كيف لنا صون بيروت والقدس ومدننا المشابهة؟
فلنصعد إلى تعددها . أو لنعلن عجزنا عن حمايتها
ابراهيم جادالله
إبان الحروب الكثيرة والمتعددة التى مربها لبنان ، طرح غير مرة مصير بيروت . لمن تكون بيروت فيما لو قع التقسيم؟ هل تكون للمسلمين السنة ، وهم معظم سكانها الأصليين؟ هل تكون للمسيحيين الذين وفدوا إليها من جبالهم وأحبوها وأعطوها وأخذوا منها، كما لو كانوا سكانها الأصليين ؟ هل تكون للمسلمين الشيعة ممن تجمعوا فى أحيائها ، وشاركوا فى رسم وجهاا الحالى ، بقدر ماذاقوا من مرارات نشأتها وكوابيس تشكلها ؟
لمن تكون بيروت؟
لكن هل يمكن أن تكون بيروت لأى كان ؟
لنقرأ تعريفا موجزا لبيروت متوفر دائما ، ويمن العثور عليه فى أى كتاب مدرسى سابق على حروب بيروتية :
( إنها الميناءالرئيسى على الساحل الشرقى للبحر الأبيض المتوسط ، كان ت لزمن طويل ، مركز التجارة بين الشرق والغرب، وظلت أحد الحواضر الثقافية والتجارية والمصرفية فى الشرق الأوسط ، سكان بيروت مسيحيون ومسلمون ، وبينهم يهود وجنسيات وأديان لا يحصى لها عدد، ولئن كانت العربية اللغة الأساس للبيروتيين ، فإن نسبة مرتفعة جدا من سكان المدينة تتحدث الفرنسية والإنجليزية كأنها لغتها الأولى
ويعد الشحن البحرى صناعة بيروت ، وفيها سوق حرة لبضائع الترانزيت .
أما خطوط الطيران التى تعمل ، إنطلاقا من مطار بيروت الدولى ، فتربط المدينة بمعظم بلدان العالم ، وتشكل حافزا لإنماء صناعة السياحة فى لبنان .
وفى بيروت جامعات متعددة أمريكية وفرنسية ولبنانية وعربية ( مصرية )، وهناك أكاديمية للموسيقى ومثلها للفنون الجميلة ، ومدرسة فرنسية عليا للآداب ، ومركز للرياضيا و العلوم المتصلة بها .
هل يعقل أن تكون بيروت هذه ، وهى التى تعبر الانتماء الجغرافى والقومى ملكا لأحد؟
ألا يثير مجرد التفكير بأنها ستكون مسيحية أو مسلمة ، سنية أو شيعية ، قدرا كبيرا من الغرابة والاستياء ؟
ذلك أن المدن على عكس ما يسمى الهوية . فإذا قامت الهوية على التحديد الصارم والمرجع الأوحد ووجود العدو الكريه ، فإن المدن نتاج المصارف والمعارف والسيولة الهائلة فى حركات الانتقال وتداخل الولاءات ، حتى ليستحيل إدراجها فى وجهة ولون . فالمدينة رحبة بتعريفها، وبتعريفها تستدعى التعارف والانفتاح، بدلا من الحقد والعداوات .
وهى لا تنشأ وتنمو إلا لأن العالم بأسره انتدبها لكى تمثله فى مكان معين من ذاك الوطن أو تلك الأمة .
كم نتذكر مثل هذا حين تواجهنا مسألة كمسألة القدس القائم طرحها وتداولها بجدية فى الشارع الكونى ن وبغير كثير من حمية واكتراث فى الشارع الذى تنتمى إليه تلك المدينة ، والمسمى عربيا .
تلك المدينة التى تصر اسرائبل على يهوديتها وانتزاعها من جذرها العربى ونسبتها لفرع عبرى ، هى مدينة مقدسة فى عرف أديان ثلاثة، .
وهى لئن لم تكن بحرية ، غير أنها قريبة من العالم الخارجى باختلاطه والتباسه ، إذ لا تبعد غير 25 ميلا عن ساحل المتوسط ، اما الجزء القديم منها فيدل بدوره ألى رحابة المدينة ، حيث ينقسم اربعة أقسام غير متكافئة حجما .
الحى الإسلامى ، أكبر أحيائها ، فى شمالها الشرقى / يجاور الحرم الشريف ويحيطه ، والحى المسيحى فى الشمال الغربى ، حيث كنيسة القيامة ، والحى الأرمنى فى الجنوب الغربى ، والحى اليهودى فى الجنوب الغربى قبل الزحف السرطانى المستوطن .
وقد يكفى القول أن هذه المدينة ذات الحضور الإسلامى التاريخى ، والتى احتلتها إسرائيل بالكامل فى العام 1967، مازالت عاملة على توكيد العنصر اليهودى فيها ، وليحل على المنطقة أشهر حكومة عنصرية وتطرفا فى الكيان الإسرائيلى ، يعلن بصلف عدم قايليته لمناقشة وضع القدس مع أى طرف ، وهذه المدينة أيضا برغم هذا مهد ثلاث بطريركيات مسبحية، الكاثوليكية والأرثوذكسية والأرمنية .
وبدورها فإن سراييفوالتى شاء عتاة ( صربيا الكبرى )أن يخنقوها ، ، وقطعوا فى ذلك أشواطا ، لم يردعهم ( ؟ )عن استكمالها إلا التهديد الأمريكى حينها ، فتقع على نهر ملجاكا، وتشكل عقدة المواصلات فى ما بين أطراف البوسنة وجماعاتها وتياراتها ، ولهؤلاء جميعا أنتجت سراييفوعلى مدى السنين ، القصديروالمجوهرات والسجاد والتبغ والألبسة النسجية.
لكن أهم ما فى المدينة ، ربما ، انها تضم أكبر تجمع بشرى ودينى للمسلمين فى المنطقة، ومهد المطرانية الكاثوليكية للكروات ، وحاضرة للأرثوذكس الصربيين.
وسراييفو التى خضعت طويلا للحكم العثمانى ، لا يزال فيها حى تركى قديم بشرف على هضابها الشرقية ، وبازار يعج بالدكاكين الصغيرة ، وتتوزع فيه وحوله المساجد التى لا تعد ولاتحصى .
ولئن حكمها الأتراك طويلا ، وضمتها الإمبراطورية النمساوية – المجرية إليها ،فإن هذا وذاك حولاها مختبرا للتعارفوالتعايش بين هذه الجماعاتالتى تقاتلت بسلاح الهويات القاطعة والمبرمة .
هذه المدن ثلاث جواهر فى الشرق الإسلامى ، صنعناها وصنعها العالم كله معنا ، فكانت نتاج بشر كثيرين ، وألوان وعادات وثقافات ومصالح .
وفى هذا ، إما أن تكون المدن مكانا للأمم كلها ، وإما أن بؤدى بها الضيق والتعصب وتناحر الهويات والهجمة المرضية الناجمة عن انهيار الأرياف فى ( العالم الثالث ) .
وفى هذه الحال لا يأتى موت المدن على يد الحروب العنصرية غير قرار إجرائى بسيط ، فى وسع أى طرف أن يصدره.
فهل نرتفع ، نحن أهل الشرق ، إلى سوية مدننا أولا ؟
إلى تعدد بشرها وثقافاتها وأديانها؟
أم نعلن أننا عاجزون عن رعايتها والعيش فيها كأبناء مدن متحضرين، لأننا عاجزون عن النيابة مناب العالم الذى أنشأها عندنا فى آخر المطاف ؟
وعند ذاك يكون التدويل أيسر الحلول، فيرد للعالم ما صنعه وأودعه لدبنا .
فلنصعد إلى تعددها . أو لنعلن عجزنا عن حمايتها
ابراهيم جادالله
إبان الحروب الكثيرة والمتعددة التى مربها لبنان ، طرح غير مرة مصير بيروت . لمن تكون بيروت فيما لو قع التقسيم؟ هل تكون للمسلمين السنة ، وهم معظم سكانها الأصليين؟ هل تكون للمسيحيين الذين وفدوا إليها من جبالهم وأحبوها وأعطوها وأخذوا منها، كما لو كانوا سكانها الأصليين ؟ هل تكون للمسلمين الشيعة ممن تجمعوا فى أحيائها ، وشاركوا فى رسم وجهاا الحالى ، بقدر ماذاقوا من مرارات نشأتها وكوابيس تشكلها ؟
لمن تكون بيروت؟
لكن هل يمكن أن تكون بيروت لأى كان ؟
لنقرأ تعريفا موجزا لبيروت متوفر دائما ، ويمن العثور عليه فى أى كتاب مدرسى سابق على حروب بيروتية :
( إنها الميناءالرئيسى على الساحل الشرقى للبحر الأبيض المتوسط ، كان ت لزمن طويل ، مركز التجارة بين الشرق والغرب، وظلت أحد الحواضر الثقافية والتجارية والمصرفية فى الشرق الأوسط ، سكان بيروت مسيحيون ومسلمون ، وبينهم يهود وجنسيات وأديان لا يحصى لها عدد، ولئن كانت العربية اللغة الأساس للبيروتيين ، فإن نسبة مرتفعة جدا من سكان المدينة تتحدث الفرنسية والإنجليزية كأنها لغتها الأولى
ويعد الشحن البحرى صناعة بيروت ، وفيها سوق حرة لبضائع الترانزيت .
أما خطوط الطيران التى تعمل ، إنطلاقا من مطار بيروت الدولى ، فتربط المدينة بمعظم بلدان العالم ، وتشكل حافزا لإنماء صناعة السياحة فى لبنان .
وفى بيروت جامعات متعددة أمريكية وفرنسية ولبنانية وعربية ( مصرية )، وهناك أكاديمية للموسيقى ومثلها للفنون الجميلة ، ومدرسة فرنسية عليا للآداب ، ومركز للرياضيا و العلوم المتصلة بها .
هل يعقل أن تكون بيروت هذه ، وهى التى تعبر الانتماء الجغرافى والقومى ملكا لأحد؟
ألا يثير مجرد التفكير بأنها ستكون مسيحية أو مسلمة ، سنية أو شيعية ، قدرا كبيرا من الغرابة والاستياء ؟
ذلك أن المدن على عكس ما يسمى الهوية . فإذا قامت الهوية على التحديد الصارم والمرجع الأوحد ووجود العدو الكريه ، فإن المدن نتاج المصارف والمعارف والسيولة الهائلة فى حركات الانتقال وتداخل الولاءات ، حتى ليستحيل إدراجها فى وجهة ولون . فالمدينة رحبة بتعريفها، وبتعريفها تستدعى التعارف والانفتاح، بدلا من الحقد والعداوات .
وهى لا تنشأ وتنمو إلا لأن العالم بأسره انتدبها لكى تمثله فى مكان معين من ذاك الوطن أو تلك الأمة .
كم نتذكر مثل هذا حين تواجهنا مسألة كمسألة القدس القائم طرحها وتداولها بجدية فى الشارع الكونى ن وبغير كثير من حمية واكتراث فى الشارع الذى تنتمى إليه تلك المدينة ، والمسمى عربيا .
تلك المدينة التى تصر اسرائبل على يهوديتها وانتزاعها من جذرها العربى ونسبتها لفرع عبرى ، هى مدينة مقدسة فى عرف أديان ثلاثة، .
وهى لئن لم تكن بحرية ، غير أنها قريبة من العالم الخارجى باختلاطه والتباسه ، إذ لا تبعد غير 25 ميلا عن ساحل المتوسط ، اما الجزء القديم منها فيدل بدوره ألى رحابة المدينة ، حيث ينقسم اربعة أقسام غير متكافئة حجما .
الحى الإسلامى ، أكبر أحيائها ، فى شمالها الشرقى / يجاور الحرم الشريف ويحيطه ، والحى المسيحى فى الشمال الغربى ، حيث كنيسة القيامة ، والحى الأرمنى فى الجنوب الغربى ، والحى اليهودى فى الجنوب الغربى قبل الزحف السرطانى المستوطن .
وقد يكفى القول أن هذه المدينة ذات الحضور الإسلامى التاريخى ، والتى احتلتها إسرائيل بالكامل فى العام 1967، مازالت عاملة على توكيد العنصر اليهودى فيها ، وليحل على المنطقة أشهر حكومة عنصرية وتطرفا فى الكيان الإسرائيلى ، يعلن بصلف عدم قايليته لمناقشة وضع القدس مع أى طرف ، وهذه المدينة أيضا برغم هذا مهد ثلاث بطريركيات مسبحية، الكاثوليكية والأرثوذكسية والأرمنية .
وبدورها فإن سراييفوالتى شاء عتاة ( صربيا الكبرى )أن يخنقوها ، ، وقطعوا فى ذلك أشواطا ، لم يردعهم ( ؟ )عن استكمالها إلا التهديد الأمريكى حينها ، فتقع على نهر ملجاكا، وتشكل عقدة المواصلات فى ما بين أطراف البوسنة وجماعاتها وتياراتها ، ولهؤلاء جميعا أنتجت سراييفوعلى مدى السنين ، القصديروالمجوهرات والسجاد والتبغ والألبسة النسجية.
لكن أهم ما فى المدينة ، ربما ، انها تضم أكبر تجمع بشرى ودينى للمسلمين فى المنطقة، ومهد المطرانية الكاثوليكية للكروات ، وحاضرة للأرثوذكس الصربيين.
وسراييفو التى خضعت طويلا للحكم العثمانى ، لا يزال فيها حى تركى قديم بشرف على هضابها الشرقية ، وبازار يعج بالدكاكين الصغيرة ، وتتوزع فيه وحوله المساجد التى لا تعد ولاتحصى .
ولئن حكمها الأتراك طويلا ، وضمتها الإمبراطورية النمساوية – المجرية إليها ،فإن هذا وذاك حولاها مختبرا للتعارفوالتعايش بين هذه الجماعاتالتى تقاتلت بسلاح الهويات القاطعة والمبرمة .
هذه المدن ثلاث جواهر فى الشرق الإسلامى ، صنعناها وصنعها العالم كله معنا ، فكانت نتاج بشر كثيرين ، وألوان وعادات وثقافات ومصالح .
وفى هذا ، إما أن تكون المدن مكانا للأمم كلها ، وإما أن بؤدى بها الضيق والتعصب وتناحر الهويات والهجمة المرضية الناجمة عن انهيار الأرياف فى ( العالم الثالث ) .
وفى هذه الحال لا يأتى موت المدن على يد الحروب العنصرية غير قرار إجرائى بسيط ، فى وسع أى طرف أن يصدره.
فهل نرتفع ، نحن أهل الشرق ، إلى سوية مدننا أولا ؟
إلى تعدد بشرها وثقافاتها وأديانها؟
أم نعلن أننا عاجزون عن رعايتها والعيش فيها كأبناء مدن متحضرين، لأننا عاجزون عن النيابة مناب العالم الذى أنشأها عندنا فى آخر المطاف ؟
وعند ذاك يكون التدويل أيسر الحلول، فيرد للعالم ما صنعه وأودعه لدبنا .
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري