مجلس الرئاسة العراقي ضمن عجائب الدنيا السبع ! حسن الخفاجي

مجلس الرئاسة العراقي ضمن عجائب الدنيا السبع !

حسن الخفاجي
كان بداي خصما عنيدا لابن عمه لأنه سلب منه مشيخته التي آلت أليه بعد وفاة والده الشيخ الفعلي للعشيرة ،تطور الأمر الى انشقاق كبير في صفوف العشيرة وقتال دامي لكن بداي تنازل عن طموحاته وعن المشيخة بعدما علم ان عشيرة أخرى غازية تريد النيل من ابن عمه وأرضهم وممتلكاتهم، لبس كفنه وتقلد سلاحه وسار الى ارض قبيلته حاضا إياهم التوجه الى منازلة الخصم على ارض غير ارض قبيلته وهكذا كان!.

كم مثل بداي الأمي ذو الموقف النبيل بين ساسة العراق الان ؟.
عندما يتعلق الأمر بالعراق كوطن ،وبالعراقيين كشعب، كم سياسي يتخلى عن طموحاته وأنانيته وبعضهم عن عمالته ؟.
عندما أثيرت قضية الكويت، وتحرك حكومتها من اجل إبقاء العراق تحت الفصل السابع، لم يتوقع اي عراقي شريف ومنصف ان يظهر ساسة من الخط الأول لاعبين أساسيين(مواحتياط) يقفون الى جانب الكويت، وصل الامرببعضهم الى اتهام من كتب يدافع عن حق العراق في الخروج من الفصل السابع ،بأنهم بعثيون ،وغيرها من التهم الرخيصة !!!.
الشيء نفسه حدث ويحدث عندما يأتي احد (الفدائيين)على ذكر إيران ودورها المساهم في المجازر،والخروقات التي جرت وتجري في العراق، يبرز دون حياء رجال إيران والمحسوبون عليها ليدافعوا عن ايران بعد كل هذه الجرائم ،ويلمعوا صورة إيران لتصبح حمامة سلام،وبعضهم يعمد قصدا الى مقارنتها بدور السعودية: المخرب ،والمعطل ،والداعم والمصدر للموت، والقتل، والدمار في العراق، ليقارنوا بين السيء والاسوء. يفعل رجال السعودية من ساستنا نفس الفعل ،عمد احدهم أخيرا ، يطالب بدليل عن تورط السعودية في الشأن العراقي. لم يكفه العداء، والمقاطعة الواضحة للعملية السياسية الجارية في العراق وجرائم بهائم ال سعود الانتحارية !.هناك من برر لتركيا قصفها المستمر واعتداءاتها على شمال العراق ،وبعضهم يختلق الحجج للأتراك ليقول عن الحاجة التركية لمياه دجلة والفرات ،وعن موسم الجفاف الذي ضرب تركيا ،وبعضهم اتخذ من عطش العراقيين دعاية حقيرة أساءت له قبل ان تنفعه. بعضهم يدافع عن ما يسمونهالارتباط المصيري للعراق بالأمة)،عبر هذا الفخ الكبير يبررون لكل الأعراب ما يفعلونه بالشعب العراقي !!!.
عندما أساءت وتسيء الاردن بشكل مستمر للعراقيين الموجودين على أراضيها، أوالذين يرمون دخول الاردن، يبرر بعض هؤلاء للأردن حقها في معرفة(تجييك) من يدخل أراضيها!. برز من يبرر حتى لعقيد اليمن استضافته للقتلة من البعثيين!. ولمجنون ليبيا خصوصيته في أقامة تمثال لصدام!. كل هذا حدث ويحدث وما زالت الجروح غائرة، والدماء العراقية تسيل.
بعد جريمة الصالحية لم يتوقع اي عراقي مخلص لعراقيته، أن يتطوع احد من الساسة بالدفاع عن سوريا ،ويوصي بعدم توجيه اللوم المباشر لها، لكن الغريب ،والعجيب ان يكون أصحاب هذا الرأي بالإجماع هم رئيس الجمهورية ،ونائبيه عن الشيعة، والسنة، فمن وحد موقف الرئيس ونائبيه من هذه القضية ؟
انا لا اعتقد ان موقف الرئاسة الحالي اجتهاد، أو وجهة نظر، بل اعتقد انه خذلان لنصرة الحق العراقي ،وتخلي عن واجب صون الدم العراقي، اضافة لكونه خلالا فاضحا ومؤشرا خطيرا على تشرذم الموقف العراقي، ليزداد السوريون عناد،أوليحضروا هم والدول الاخرى لجرائم جديدة!.
ماذا لو رشحنا مجلس الرئاسة العراقي للدخول ضمن عجائب الدنيا السبع (بدل الجنائن المعلقة)؟ لان الذي يجري الان لا سابقة له في التاريخ ،لم يتشظي موقف لدولة مثلما تشظى موقف العراق في قضية تتطلب وحدة الموقف، وصلابة الكلمة. أمثلة لا حصر لها في عمق التاريخ: تلك التي وقف بها خصوم ،وأعداء، بوجه الغزاة، وبوجه الشر والعدوان .
كان الشاعرالهندي طاغور من اشد المعادين لسياسة غاندي ،يصفه بأقذع الأوصاف ،ويحّمله مسئولية دماء الهنود المسفوكة، بعد كل إضراب، أوعصيان، أومظاهرة، لكن حدثا اقل بكثير من حدث الصالحية،غيّر بوصلة طاغور ،بعد ان قتل جنود الانجليز عمال هنود مضربين يطالبون بزيادة الاجور. عندها وقف طاغور مع غاندي، أي مع الوطن ساعة محنته، واعتذر علنا، وذهب الى المستشفى حيث كان يرقد غاندي، واعتذر وهاجم الانجليز في صحيفته، وانحاز للوطن في محنته .
طاغور، وبداي، وامثالهم الكثير، هم شهود إدانة لكل من يقف مع أعداء العراق الذين يستبيحون الدم العراقي .
يرى العراقيون في موقف مجلس الرئاسة سابقة خطيرة لصراع داخلي مكشوف على سلطة اتخاذ القراروهذا يؤثر سلبا على موقف العراق من قضية المحكمة الدولية. هنالك حوادث أشرها التاريخ ووقف عندها: سمعنا عن الروسي الذي خسر عروسته على موائد القمار في ليلة دخلته، وغادرها تاركا إياها لخصمه!. سمعنا عن الملياردير الأمريكي الذي أوصى بكل ثروته لكلبه دون أولاده !.سمعنا عن الهندي الذي باع اطفاله ليتزوج من اخرى!.سمعنا عن الإسرائيلية التي تركت زوجها لانها متعلقة بكلبها الذي يشاركها سرير الزوجية! سمعنا عن خلافات سياسة تصل لحد تبادل اللكمات ،والضرب بالكراسي !.لكنا لم نسمع أبدا عن مجلس رئاسة يقف بالضد من حقوق شعبه في دفاعهم عن أنفسهم ويجامل الاخرين على حساب الشعب!!!!!!!.
خرج خبر اجتماع مجلس الرئاسة في دوكان وكأنه موجه ضد تصرف المالكي ،وكأن قضية المحكمة الدولية قضية شخصية تخص المالكي لوحده!!. لو أردنا تحويل ملف جريمة الاربعاء واتهام سوريا، وتحويلها للمحكمة الدولية الى الاستفتاء ،والتصويت الشعبي،لسماع رأي الشارع العراقي ،لأدرك مجلس الرئاسة الخطأ الجسيم الذي وقعوا فيه، واذا ظلوا على موقفهم دون مراجعة أو توضيح، فانهم سيخسرون حتما الكثير من رصيدهم بين العراقيين، وقديما قالوا: "الانسان ليس نهرا وبأمكانه الرجوع الى الخلف ".
عندما عرف صاحبي المهوال بقصة بداي هتف قائلا:"بداي احسن لو ريسنه"!؟.
" أمتياز الكبار هو رؤيتهم الكوارث من على شرفة " جان جيرو دو
"أنظر مرتين لكي ترى بأنصاف ، وأنظر مرة واحدة لترى الجمال"هنري فردريك أمييل

لا يسعني سوى القول انه يوجد رب كريم يرى ما يعانيه الشعب العراقي من المهازل التي تفعلها ما تسمى بحكومة العراق
وحسبنا الله ونعم الوكيل