عقلية صدّام والولي الفقيه
بقلم: الكاتب الكردي عدنان حسين
منذ بضعة أسابيع، زار مستشار لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، سعياً لاستكشاف إمكانية إجراء محادثات بين السيد المالكي ورئيس الإقليم مسعود بارزاني. بعدما جال المستشار في أربيل مع مضيفيه، أظهر دهشة وتعجبا من التطور المتحقق في المدينة على صعيد العمران والخدمات وسواها. وعبّر عن نوع من الاستنكار، لأن حكومة الإقليم حققت كل هذا للناس. الاستنكار عكسه السؤال الذي طرحه المستشار الحكومي على مضيفيه الكرد: أما تخافون مما قد يثيره هذا عليكم لدى الآخرين؟ المضيفون استغربوا السؤال الاستنكاري من هذا الزائر الحكومي، فقد توقعوا إعجابا بما تحقق وكلاما طيبا عنه. ردوا عليه: هل كان علينا ألا نجمّل مدننا، ونؤجل تحسين أوضاع شعبنا إلى أن ينتهي الآخرون من اقتتالهم الطائفي وصراعهم الحزبي وتنافسهم على المال والسلطة؟
هذا الموقف يسلط الضوء على أحد جوانب الأزمة القائمة منذ سنة وأكثر، بين رئاسة الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان.. فرئاسة الحكومة العراقية تشعر بالحرج الشديد، لأنها لم تنجح في الوفاء بتعهداتها للسكان، على رغم توافرها على إمكانات مالية هائلة.. عرب العراق مازالوا يعيشون حال البؤس التي كانوا عليها في عهد صدام، ومن أسباب ذلك عدم أهلية وإخلاص المسؤولين الحكوميين في بغداد والمحافظات، وهم في غالبيتهم من مسؤولي الأحزاب الإسلامية ذات النفوذ الأقوى في البرلمان والحكومة.. ومن أسباب ذلك أيضا تفشي الفساد في المؤسسات الحكومية والبلدية بمشاركة مسؤولي هذه المؤسسات الذين هم مسؤولون في الأحزاب الإسلامية.
ليس المسؤولون الكرد ملائكة بالطبع، فبينهم أيضا الفاسدون والمفسدون، بيد أن سلطات إقليم كردستان أوجدت، في ما يبدو، وضعا يضمن تحقيق تطور مطّرد في حياة السكان في المحافظات الثلاث التي تديرها (أربيل والسليمانية ودهوك)، ابتداء من الأمن وانتهاء بتنظيم الشوارع، وهذا ما يجعل كل زائر للإقليم يدرك على الفور، كما أدرك مستشار السيد المالكي، الفرق الكبير بين الأحوال في الإقليم ونظيرتها في سائر أنحاء العراق.
بعض مسؤولي بغداد الذين لا يريدون الاعتراف بعدم أهليتهم وأحزابهم لحكم العراق على النحو الذي يريده الشعب العراقي عبر نظام ديمقراطي، يغيظهم التطور المتحقق في الإقليم، خصوصا أنه يتخذ طابعا مدنيا علمانيا، فلا يجدون غير العزف على أسطوانة مشروخة، تشبه تلك التي كان يعزف عليها صدام والحكام الذين سبقوه، بتصوير الكرد على أنهم «عصاة» و«متمردون» و«انفصاليون» و«استقلاليون».
لاثنتي عشرة سنة ظل معظم إقليم كردستان منفصلا عن الحكومة المركزية في بغداد.. كان ذلك بموجب الأمر الواقع الذي أوجدته ظروف حرب تحرير الكويت (1991)، وقد بارك ذلك «الانفصال» كل معارضي نظام صدام، واستفادوا منه، وبينهم حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه السيد المالكي ويسهم في قيادته النائب علي الأديب الذي طلع أخيرا بتصريح غير مسؤول يحضّ فيه الحكومة التي يترأسها زعيمه على «إنهاء انفصال كردستان».
بعد إطاحة نظام صدام، ترك المسؤولون الكرد إقليمهم «المنفصل»، ونزلوا الى بغداد ليسهموا في إقامة النظام الجديد الذي تحددت فيه العلاقة بين الإقليم وبغداد على أساس الفيدرالية، وهو نظام كان قد تبناه معارضو صدام، وبينهم حزب الدعوة، منذ تسعينيات القرن الماضي، وكرّسه قانون إدارة الدولة، ومنذ تم الدستور الذي على أساسه أصبح السيد المالكي رئيسا للوزراء، والسيد الاديب عضوا في البرلمان.
السيد الأديب أنموذج للسياسي العراقي غير المؤهل لحكم العراق في ظل نظام ديمقراطي.. فهو قادم من حزب شمولي، وعاش كل حياته في ظل أنظمة مغرقة في الشمولية: نظام البعث في العراق، ونظام الجمهورية الإسلامية في إيران، وبالتالي فهو بعقلية من طراز عقلية صدام، وعقلية الولي الفقيه التي لا ترى مخرجا من المشكلات، ولا تركن الى وسيلة لحلها إلا باستخدام العنف والقوة اللذين دمّرا العراق أيّما تدمير.
بقلم: الكاتب الكردي عدنان حسين
منذ بضعة أسابيع، زار مستشار لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، سعياً لاستكشاف إمكانية إجراء محادثات بين السيد المالكي ورئيس الإقليم مسعود بارزاني. بعدما جال المستشار في أربيل مع مضيفيه، أظهر دهشة وتعجبا من التطور المتحقق في المدينة على صعيد العمران والخدمات وسواها. وعبّر عن نوع من الاستنكار، لأن حكومة الإقليم حققت كل هذا للناس. الاستنكار عكسه السؤال الذي طرحه المستشار الحكومي على مضيفيه الكرد: أما تخافون مما قد يثيره هذا عليكم لدى الآخرين؟ المضيفون استغربوا السؤال الاستنكاري من هذا الزائر الحكومي، فقد توقعوا إعجابا بما تحقق وكلاما طيبا عنه. ردوا عليه: هل كان علينا ألا نجمّل مدننا، ونؤجل تحسين أوضاع شعبنا إلى أن ينتهي الآخرون من اقتتالهم الطائفي وصراعهم الحزبي وتنافسهم على المال والسلطة؟
هذا الموقف يسلط الضوء على أحد جوانب الأزمة القائمة منذ سنة وأكثر، بين رئاسة الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان.. فرئاسة الحكومة العراقية تشعر بالحرج الشديد، لأنها لم تنجح في الوفاء بتعهداتها للسكان، على رغم توافرها على إمكانات مالية هائلة.. عرب العراق مازالوا يعيشون حال البؤس التي كانوا عليها في عهد صدام، ومن أسباب ذلك عدم أهلية وإخلاص المسؤولين الحكوميين في بغداد والمحافظات، وهم في غالبيتهم من مسؤولي الأحزاب الإسلامية ذات النفوذ الأقوى في البرلمان والحكومة.. ومن أسباب ذلك أيضا تفشي الفساد في المؤسسات الحكومية والبلدية بمشاركة مسؤولي هذه المؤسسات الذين هم مسؤولون في الأحزاب الإسلامية.
ليس المسؤولون الكرد ملائكة بالطبع، فبينهم أيضا الفاسدون والمفسدون، بيد أن سلطات إقليم كردستان أوجدت، في ما يبدو، وضعا يضمن تحقيق تطور مطّرد في حياة السكان في المحافظات الثلاث التي تديرها (أربيل والسليمانية ودهوك)، ابتداء من الأمن وانتهاء بتنظيم الشوارع، وهذا ما يجعل كل زائر للإقليم يدرك على الفور، كما أدرك مستشار السيد المالكي، الفرق الكبير بين الأحوال في الإقليم ونظيرتها في سائر أنحاء العراق.
بعض مسؤولي بغداد الذين لا يريدون الاعتراف بعدم أهليتهم وأحزابهم لحكم العراق على النحو الذي يريده الشعب العراقي عبر نظام ديمقراطي، يغيظهم التطور المتحقق في الإقليم، خصوصا أنه يتخذ طابعا مدنيا علمانيا، فلا يجدون غير العزف على أسطوانة مشروخة، تشبه تلك التي كان يعزف عليها صدام والحكام الذين سبقوه، بتصوير الكرد على أنهم «عصاة» و«متمردون» و«انفصاليون» و«استقلاليون».
لاثنتي عشرة سنة ظل معظم إقليم كردستان منفصلا عن الحكومة المركزية في بغداد.. كان ذلك بموجب الأمر الواقع الذي أوجدته ظروف حرب تحرير الكويت (1991)، وقد بارك ذلك «الانفصال» كل معارضي نظام صدام، واستفادوا منه، وبينهم حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه السيد المالكي ويسهم في قيادته النائب علي الأديب الذي طلع أخيرا بتصريح غير مسؤول يحضّ فيه الحكومة التي يترأسها زعيمه على «إنهاء انفصال كردستان».
بعد إطاحة نظام صدام، ترك المسؤولون الكرد إقليمهم «المنفصل»، ونزلوا الى بغداد ليسهموا في إقامة النظام الجديد الذي تحددت فيه العلاقة بين الإقليم وبغداد على أساس الفيدرالية، وهو نظام كان قد تبناه معارضو صدام، وبينهم حزب الدعوة، منذ تسعينيات القرن الماضي، وكرّسه قانون إدارة الدولة، ومنذ تم الدستور الذي على أساسه أصبح السيد المالكي رئيسا للوزراء، والسيد الاديب عضوا في البرلمان.
السيد الأديب أنموذج للسياسي العراقي غير المؤهل لحكم العراق في ظل نظام ديمقراطي.. فهو قادم من حزب شمولي، وعاش كل حياته في ظل أنظمة مغرقة في الشمولية: نظام البعث في العراق، ونظام الجمهورية الإسلامية في إيران، وبالتالي فهو بعقلية من طراز عقلية صدام، وعقلية الولي الفقيه التي لا ترى مخرجا من المشكلات، ولا تركن الى وسيلة لحلها إلا باستخدام العنف والقوة اللذين دمّرا العراق أيّما تدمير.
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري