الرفاهية المفقودة في العراق وسراب وزارة النفط
خالد الهيتي-الصباح
يلاحظ كل المتابعين لبيانات وزارة النفط الرسمية منذ أكثر من ثلاث سنوات أن الوزارة قد وعدت مراراً وتكراراً بأنها وضعت خططاً مدروسة بعناية لزيادة إنتاج النفط في العراق
بما يلبي متطلبات الإعمار وإعادة البناء وتوفير الخدمات التي يعاني ملايين العراقيين من تدهورها أو نقصها منذ أكثر من ست سنوات. ولكن نتيجة هذه الوعود كانت مأساوية بأي مقياس موضوعي ، ليس لأنها لم تتحقق على أرض الواقع فقط ، وإنما لأنها أدت إلى تدهور واضح في مستويات الإنتاج عما كانت عليه في السابق الأمر الذي دعا رئيس الوزراء نوري المالكي إلى تشكيل لجنة اقتصادية نفطية مشتركة لدراسة أسباب هذا التدهور وما ينتج عنه من عواقب تمس مباشرة الحاجات الأساسية للشعب العراقي خاصة في ظل أسعار النفط المتدنية حالياً. ومن المعرف أن الوزارة كانت قبل ذلك تبرر فشلها في زيادة الإنتاج بالظروف الأمنية التي كانت سائدة انذاك.
وذهبت اللجنة التي يرأسها نائب رئيس الوزراء برهم صالح ، وتضم في عضويتها وزيري النفط السابقين ثامر الغضبان وإبراهيم بحر العلوم ، إلى المنشآت النفطية في جنوب العراق للوقوف على الأسباب الحقيقية لهذا التدهور الحاصل في الإنتاج ، ولوضع الخطط اللازمة لوقفه أولاً ، ومن ثم محاولة رفع الإنتاج إلى مستويات يمكن معها للدولة العراقية أن تحافظ على الأقل على المستوى المعاشي الحالي للعراقيين الذي هو أصلاً متدن جداً وفق المعايير الدولية.
وطبقاً لأرقام وزارة النفط وحسب ما أوردته نشرة (بلاتس) النفطية المتخصصة في عددها الصادر في 12 شباط الجاري وما تم تجميعه من وكالة داو جونز الاقتصادية المتخصصة، فإن إنتاج النفط من الحقول الجنوبية والذي يشكل 70% من إجمالي إنتاج العراق ، قد شهد انخفاضاً مهماً في النصف الثاني من العام الماضي حيث وصل الإنتاج إلى مستوى 1,8 مليون برميل يومياً في شهر آيار 2008 بعد أن كان بمعدل 1,93 مليون برميل يومياً في بداية السنة. وتدنت معدلات الإنتاج أكثر خلال النصف الثاني من 2008 لتصل إلى مستوى 1,70 - 1,75 مليون برميل / يومياً. والأخطر من ذلك طبقاً لنفس المجلة، فإن مسلسل الانخفاض سيكون أشد في العام الحالي إذا استمرت معدلات الإنتاج على هذا المنوال ، أي بانخفاض قدره 114,000 برميل يومياً على أقل تقدير عن معدل إنتاج العام الماضي البالغ (1,86 مليون برميل).كما تشير أرقام الوزارة إلى أن الإنتاج سينحدر مرة أخرى بمعدل 100,000- 150,000 برميل يومياً في السنوات المقبلة ما لم تتخذ إجراءات حازمة لعكس هذا التدهور الخطير في مستويات الإنتاج الذي ستكون تأثيراته كبيرة في ميزانية الدولة العراقية ، خاصة في ظل أسعار النفط العالمية المتدهورة حالياً التي بالتأكيد ستزيد المشكلة تعقيداً.
لقد صرح وزير النفط بنفسه خمس مرات في بداية العام 2008 ومنتصفه ومرة على لسان المسؤول الاعلامي في الوزارة بأن وزارة النفط ستحقق زيادة في إنتاج النفط الخام العام 2008 بحدود 400 - 500 ألف برميل يومياً ليرتقي إلى هدف موضوع له لنهاية العام وهو 2,7 مليون برميل يومياً ونجد بنهاية العام 2008 أن الوزارة عاجزة عن تحقيق حتى المحافظة على 2,3 مليون برميل يومياً وهو نفس المعدل الذي بدأت به سنة 2008.
إن على وزارة النفط أن تكون شفافة في قراراتها وخططها الستراتيجية التي لم نر منها أي شيء عدا الوعود والتسويفات وبعض الإجراءات الترقيعية التي أضرت كثيراً بسمعة القطاع النفطي وأدت إلى هذا التدهور المريع في مستويات الإنتاج بدلاً من تعظيمه وفق استحقاقات العراق وتماشياً مع احتياطاته المؤكدة التي تحتم أن يتصاعد إنتاجه اليومي إلى مستوى عشرة ملايين برميل في غضون سنوات محددة.
بل إن الوزارة قد ضيعت على العراق فرصة ذهبية ربما لن تتكرر قريباً عندما لم يكن بوسع العراق زيادة صادراته النفطية أثناء صعود الأسعار إلى مستويات قياسية غير مسبوقة في العام الماضي. وهي الفرصة التي استطاع من خلالها منتجو النفط الآخرون جني مئات المليارات من الدولارات التي يمكن الاتكاء عليها في الأزمة المالية التي يمر بها العالم حالياً.
ليس هذا فقط بل إن وزارة النفط تمارس الخداع على لسان الوزير نفسه عندما أعلن الاسبوع المنصرم أن وزارته حققت في العام 2008 موارد للميزانية العراقية تقدر بـ 61,8 مليار دولار فقط، بينما كان المخطط له هو 46,5 مليار دولار فقط ، دون أدنى إشارة أو اعتراف إلى أن ذلك تحقق بفضل الزيادة الكبيرة في أسعار النفط العالمية وليس نتيجة لجهود وزارة النفط التي أخفقت حتى في المحافظة على مستويات الإنتاج السابقة ،واذا كانت الوزارة صادقة فيما تدعي، سنكون سعداء اذا تمكنت هذا العام من تحقيق 50% مما ادعت انها حققته من موادرد في العام 2008، وبدون أدنى شك يعتبر هذا الإعلان بهذه الصيغة استخفافاً بعقول العراقيين ، وحتى غير الاختصاصيين منهم. ثم ما قيمة هذه الموارد المتحققة مقارنة بموارد بعض الدول المجاورة للعراق التي استطاعت إحداها الحصول على ما لا يقل عن 500 مليار دولار والعراق كان يجب أن لا يقل قدرة عنها في تحقيق مثل هذه الموارد ، لو أن وزارة النفط كانت قد وضعت ونفذت الخطط الستراتيجية اللازمة لتحقيق هذا الهدف بدلاً من استهلاك الكلام اليومي الذي لا يغني عن خوف ولا يسمن من جوع.
خلاصة الأمر ، لا بد من القول إن المجاملات الحالية إزاء فشل وزارة النفط في تعظيم موارد الشعب العراقي يجب أن تنتهي فوراً. بل لا بد من إخضاع الوزارة للمساءلة القانونية والبرلمانية وتحميل المقصرين المسؤولية الكاملة فيما آلت إليه الأمور. ولعل المؤتمر الذي سيعقد قريباً في بغداد برعاية رئيس الوزراء سيكون الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، إذ من المؤمل أن تجتمع نخب طيبة من خبراء الطاقة العراقيين في الداخل والخارج لمناقشة أسباب الأزمة الحالية في قطاع النفط والغاز وسبل معالجتها وفق خطة عمل محكمة ومقيدة بتواريخ تنفيذ محددة بعيداً عن الشعارات والمناكفات السياسية التي أدت بنا إلى الوصول إلى هذا المأزق الخطير.
خالد الهيتي-الصباح
يلاحظ كل المتابعين لبيانات وزارة النفط الرسمية منذ أكثر من ثلاث سنوات أن الوزارة قد وعدت مراراً وتكراراً بأنها وضعت خططاً مدروسة بعناية لزيادة إنتاج النفط في العراق
بما يلبي متطلبات الإعمار وإعادة البناء وتوفير الخدمات التي يعاني ملايين العراقيين من تدهورها أو نقصها منذ أكثر من ست سنوات. ولكن نتيجة هذه الوعود كانت مأساوية بأي مقياس موضوعي ، ليس لأنها لم تتحقق على أرض الواقع فقط ، وإنما لأنها أدت إلى تدهور واضح في مستويات الإنتاج عما كانت عليه في السابق الأمر الذي دعا رئيس الوزراء نوري المالكي إلى تشكيل لجنة اقتصادية نفطية مشتركة لدراسة أسباب هذا التدهور وما ينتج عنه من عواقب تمس مباشرة الحاجات الأساسية للشعب العراقي خاصة في ظل أسعار النفط المتدنية حالياً. ومن المعرف أن الوزارة كانت قبل ذلك تبرر فشلها في زيادة الإنتاج بالظروف الأمنية التي كانت سائدة انذاك.
وذهبت اللجنة التي يرأسها نائب رئيس الوزراء برهم صالح ، وتضم في عضويتها وزيري النفط السابقين ثامر الغضبان وإبراهيم بحر العلوم ، إلى المنشآت النفطية في جنوب العراق للوقوف على الأسباب الحقيقية لهذا التدهور الحاصل في الإنتاج ، ولوضع الخطط اللازمة لوقفه أولاً ، ومن ثم محاولة رفع الإنتاج إلى مستويات يمكن معها للدولة العراقية أن تحافظ على الأقل على المستوى المعاشي الحالي للعراقيين الذي هو أصلاً متدن جداً وفق المعايير الدولية.
وطبقاً لأرقام وزارة النفط وحسب ما أوردته نشرة (بلاتس) النفطية المتخصصة في عددها الصادر في 12 شباط الجاري وما تم تجميعه من وكالة داو جونز الاقتصادية المتخصصة، فإن إنتاج النفط من الحقول الجنوبية والذي يشكل 70% من إجمالي إنتاج العراق ، قد شهد انخفاضاً مهماً في النصف الثاني من العام الماضي حيث وصل الإنتاج إلى مستوى 1,8 مليون برميل يومياً في شهر آيار 2008 بعد أن كان بمعدل 1,93 مليون برميل يومياً في بداية السنة. وتدنت معدلات الإنتاج أكثر خلال النصف الثاني من 2008 لتصل إلى مستوى 1,70 - 1,75 مليون برميل / يومياً. والأخطر من ذلك طبقاً لنفس المجلة، فإن مسلسل الانخفاض سيكون أشد في العام الحالي إذا استمرت معدلات الإنتاج على هذا المنوال ، أي بانخفاض قدره 114,000 برميل يومياً على أقل تقدير عن معدل إنتاج العام الماضي البالغ (1,86 مليون برميل).كما تشير أرقام الوزارة إلى أن الإنتاج سينحدر مرة أخرى بمعدل 100,000- 150,000 برميل يومياً في السنوات المقبلة ما لم تتخذ إجراءات حازمة لعكس هذا التدهور الخطير في مستويات الإنتاج الذي ستكون تأثيراته كبيرة في ميزانية الدولة العراقية ، خاصة في ظل أسعار النفط العالمية المتدهورة حالياً التي بالتأكيد ستزيد المشكلة تعقيداً.
لقد صرح وزير النفط بنفسه خمس مرات في بداية العام 2008 ومنتصفه ومرة على لسان المسؤول الاعلامي في الوزارة بأن وزارة النفط ستحقق زيادة في إنتاج النفط الخام العام 2008 بحدود 400 - 500 ألف برميل يومياً ليرتقي إلى هدف موضوع له لنهاية العام وهو 2,7 مليون برميل يومياً ونجد بنهاية العام 2008 أن الوزارة عاجزة عن تحقيق حتى المحافظة على 2,3 مليون برميل يومياً وهو نفس المعدل الذي بدأت به سنة 2008.
إن على وزارة النفط أن تكون شفافة في قراراتها وخططها الستراتيجية التي لم نر منها أي شيء عدا الوعود والتسويفات وبعض الإجراءات الترقيعية التي أضرت كثيراً بسمعة القطاع النفطي وأدت إلى هذا التدهور المريع في مستويات الإنتاج بدلاً من تعظيمه وفق استحقاقات العراق وتماشياً مع احتياطاته المؤكدة التي تحتم أن يتصاعد إنتاجه اليومي إلى مستوى عشرة ملايين برميل في غضون سنوات محددة.
بل إن الوزارة قد ضيعت على العراق فرصة ذهبية ربما لن تتكرر قريباً عندما لم يكن بوسع العراق زيادة صادراته النفطية أثناء صعود الأسعار إلى مستويات قياسية غير مسبوقة في العام الماضي. وهي الفرصة التي استطاع من خلالها منتجو النفط الآخرون جني مئات المليارات من الدولارات التي يمكن الاتكاء عليها في الأزمة المالية التي يمر بها العالم حالياً.
ليس هذا فقط بل إن وزارة النفط تمارس الخداع على لسان الوزير نفسه عندما أعلن الاسبوع المنصرم أن وزارته حققت في العام 2008 موارد للميزانية العراقية تقدر بـ 61,8 مليار دولار فقط، بينما كان المخطط له هو 46,5 مليار دولار فقط ، دون أدنى إشارة أو اعتراف إلى أن ذلك تحقق بفضل الزيادة الكبيرة في أسعار النفط العالمية وليس نتيجة لجهود وزارة النفط التي أخفقت حتى في المحافظة على مستويات الإنتاج السابقة ،واذا كانت الوزارة صادقة فيما تدعي، سنكون سعداء اذا تمكنت هذا العام من تحقيق 50% مما ادعت انها حققته من موادرد في العام 2008، وبدون أدنى شك يعتبر هذا الإعلان بهذه الصيغة استخفافاً بعقول العراقيين ، وحتى غير الاختصاصيين منهم. ثم ما قيمة هذه الموارد المتحققة مقارنة بموارد بعض الدول المجاورة للعراق التي استطاعت إحداها الحصول على ما لا يقل عن 500 مليار دولار والعراق كان يجب أن لا يقل قدرة عنها في تحقيق مثل هذه الموارد ، لو أن وزارة النفط كانت قد وضعت ونفذت الخطط الستراتيجية اللازمة لتحقيق هذا الهدف بدلاً من استهلاك الكلام اليومي الذي لا يغني عن خوف ولا يسمن من جوع.
خلاصة الأمر ، لا بد من القول إن المجاملات الحالية إزاء فشل وزارة النفط في تعظيم موارد الشعب العراقي يجب أن تنتهي فوراً. بل لا بد من إخضاع الوزارة للمساءلة القانونية والبرلمانية وتحميل المقصرين المسؤولية الكاملة فيما آلت إليه الأمور. ولعل المؤتمر الذي سيعقد قريباً في بغداد برعاية رئيس الوزراء سيكون الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، إذ من المؤمل أن تجتمع نخب طيبة من خبراء الطاقة العراقيين في الداخل والخارج لمناقشة أسباب الأزمة الحالية في قطاع النفط والغاز وسبل معالجتها وفق خطة عمل محكمة ومقيدة بتواريخ تنفيذ محددة بعيداً عن الشعارات والمناكفات السياسية التي أدت بنا إلى الوصول إلى هذا المأزق الخطير.
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري