية ظهور الكويت ككيان سياسي الا ان عدم الوضوح بين الكويت واقليم البصرة العراقي حينها ظل مصدراً للنزاع بين الدولتين فسعى العراق للمطالبة بضم الكويت لأسباب مختلفة كان من ابرزها الحصول على اطلالة اكبر على الخليج العربي.
وبحلول عام 1961م انهت بريطانيا حمايتها على الكويت فعاد العراق للمطالبة بعموم الاراضي الكويتية وشرع في بعض الاجراءات ذات الصلة واعتبرت الكويت ذلك بداية لاجتياحها ومن ثم لجأت لطلب العون من بريطانيا التي بادرت بارسال قواتها الى الكويت ولكن الدول العربية سرعان ماتحركت لاحتواء الموقف وتم تشكيل قوة طوارئ عربية حلت محل القوات البريطانية.
وفي عام 1963 اعترف العراق باستقلال الكويت وتم تشكيل لجنتين لترسيم الحدود فيما بين الدولتين الا ان الخلاف بينهما ثار مرة اخرى عام 1973 بسبب اجتياح العراق لأحد المراكز الحدودية الكويتية ثم توغله داخل اراضي الكويت وانسحابه مرة اخرى بعد تحرك البلدان العربية.
وفي عام 1990م تفجر الموقف بين العراق والكويت مجدداً بعد اتهام العراق للكويت بانتهاز فرصة حرب الخليج الاولى واستغلال بعض آباره النفطية علاوة على تعمد زيادة انتاجها من النفط مما أدى الى انخفاض سعر النفط، ومثلت هذه الدعاوى نقطة الانطلاق التي انتهت باجتياح العراق للكويت عام 1990م
ومع دخول القوات العراقية للاراضي الكويتية تكوَّن اتحاد دولي يضم جيوش مايقرب من ثلاثين دولة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لتحرير الكويت في اطار ماعرف بحرب عاصفة الصحراء والتي انتهت بانسحاب القوات العراقية واعادة ترسيم الحدود بين البلدين في ابريل 1992 ومنذ ذلك الحين بدأ الوجود الاجنبي وبخاصة «الأمريكي» الدائم في العديد من الدول العربية الخليجية حيث نجحت الولايات المتحدة في اقناعها بأن النظام العراقي لا يزال يشكل خطراً عليها ومن ثم لابد من حمايتها منه عن طريق اقامة قواعد عسكرية في بعض الدول وبالطبع كان ذلك لخدمة مصالحها الذاتية في المنطقة.
وعلى مدار ثلاثة عشر عاماً قبل غزو العراق واحتلاله ظلت الولايات المتحدة تتربص بهذا الشعب وبنظامه وراحت تفرض عليه العديد من العقوبات الى ان واتتها فرصة اجتياحه والقضاء عليه بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر في اطار حربها ضد الارهاب.
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري