الكاتب: محمد حافظ Mohammed M. Hafez
منذ أن أتمت الحرب الأنجلوـ أمريكية هدفها الأساسي المعلن في العراق وهو الإطاحة بنظام صدام حسين، ومنذ إعلان الرئيس الأمريكي إنهاء العمليات العسكرية هناك عقب سقوط بغداد، ويعاني العراق من حالة غير مسبوقة من الانفلات الأمني جعلته ملاذاً أمناً للجماعات الإرهابية وتربة خصبة لنموها، ليحل محل أفغانستان - من وجهة النظر الأمريكية- في مهمة تصدير الإرهاب التي كان من أبرز مؤشراتها تزايد معدلات العمليات الإرهابية التي تستهدف المدنيين في العراق ، مما أثار علامات استفهام حول فعالية السياسات الأمريكية في العراق ومدي نجاح واشنطن في تحقيق أهدافها من تلك الحرب التي أثقلت كاهلها والمواطن الأمريكي بل وإلى أي مدى استطاع هذا الانفلات الأمني إيجاد مناخ إقليمي سياسي وإيديولوجي يغذيه، وكانت الإجابة على هذه التساؤلات محل اهتمام العديد من الكتابات العربية والغربية، ومنها كتاب محمد حافظ محور تقريرنا التالي الذي يتناول معضلة البعد الأمني في العراق من خلال الاقتراب من مفاهيم ملتبسة وغامضة ومتعددة التفسيرات مثل الإرهاب والمقاومة المشروعة والجهاد.
محاور وأهداف الكتاب
يثير الكتاب ثلاثة أسئلة رئيسية يحاول الكاتب من خلال الإجابة عليها الوقوف على أبعاد ظاهرة "الانتحاريين" ـ كما يطلق عليها الكاتب ـ لتفسيرها، وتحديد دوائر تأثيرها وتأثرها والتنبؤ بمساراتها.
ويتمثل السؤال الأول في: كيف للعراق الذي لم يشهد قبل الغزو الأمريكي للعراق في 2003 تفجيرات انتحارية، أن يصبح الساحة الرئيسية لهذه العمليات؟. ويرى المؤلف أن الدراسات السابقة أظهرت أن هذا التكتيك القتالي جاء في مرحلة متأخرة من مراحل تطور الجماعات المسلحة، ولكن في حالة العراق فإن هذا الأسلوب كان بمثابة نقطة البداية التي انطلقت منها الجماعات المسلحة على الساحة العراقية، فمع الوضع في الاعتبار أن الاستشهاد في حد ذاته كمبدأ يحظى بالقبول لدي الرأي العام العربي على المستويين الرسمي وغير الرسمي، واستناداً على هذا القبول استفاد المقاتلون في العراق في تبنيهم هذا الأسلوب كأسلوب للمقاومة في العراق، وهذا الأسلوب شائع في تجارب حركات مقاومة معاصرة، ويعلق الكاتب بأن هذه النقطة هي أكثر جوانب الظاهرة التي تُثير الحيرة.
السؤال الثاني يتمثل في: كيف جاءت أغلبية ما يطلق عليهم الكتاب الانتحاريين "Suicide Bombers" في العراق في عام 2006 من غير العراقيين ؟. ويطلق عليهم "محمد حافظ" "الاستشهاديين عبر الحدود". وقد حاول أن يقترب تفسيراً من الإيديولوجية التي تدفع مسلمين للمجيء من دول عربية وأوروبا للقيام بهذه العمليات في العراق. وأرجع "حافظ" السبب إلى أن الحرب في العراق أوجدت مناخاً مناسباً لانتشار وتنامي هذه الظاهرة، وكان ذلك سبباً في بناء جيل ثالث من الشباب المسلم الراديكالي على المستوى العالمي، الإقليمي، والمحلي. ويعلق الكاتب على أن الإجابة على هذا التساؤل يساعد على تفسير الكثير من جوانب الظاهرة خداعاً.
السؤال الثالث يتمحور حول: لماذا تستهدف هذه الهجمات أهدافاً للشرطة العراقية وأهدافاً شيعية ومدنية بجانب الأهداف العسكرية؟. وفي الإجابة على هذا التساؤل يتداخل البعد السياسي والبعد الديني. فبالإضافة إلى الخلاف المذهبي والتاريخي بين السنة والشيعة، إلا أن هذا الخلاف غير كاف للإجابة على التساؤل المثار؛ لذلك يمكن تفسير استهداف أصحاب تيار السلفية الجهادية (الإيديولوجية المحركة للتنظيمات المسلحة مثل القاعدة ) للأهداف الشيعية بناءاً على صراع عقائدي له طابع عنصري، في حين يتمثل البعد السياسي الذي يجيب على هذا التساؤل في أن ظهور الشيعة كمتعاونين مع قوات التحالف واتهامهم بالعمل على خدمة أهداف الاحتلال يجعلهم أبرز أهداف هذه الهجمات، باعتبارهم الوجه المحلي للولايات المتحدة في العراق وامتداداً لفكرة المقاومة المشروعة.
أساليب واستراتيجيات التجنيد
ويُؤكد الكتاب في هذا الصدد على أن التطوعية هي الأساس وليس التجنيد والتعبئة، ويُشير إلى أن ما يقرب من 87% ممن قاموا بهذه الهجمات منذ يناير 2006 من غير معروفي الهوية. ويعزى الكاتب ذلك إلى سببين، أولهما: هو أن أغلب هذه الهجمات تستهدف مدنيين لذا فإن الجماعات الراديكالية لا تعلن مسئولياتها عنها حتى لا يظهروا كمذنبين لقتلهم أهداف بشرية غير عسكرية. والسبب الثاني: يخص الحكومة العراقية، حيث تتفادى في مثل هذه الحالة توجيه اللوم لها بإخفائها هوية هؤلاء.
ويتطرق الكتاب إلى دور العلماء المسلمين، وكذلك دور كلاً من المرجعية الدينية، والسند الإيديولوجي لمن يقوموا بهذه الهجمات . ويقر الكتاب بأنه يجب التسليم مبدئياً بأن هناك مفهومين لا يمكن إدانتهما في العالم الإسلامي، هما: مفهومي الجهاد والاستشهاد في إطار الدفاع عن النفس والوطن ومقاومة المحتل.
ويرى الكاتب أن المعضلة التي وقعت فيها المرجعية الدينية فيما يخص هذه الهجمات، هي أنه سبق وأن كان هذا السند الديني ايجابي الطابع والذي على أساسه بُررت العديد من هذه الهجمات في حالتي الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي واللبناني، لذا كان من غير المفهوم استثناء العراق من هذه المنظور. وعلى ذلك مثل هذا القبول حافز إيديولوجي ومبرر ديني لدي هؤلاء المتطوعين ليقوموا بهذه العمليات.
ويُوضح الكتاب أهمية التفرقة بين الاختلاف داخل التيارات المسلحة في العراق من حيث الأهداف رغم تطابق وسيلة القتال المتبناة؛ ما بين جناح يمثله مقاتلون عراقيون سنة وأخر تمثله جماعات أخرى متطرفة، التي تضم -حتى وقت قريب- غير العراقيين مثل تنظيم القاعدة في العراق، رغم تأكيد المصادر العسكرية على أن العراقيين هم أغلب عناصر التنظيم.
ويُوضح الكتاب أن كلاً من الجناحين يجمعهما هدفاً واحداً وهو محاربة الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية، ولكن بعيداً عن هذا الهدف قصير المدى اختلفت الجبهتان حول الغاية النهائية رغم تماثل الأساليب والمبرر الإيديولوجي. ففي حين يهدف العراقيون السنة إلى إعادة بناء العراق والوصول به إلى وضع سياسي وأمني يخدم مصالحهم، يهدف تنظيم القاعدة إلى التدمير الشامل لنموذج الحكم العراقي القائم بعد الاحتلال مما يؤدي بها إلى مرحلة "الدولة الفاشلة Failed State". وهو المناخ الذي سيهيأ لهم قواعد جديدة بدلاً من أفغانستان لتصبح العراق بالنسبة لهم قاعدة المستقبل.
الرأي العام العربي والعراقي حيال تلك القضية
حاول الكتاب الاقتراب من توجهات الرأي العام العربي والعراقي فيما يخص هذه الظاهرة، ومدى إدراكه لهذه الانقسامات في أهداف وغايات الجماعات المسلحة. فعلى مستوى الرأي العام العربي، مازالت هناك رؤية عامة تتمثل في أن هذه الهجمات هي مقاومة ضد الولايات المتحدة، فبوجه عام ثمة عدم وضوح لدي قطاع كبير من الشعب العربي بشأن أهداف هذه الجماعات، وأن قلة قليلة من المتابعين للوضع العراقي هم من لديهم معرفة وقدرة أكبر على تفهم هذا التداخل، وبشكل أخر فإن القدرة على إدراك هذا التداخل أكبر لدي الرأي العام العراقي الذي يفرق بين "المقاومة المشروعة" وبين "الإرهاب العشوائي". ولكن المشكلة تكمن في معرفة من المسئول الحقيقي عن هذا الإرهاب العشوائي.
ورداً على هذا السؤال، يرى الكاتب أن الولايات المتحدة دعمت الطائفية بكافة السبل؛ لذلك فإن الجماعات العراقية تشتت أهدافها بعيداً عن مقاومة الاحتلال، وهو ما يفسر استهداف الجماعات لأهداف غير أمريكية وغير عسكرية في ظل التبرير الديني للجهاد والاستشهاد كمبادئ مكفولة للمعتدي عليه.
وفي نفس الوقت يُدمر هذا الإرهاب العشوائي أهداف السياسة الخارجية الأمريكية في العراق التي من أبرزها إرساء قواعد نظام سياسي ديمقراطي آمن في العراق، وتحويل العراق إلى حليف لها في منطقة تنتشر فيها الراديكالية القائمة على أساس ديني، والمرشحة لأن تكون الساحة الرئيسية للخطر النووي.
مستقبل العراق في ضوء تلك الظاهرة
وتطرق الكاتب إلى سيناريوهات مستقبل الوضع العراقي في ظل استمرار تلك الظاهرة، ويرى أنه بجانب الخطورة التي تمثلها هذه الهجمات، فثمة مشكلات أخرى قد تكمن فيها بذور هذه الظاهرة لتنمو فيما بعد. ولعل أهمها مشكلة اللاجئين العراقيين سواء في العراق أو دول أخرى، فهذه الفئة من العراقيين هم الأكثر اعتماداً على غيرهم في توفير الحد الأدنى من احتياجات معيشتهم؛ لذا يُعتبرون أكثر الجماعات البشرية عرضة للتحول إلى العنف والانضمام إلى هذه الجماعات المسلحة.
وأبرز دليل على هذه الخطورة هو أن طالبان بدأت على يد مجموعة من اللاجئين في باكستان، لذا لابد من التحرك في اتجاه وضع حل لقضية اللاجئين وتسوية أوضاعهم، وذلك بمساعدة الأمم المتحدة والقوى الدولية الفاعلة لتفادي تحول عناصر من اللاجئين إلى قنابل بشرية.
ومن ناحية أخرى فإن هناك تصاعد على المستوى الدولي لظاهرة المتفجرات البشرية فنجدها في أفغانستان، الجزائر، والصومال ضد القوات الإثيوبية، وفي باكستان وبنجلاديش، خاصة وأن هذا التكتيك القتالي تشوبه هالة من البطولة، لاسيما إذا ما كان ضد القوات الأجنبية المحتلة، إلا أن مستقبل هذه الظاهرة سيؤثر على وجود هذه الجماعات نفسها لأنها في العراق لا تستهدف القوات المحتلة بقدر ما يدفع المدنيين ثمنها، وهو ما سيسيء إلى هذه الهجمات والجماعات التي تتبناها.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن، هو ما هو مستقبل المنضمين إلى هذه الجماعات الراديكالية؟. فإذا ما عادوا إلى بلادهم سيهددونها بخطر انتشار الفكر الراديكالي، يطابق خطر هؤلاء الذين عادوا إلى بلدانهم بعد محاربة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان في الثمانينيات من القرن المنصرم، ليخلقوا في بلدانهم بؤراً للحركات الجهادية التي تهدف إلى التغيير الجذري باستخدام كافة الوسائل ومن ضمنها استخدام العنف.
ويُعد أهم ما يميز الكتاب، هو تنوع مصادر المعلومات التي اعتمد عليها الكاتب والتي ساهمت في إثراء الكتاب والوقوف على كافة جوانب الظاهرة من وجهات نظر مختلفة، مما يُقربها من الشمول والدقة والموضوعية في تحري الظاهرة بأبعادها الإيديولوجية والسياسية والأمنية؛ فقد اعتمد الكاتب على مصادر مثل تقارير الاستخبارات المتاحة، ومعلومات أولية من الجماعات المسلحة في العراق من خلال الاعتماد على الوثائق والتسجيلات المتاحة على شبكة الانترنت، وذلك بإجراء مقابلات مع بعض المسئولين الأمريكيين الذين خدموا في العراق.
منذ أن أتمت الحرب الأنجلوـ أمريكية هدفها الأساسي المعلن في العراق وهو الإطاحة بنظام صدام حسين، ومنذ إعلان الرئيس الأمريكي إنهاء العمليات العسكرية هناك عقب سقوط بغداد، ويعاني العراق من حالة غير مسبوقة من الانفلات الأمني جعلته ملاذاً أمناً للجماعات الإرهابية وتربة خصبة لنموها، ليحل محل أفغانستان - من وجهة النظر الأمريكية- في مهمة تصدير الإرهاب التي كان من أبرز مؤشراتها تزايد معدلات العمليات الإرهابية التي تستهدف المدنيين في العراق ، مما أثار علامات استفهام حول فعالية السياسات الأمريكية في العراق ومدي نجاح واشنطن في تحقيق أهدافها من تلك الحرب التي أثقلت كاهلها والمواطن الأمريكي بل وإلى أي مدى استطاع هذا الانفلات الأمني إيجاد مناخ إقليمي سياسي وإيديولوجي يغذيه، وكانت الإجابة على هذه التساؤلات محل اهتمام العديد من الكتابات العربية والغربية، ومنها كتاب محمد حافظ محور تقريرنا التالي الذي يتناول معضلة البعد الأمني في العراق من خلال الاقتراب من مفاهيم ملتبسة وغامضة ومتعددة التفسيرات مثل الإرهاب والمقاومة المشروعة والجهاد.
محاور وأهداف الكتاب
يثير الكتاب ثلاثة أسئلة رئيسية يحاول الكاتب من خلال الإجابة عليها الوقوف على أبعاد ظاهرة "الانتحاريين" ـ كما يطلق عليها الكاتب ـ لتفسيرها، وتحديد دوائر تأثيرها وتأثرها والتنبؤ بمساراتها.
ويتمثل السؤال الأول في: كيف للعراق الذي لم يشهد قبل الغزو الأمريكي للعراق في 2003 تفجيرات انتحارية، أن يصبح الساحة الرئيسية لهذه العمليات؟. ويرى المؤلف أن الدراسات السابقة أظهرت أن هذا التكتيك القتالي جاء في مرحلة متأخرة من مراحل تطور الجماعات المسلحة، ولكن في حالة العراق فإن هذا الأسلوب كان بمثابة نقطة البداية التي انطلقت منها الجماعات المسلحة على الساحة العراقية، فمع الوضع في الاعتبار أن الاستشهاد في حد ذاته كمبدأ يحظى بالقبول لدي الرأي العام العربي على المستويين الرسمي وغير الرسمي، واستناداً على هذا القبول استفاد المقاتلون في العراق في تبنيهم هذا الأسلوب كأسلوب للمقاومة في العراق، وهذا الأسلوب شائع في تجارب حركات مقاومة معاصرة، ويعلق الكاتب بأن هذه النقطة هي أكثر جوانب الظاهرة التي تُثير الحيرة.
السؤال الثاني يتمثل في: كيف جاءت أغلبية ما يطلق عليهم الكتاب الانتحاريين "Suicide Bombers" في العراق في عام 2006 من غير العراقيين ؟. ويطلق عليهم "محمد حافظ" "الاستشهاديين عبر الحدود". وقد حاول أن يقترب تفسيراً من الإيديولوجية التي تدفع مسلمين للمجيء من دول عربية وأوروبا للقيام بهذه العمليات في العراق. وأرجع "حافظ" السبب إلى أن الحرب في العراق أوجدت مناخاً مناسباً لانتشار وتنامي هذه الظاهرة، وكان ذلك سبباً في بناء جيل ثالث من الشباب المسلم الراديكالي على المستوى العالمي، الإقليمي، والمحلي. ويعلق الكاتب على أن الإجابة على هذا التساؤل يساعد على تفسير الكثير من جوانب الظاهرة خداعاً.
السؤال الثالث يتمحور حول: لماذا تستهدف هذه الهجمات أهدافاً للشرطة العراقية وأهدافاً شيعية ومدنية بجانب الأهداف العسكرية؟. وفي الإجابة على هذا التساؤل يتداخل البعد السياسي والبعد الديني. فبالإضافة إلى الخلاف المذهبي والتاريخي بين السنة والشيعة، إلا أن هذا الخلاف غير كاف للإجابة على التساؤل المثار؛ لذلك يمكن تفسير استهداف أصحاب تيار السلفية الجهادية (الإيديولوجية المحركة للتنظيمات المسلحة مثل القاعدة ) للأهداف الشيعية بناءاً على صراع عقائدي له طابع عنصري، في حين يتمثل البعد السياسي الذي يجيب على هذا التساؤل في أن ظهور الشيعة كمتعاونين مع قوات التحالف واتهامهم بالعمل على خدمة أهداف الاحتلال يجعلهم أبرز أهداف هذه الهجمات، باعتبارهم الوجه المحلي للولايات المتحدة في العراق وامتداداً لفكرة المقاومة المشروعة.
أساليب واستراتيجيات التجنيد
ويُؤكد الكتاب في هذا الصدد على أن التطوعية هي الأساس وليس التجنيد والتعبئة، ويُشير إلى أن ما يقرب من 87% ممن قاموا بهذه الهجمات منذ يناير 2006 من غير معروفي الهوية. ويعزى الكاتب ذلك إلى سببين، أولهما: هو أن أغلب هذه الهجمات تستهدف مدنيين لذا فإن الجماعات الراديكالية لا تعلن مسئولياتها عنها حتى لا يظهروا كمذنبين لقتلهم أهداف بشرية غير عسكرية. والسبب الثاني: يخص الحكومة العراقية، حيث تتفادى في مثل هذه الحالة توجيه اللوم لها بإخفائها هوية هؤلاء.
ويتطرق الكتاب إلى دور العلماء المسلمين، وكذلك دور كلاً من المرجعية الدينية، والسند الإيديولوجي لمن يقوموا بهذه الهجمات . ويقر الكتاب بأنه يجب التسليم مبدئياً بأن هناك مفهومين لا يمكن إدانتهما في العالم الإسلامي، هما: مفهومي الجهاد والاستشهاد في إطار الدفاع عن النفس والوطن ومقاومة المحتل.
ويرى الكاتب أن المعضلة التي وقعت فيها المرجعية الدينية فيما يخص هذه الهجمات، هي أنه سبق وأن كان هذا السند الديني ايجابي الطابع والذي على أساسه بُررت العديد من هذه الهجمات في حالتي الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي واللبناني، لذا كان من غير المفهوم استثناء العراق من هذه المنظور. وعلى ذلك مثل هذا القبول حافز إيديولوجي ومبرر ديني لدي هؤلاء المتطوعين ليقوموا بهذه العمليات.
ويُوضح الكتاب أهمية التفرقة بين الاختلاف داخل التيارات المسلحة في العراق من حيث الأهداف رغم تطابق وسيلة القتال المتبناة؛ ما بين جناح يمثله مقاتلون عراقيون سنة وأخر تمثله جماعات أخرى متطرفة، التي تضم -حتى وقت قريب- غير العراقيين مثل تنظيم القاعدة في العراق، رغم تأكيد المصادر العسكرية على أن العراقيين هم أغلب عناصر التنظيم.
ويُوضح الكتاب أن كلاً من الجناحين يجمعهما هدفاً واحداً وهو محاربة الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية، ولكن بعيداً عن هذا الهدف قصير المدى اختلفت الجبهتان حول الغاية النهائية رغم تماثل الأساليب والمبرر الإيديولوجي. ففي حين يهدف العراقيون السنة إلى إعادة بناء العراق والوصول به إلى وضع سياسي وأمني يخدم مصالحهم، يهدف تنظيم القاعدة إلى التدمير الشامل لنموذج الحكم العراقي القائم بعد الاحتلال مما يؤدي بها إلى مرحلة "الدولة الفاشلة Failed State". وهو المناخ الذي سيهيأ لهم قواعد جديدة بدلاً من أفغانستان لتصبح العراق بالنسبة لهم قاعدة المستقبل.
الرأي العام العربي والعراقي حيال تلك القضية
حاول الكتاب الاقتراب من توجهات الرأي العام العربي والعراقي فيما يخص هذه الظاهرة، ومدى إدراكه لهذه الانقسامات في أهداف وغايات الجماعات المسلحة. فعلى مستوى الرأي العام العربي، مازالت هناك رؤية عامة تتمثل في أن هذه الهجمات هي مقاومة ضد الولايات المتحدة، فبوجه عام ثمة عدم وضوح لدي قطاع كبير من الشعب العربي بشأن أهداف هذه الجماعات، وأن قلة قليلة من المتابعين للوضع العراقي هم من لديهم معرفة وقدرة أكبر على تفهم هذا التداخل، وبشكل أخر فإن القدرة على إدراك هذا التداخل أكبر لدي الرأي العام العراقي الذي يفرق بين "المقاومة المشروعة" وبين "الإرهاب العشوائي". ولكن المشكلة تكمن في معرفة من المسئول الحقيقي عن هذا الإرهاب العشوائي.
ورداً على هذا السؤال، يرى الكاتب أن الولايات المتحدة دعمت الطائفية بكافة السبل؛ لذلك فإن الجماعات العراقية تشتت أهدافها بعيداً عن مقاومة الاحتلال، وهو ما يفسر استهداف الجماعات لأهداف غير أمريكية وغير عسكرية في ظل التبرير الديني للجهاد والاستشهاد كمبادئ مكفولة للمعتدي عليه.
وفي نفس الوقت يُدمر هذا الإرهاب العشوائي أهداف السياسة الخارجية الأمريكية في العراق التي من أبرزها إرساء قواعد نظام سياسي ديمقراطي آمن في العراق، وتحويل العراق إلى حليف لها في منطقة تنتشر فيها الراديكالية القائمة على أساس ديني، والمرشحة لأن تكون الساحة الرئيسية للخطر النووي.
مستقبل العراق في ضوء تلك الظاهرة
وتطرق الكاتب إلى سيناريوهات مستقبل الوضع العراقي في ظل استمرار تلك الظاهرة، ويرى أنه بجانب الخطورة التي تمثلها هذه الهجمات، فثمة مشكلات أخرى قد تكمن فيها بذور هذه الظاهرة لتنمو فيما بعد. ولعل أهمها مشكلة اللاجئين العراقيين سواء في العراق أو دول أخرى، فهذه الفئة من العراقيين هم الأكثر اعتماداً على غيرهم في توفير الحد الأدنى من احتياجات معيشتهم؛ لذا يُعتبرون أكثر الجماعات البشرية عرضة للتحول إلى العنف والانضمام إلى هذه الجماعات المسلحة.
وأبرز دليل على هذه الخطورة هو أن طالبان بدأت على يد مجموعة من اللاجئين في باكستان، لذا لابد من التحرك في اتجاه وضع حل لقضية اللاجئين وتسوية أوضاعهم، وذلك بمساعدة الأمم المتحدة والقوى الدولية الفاعلة لتفادي تحول عناصر من اللاجئين إلى قنابل بشرية.
ومن ناحية أخرى فإن هناك تصاعد على المستوى الدولي لظاهرة المتفجرات البشرية فنجدها في أفغانستان، الجزائر، والصومال ضد القوات الإثيوبية، وفي باكستان وبنجلاديش، خاصة وأن هذا التكتيك القتالي تشوبه هالة من البطولة، لاسيما إذا ما كان ضد القوات الأجنبية المحتلة، إلا أن مستقبل هذه الظاهرة سيؤثر على وجود هذه الجماعات نفسها لأنها في العراق لا تستهدف القوات المحتلة بقدر ما يدفع المدنيين ثمنها، وهو ما سيسيء إلى هذه الهجمات والجماعات التي تتبناها.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن، هو ما هو مستقبل المنضمين إلى هذه الجماعات الراديكالية؟. فإذا ما عادوا إلى بلادهم سيهددونها بخطر انتشار الفكر الراديكالي، يطابق خطر هؤلاء الذين عادوا إلى بلدانهم بعد محاربة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان في الثمانينيات من القرن المنصرم، ليخلقوا في بلدانهم بؤراً للحركات الجهادية التي تهدف إلى التغيير الجذري باستخدام كافة الوسائل ومن ضمنها استخدام العنف.
ويُعد أهم ما يميز الكتاب، هو تنوع مصادر المعلومات التي اعتمد عليها الكاتب والتي ساهمت في إثراء الكتاب والوقوف على كافة جوانب الظاهرة من وجهات نظر مختلفة، مما يُقربها من الشمول والدقة والموضوعية في تحري الظاهرة بأبعادها الإيديولوجية والسياسية والأمنية؛ فقد اعتمد الكاتب على مصادر مثل تقارير الاستخبارات المتاحة، ومعلومات أولية من الجماعات المسلحة في العراق من خلال الاعتماد على الوثائق والتسجيلات المتاحة على شبكة الانترنت، وذلك بإجراء مقابلات مع بعض المسئولين الأمريكيين الذين خدموا في العراق.
السبت يناير 21, 2017 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» قصيده بعنوان كافي
الجمعة ديسمبر 19, 2014 7:50 am من طرف عدنان المعموري
» عن لسان ام الشاعر الراحل رحيم المالكي
الأحد يوليو 06, 2014 1:52 pm من طرف عدنان المعموري
» القصيدة التي أغضبت سلاطين المنطقة الخضراء
الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:44 pm من طرف عدنان المعموري
» قصة مؤثرة عن غيرة النساء
الجمعة يونيو 29, 2012 1:06 am من طرف عدنان المعموري
» أبن شقيق الجعفري يكشف تفاصيل الاعتداء عليه بالضرب من قبل أبن شقيقة المالكي وأقربائه
الأربعاء مايو 23, 2012 12:06 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب / صاحب الضويري
السبت مايو 12, 2012 12:24 am من طرف عدنان المعموري
» خانقين..الوردة البيضاء..مدينة التآخي والسلام
الخميس فبراير 16, 2012 12:16 pm من طرف حسين:خانقين
» هدية لكم جميعا..مع باقات من النرجس من على سفوح جبال كردستان
الخميس فبراير 16, 2012 5:21 am من طرف حسين:خانقين
» الأشعة..منافعها واضرارها وهذا الحديث مع طبيبة اختصاصية في م. خانقين
الخميس فبراير 16, 2012 5:06 am من طرف حسين:خانقين
» دعوة للمشاركة
الخميس أكتوبر 06, 2011 9:22 am من طرف د.مسلم بديري
» قصص قصيرة جدا
الإثنين يوليو 18, 2011 5:00 pm من طرف د.مسلم بديري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» قصيدة (جيش الشيب) للشاعر الشاب سعد السوداني
الجمعة يونيو 24, 2011 11:47 am من طرف عدنان المعموري
» زعلتك صدك
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:22 pm من طرف عدنان المعموري
» يا احبيب /للشاعر صاحب الضويري
الإثنين يونيو 13, 2011 11:49 am من طرف عدنان المعموري
» أكميله للشاعر عارف مأمون
الإثنين أبريل 04, 2011 8:17 am من طرف عدنان المعموري
» كل ساعة انذبح من عرست لليوم وكل ساعة انسحك بجدام تذكارك
الإثنين أبريل 04, 2011 8:13 am من طرف عدنان المعموري
» قراءة الواقع الثقافي في العراق
السبت مارس 12, 2011 1:13 pm من طرف قاسم المعموري
» اشعل فتيلها الكادحون والرافضون للظلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:05 pm من طرف قاسم المعموري